الحب أقوى من أى قانون، الحب أعظم وأمضى من أى فرض، وهكذا بالحب وحده ساد هذا الصوم الذى بدأ اليوم على الكبار والصغار، فمن لا يحب مريم، إنها سيدة نساء العالمين إنها مريم وكفى، مريم وضع إلى جانب اسمها ما شئت من ألقاب فسوف تذهب كل الألقاب وتبقى مريم حلاوة فى الفم وراحة فى القلب. لا نعلم أى راهبة فى ذلك الدير الذى كان قائما على نهر دجلة بالعراق تصلى أمام أيقونتها الجميلة وجاءتها الفكرة، لعل الأمر كان يخصها بمفردها أو كانت هناك حاجة فى قلبها تخصها، وأعلنت أنها تنذر صوما باسم العذراء الطهور، فتتعلق الراهبات الأخريات بها وتعلن مظاهرات الصوم معها، ويطير خبر الصوم الذى تحتار فيها كتب التاريخ والطقس الكنسى التى تضعه بين الأقواس الحمراء وهى تقول «من الأصوام المحببة جداً للمؤمنين، وهو الصوم الوحيد دون سائر الأصوام كلها الذى فرضه الشعب على الكنيسة، وليس العكس، مثل كل الأصوام المفروضة، لذلك نجد ترتيبه فى آخر الأصوام – لأنه بلا قانون - ورغم ذلك لا يحتاج أى من الشعب -صغارا أو كبارا - إلى من ينبهه أو يشجعه على صومه، لأن الجميع يتبارى فى الالتزام به، وبعد أن كان صوماً خاصاً بالعذارى والمتنسكات والراهبات أصبح صوماً عاماً يصومه الجميع بغير استثناء». وبين أقواس أخرى تقول الكتب الطقسية فى غضب «من العجيب والمؤلم فى ذات الوقت أننا نجد كثيرين يفطرون فى صوم الأربعين المقدسة – الذى صامه السيد المسيح نفسه - والبعض يتجرأ ويفطر فى أسبوع الآلام المقدس، لكن لا أحد يجسر أن يفطر فى صوم العذراء»، إنهم غاضبون من حب مريم!!! وهذا يدل على أن الصوم إذا اتخذ طريقه عن حب واقتناع، ارتفع بالروح فوق كل القوانين والفروض، الحب هو كل شيء هذا هو الدرس الذى يقدمه صوم العذراء للجميع حتى إنه يوجد من غير الأرثوذكس بل ومن غير المسيحيين أيضاً من يصومونه لعلاقة قوية تربطهم بالعذراء الأم الحنون. وفى أقواس أخيرة نؤكد «أن صوم العذراء إنما كحاجة شعبية وفرض نفسه على الواقع، حتى صار ضمن الأصوام الرسمية للكنيسة، لم يرد ذكره فى القوانين الكنسية التى اهتمت بتنظيم الصوم حتى القرن الحادى عشر الميلادى ولم يدرج فى كتب التاريخ الكنسى حتى ذلك التاريخ». ويؤكد ذلك عدم وروده فى قوانين البابا خرستوذولس البطريرك ال 66 فى سلسلة تاريخ البطاركة، كما لم تنص عليه قوانين الصوم للبابا كيرلس البطريرك ال67 القرن الحادى عشر، ويعد الشابشتى أول من ذكر هذا الصوم من غير القبط، وذلك فى كتابه «الديارات».