سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر وفرنسا تاريخ حافل من التعاون العسكري.. تعيين مستشارين للملحق العسكري في القاهرة أثناء حرب الاستنزاف.. مناورات عسكرية مشتركة بأسماء فرعونية.. و"الرافال" صفعة جديدة على وجه "المعونة الأمريكية"
حلقت 3 طائرات رافال، في سماء القاهرة، ظهر أمس الثلاثاء، احتفالاً بوصول الطائرات الفرنسية المقاتلة، والتي تَسلمتها مصر، أول أمس الإثنين، والتى تعتبر من أفضل إنتاج مجموعة "داسو" للصناعات الجوية، في حفل أقيم في قاعدة "إيستر" الجوية، جنوبفرنسا. وشملت الدفعة الأولى، 3 مقاتلات، عليها العلم المصري، وذلك استعدادًا للمشاركة في احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة. يذكر أن مصر كانت تعتمد اعتمادًا كليًا على التسليح العسكري الأميركي، لتسليح الجيش، من طائرات، وأنظمة دفاع جوي، وغيرها من الأسلحة والعتاد العسكري، والجزء الأكبر من المعونة الأميركية لمصر، يذهب لتسليح الجيش، إلى أن جاءت صفقة طائرات الرافال الفرنسية، لتفتح صفحة جديدة في تنوع مصادر السلاح للجيش المصري، بعد نحو 37 عامًا، من التعاون العسكري المصري مع الولاياتالمتحدة. تعاون قديم: ترتبط العلاقات العسكرية "الفرنسية - المصرية"، بتاريخ البلدين، فمنذ نهاية حملة نابليون بونابرت على مصر في عام 1798، استعان محمد على باشا "1849 - 1769"، مؤسس الأسرة العلوية الملكية التي حكمت مصر حتى 1952، بضباط فرنسيين، عندما أراد تأسيس جيش مصري حديث، وبحرية مصرية حديثة، تنامى هذا التأثير الفرنسي في المجال العسكري، من خلال عدة إسهامات أخرى منها البريطانية، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، والسوفيتية، حينما تقرب الرئيس جمال عبدالناصر من موسكو في منتصف عام 1950، ثم الأمريكية ابتداءً من اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، واتفاقية السلام مع إسرائيل. كان محمد على، كرجل عسكري ومحارب، أساسًا، يدرك أهمية القوة العسكرية في مظاهرها المختلفة، ومن هنا اتجه إلى بناء قوة عسكرية ذاتية نظامية، ففي عام 1820، أعاد المحاولة مرة أخرى، فقام بفتح مدرسة لهذا الغرض في أسوان، بعيدًا عن جو المؤامرات في القاهرة، واستقدم للمدرسة ضباطًا ومعلمين ذوي خبرة من الأوروبيين، واعتمد على أحد ضباط الجيش الفرنسي، كولونيل سيف، المعروف ب"سليمان باشا الفرنساوي"، وحيث لاقي الكولونيل سيف متاعب جمة في تدريب عسكر المماليك، على النظام والطاعة المطلقة، حتى فكروا في اغتياله أكثر من مرة، حتى انتهى من تدريبهم بعد ثلاث سنوات وتكونت بهم الهيئة الأولى للضباط. اسمه الحقيقي «أوكتاف جوزيف انتلم سيف»، ولد في مدينة ليون الفرنسية عام 1788، وهو الذي أسند إليه محمد على باشا في عام 1819، مهمة تكوين جيش مصري على الأسس الأوروبية الحديثة، وسلمه مائة مملوك في عام 1820، كنواة أولى في تكوين هذا الجيش المصري، في أسوان، كأول مقر لأول مدرسة حربية للضباط في مصر، أنشأ الكولونيل سيف هذه المدرسة، وظل يدرب طلابها على مدي ثلاث سنوات إلى أن تخرجوا كأول دفعة من الضباط في الجيش المصري. كان الكولونيل سيف، هو المساعد الأيمن للقائد إبراهيم باشا، ابن محمد على باشا، وخاض معه كل حروبه في «المورة»، و«الشام»، و«الأناضول»، وظل يترقي، حتى وصل إلى منصب «رئاسة الجهادية»، وهو ما يعادل «وزارة الحربية» الآن، وبقي في منصبه هذا خلال عهد كل من محمد على باشا وإبراهيم باشا وعباس الأول وسعيد، وكان الكولونيل سيف قد دخل الإسلام، واختار له محمد على باشا اسم «سليمان»، ومنحه لقب بك في البداية، وقال عنه لقد خرج سليمان من صلبي، وكأنه أحد أبنائه. بعثات عسكرية فرنسية: في 1971، وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ومصر، بثمانٍ سنوات، تم فتح بعثة عسكرية بسفارة فرنسابالقاهرة، مع تعيين مقدم من القوات الجوية لملحق للقوات المسلحة الفرنسية في مصر. منذ ذلك الحين، حافظت فرنسا ومصر على علاقات عسكرية بينهما، أكثر قوة، وترتكز على عدة اتفاقات ثنائية، خاصة اتفاق التعاون العسكري والفني الذي وقع عليه بالأحرف الأولى كل من "المشير طنطاوي" واليو- ماري، وزيرة الدفاع الفرنسية، أثناء زيارتها للقاهرة في 30 يونيو 2005، مما أعطى دفعة جديدة في العلاقات العسكرية بين البلدين. تعاون متنوع: يتم التخطيط والتنسيق في مختلف أنشطة التعاون في إطار لجنة عسكرية مشتركة تجتمع سنويًا، تم تشكيلها عام 1988، يرأسها من الجانب الفرنسي نائب رئيس العلاقات الدولية في هيئة أركان حرب القوات المسلحة «SCRI»، ولقد عقدت آخر دورة للجنة المشتركة، «وهي التاسعة»، في باريس من 6 إلى 8 فبراير 2007، في المتوسط، تشمل الخطة السنوية للتعاون العسكري بين مصر وفرنسا على أكثر من 70 نشاطًا، من أنشطة التعاون، فهي تتضمن كل الأوجه المتعلقة بعلاقات الدفاع، سواءً فيما يخص مجالات التأهيل والتبادلات والتدريبات والتجهيزات أو الحوار الاستراتيجي. مناورات وتدريبات عسكرية: تجري القوات المسلحة المصرية والفرنسية تدريبين ثنائيين مرة كل عامين على الأراضي المصرية، فيما يتعلق بالتدريبات البحرية "كليوباترا"، التي تقام في الأعوام ذات الأرقام الزوجية، فهي تشترك فيها قوات البلدين البحرية مع إمكانية مشاركة دول أخرى فيها، أقيمت آخر تدريبات بحرية من هذا النوع على سواحل الإسكندرية في الفترة من 18 مارس إلى 2 أبريل 2006. CAMAS: يعقِد الاجتماع «CAMAS» الفرنسي - المصري سنويًا، بباريس، ويشارك فيه وفد مصري هام، بقيادة وزير الدفاع المصري، ورئيس الأركان. وأتاح آخر لقاء الذي عقد في ديسمبر الماضي، وحضره وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، التطرق إلى كل مواضيع التعاون، إضافة إلى تسليط الضوء على العلاقة المتميزة القائمة، بين مصر وفرنسا في مجال الدفاع. نفرتاري: أما فيما يتعلق بالتدريبات الجوية، يتم إجراء تدريبات ثنائية تحمل اسم "نفرتاري"، وكان آخرها التدريبات التي أجريت من 29 أكتوبر إلى 12 نوفمبر 2006. «برايت ستار- النجم الساطع»: أما بالنسبة للأعوام ذات الأرقام الفردية، تشارك فرنسا في جميع تدريبات «برايت ستار- النجم الساطع»، متعددة الجنسيات التي تُجرى على الأراضي المصرية. تأتي مناسبات أخرى عديدة للتبادل العملياتي، وكذلك لقاءات متميزة عند مرور سفن تابعة للبحرية الوطنية إلى الموانئ المصرية أو مرورها في قناة السويس. «كيلوباترا» 2009: أُجريت التدريبات البحرية "كيلوباترا 2009"، التي تعد نقطة حيوية في تعاوننا مع مصر في عام 2009، بالإسكندرية من 10 إلى 22 مايو 2009، شارك الجانب الفرنسي في هذه التدريبات لاسيما من خلال الفرقاطة «جان بارت Jean Bart»، و«السميرية Cdt ducuing»، ومروحية محمولة، وطائرة دورية بحرية. «كليوبترا» 2012: أُجرِيَ التدريب الجوي البحري المصري الفرنسي «كليوبترا»، الذي يتم تنظيمه كل عامين، من 8 إلى 13 ديسمبر 2012 بالإسكندرية، وشهد هذا التدريب مشاركة فرقاطات، وسفن دورية مصرية وفرنسية، هذا إضافة إلى غواصة مصرية وطائرتين مقاتلتين من طراز أف 16 مصريتين. وعزز حضور الفريق فيشو، مستشار رئيس أركان القوات البحرية للعلاقات الدولية، من شأن هذا التريب، وبهذه المناسبة، زار السفير الفرنسي، السيد نيكولا جاليه، الإسكندرية، والتقى، على هامش هذا التدريب، بمحافظ الإسكندرية، ويثبت من جديد سير هذا التدريب على نحوٍ جيد تميز العلاقات الثنائية في مجال الدفاع بين القوات البحرية في البلدين، حيث تم إجراء تدريب «كليوبترا» في مدينة تولون في عام 2014. أسلحة فرنسية في الجيش المصري: هناك جزء كبير من تجهيزات القوات المسلحة المصرية، منذ منتصف السبعينيات، فرنسي الصنع، «طائرات الميراج، والألفاجيت، والمروحية غازال، وأجهزة الاتصال، والإشارة.. إلخ»، كما أن هناك حوار دائم بين البلدين في مجال التكنولوجيا، وصيانة المعدات وتبادل الخبرات، وبالنسبة للجانب الفرنسي، يتم متابعة هذا الجانب من جوانب التعاون بشكل خاص، من خلال الوفد العام للتسليح، «DGA»، الذي يتبع وزارة الدفاع. ويرتكز التعاون العسكري، بين البلدين أيضًا على الحوار الاستراتيجي، الذي يسمح بتبادل الرؤى، وتحليلات القضايا الدولية الكبيرة، والأزمات الإقليمية.