أحمد الحسيني عرابي قائد عسكري وزعيم مصري . . قاد الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق.. ووصل إلى منصب ناظر الجهادية (وزارة الدفاع حاليًا).. وكان أميرلاي (عقيد حاليًا) وأتم تعليم القرآن، ويعد من أول الأشخاص الذين قادوا الجيش المصري للثورة على الحاكم من أجل مطالب الشعب . ولد أحمد عرابي في 31 مارس 1841 في قرية هرية رزنة بمديرية الشرقية.. تعلم القرآن الكريم وأرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني حتى عام 1849 ثم التحق بالمدرسة الحربية. ارتقى عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة، حيث أصبح أميرلاي (عميد) في سن العشرين، شارك في حروب الخديوي إسماعيل في الحبشة وكان يعتبر أحد المصريين القلائل الذين وصلوا الى هذه الرتبة بسبب انحياز قادة الجيش وناظر الجهادية إلى الضباط الشركس والأتراك . كان أول ظهور حقيقي لاسم عرابي على الساحة حين تقدم مع مجموعة من زملائه مطالبين الخديوي توفيق بترقية الضباط المصريين وعزل رياض باشا رئيس مجلس النظار وزيادة عدد الجيش المصري.. لم يتقبل الخديوي هذه المطالب وبدأ في التخطيط للقبض على عرابي وزملائه حيث اعتبرهم من المتآمرين. تنبه عرابي للخطر وقاد المواجهة الشهيرة مع الخديوي توفيق يوم 9 سبتمبر 1881 فيما يعد أول ثورة وطنية في تاريخ مصر الحديث والتي سميت آنذاك هوجة عرابي . وفي سابقه للجيش المصري بالوقوف بجانب الشعب دائمًا لتحقيق مطالبه قام عرابي برفض الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى “,”يعقوب سامي باشا“,” وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299 ه 17 يوليو 1882م)، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية . كان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين عمر لطفي محافظ الإسكندرية بدلاً منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفرالدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفرالدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل . في 6 رمضان 1299 ه 22 يوليو 1882م، عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلاً عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة . في الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم “,”محمد عليش“,” و“,”حسن العدوي“,”، و“,”الخلفاوي“,” بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده. وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف ولم يكتفوا بهذا بل جمعوا الرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد. وقد قام العمدة محمد إمام الحوت عمدة الصالحية شرقية والعمدة عبدالله بهادر عمدة جهينة جرجاوية ببث الحماسة في الناس وجمع ما يستطيعون من الرجال والسلاح لدعم الدفاع عن البلاد. وقدم العمدة عبدالله بهادر نحو 600 مقاتل من رجال جهينة المعروفين بالبأس والشجاعة و140 فرسًا و74 بندقية والعديد من الأسلحة الأخرى، وكميات كبيرة من الغلال وقدم العمدة محمد إمام الحوت نحو من 40 مقاتلاً بعددهم وعتادهم، وقدم سليمان زكي حكيم من أعيان مركز طوخ 41 فرسًا وأحمد حسني مأمور مركز ميت غمر قدم 33 بندقية.. إغلاق ترعة السويس (اسم قناة السويس آنذاك). معركة “,”القصاصين“,” في 28 أغسطس 1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غربًا في محافظة الإسماعيلية بقيادة جنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزُل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرًا فوصلته الساعة 8:45 مساءً، ما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي. بعد أن جاء الجيش البريطاني من الإسماعيلية اشتبك مع الجيش المصري في معركة حامية عند القصاصين وقد كاد أن ينتصر الجيش المصري لولا إصابة القائد راشد حسني . ومن ثم واصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق، حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ثم انتقلت إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصر نفس اليوم، وكان ذلك بداية الاحتلال البريطاني لمصر الذي دام 74 عامًا . احتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت بإعدامه. وتم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة (بناءً على اتفاق مسبق بين سلطة الاحتلال البريطاني والقضاة المصريين) إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان). انتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي، لورد دوفرن، إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة أحمد عرابي وعلى عدم إعدامه . قام الأسطول البريطاني بنفيه هو وزملائه عبدالله النديم ومحمود سامي البارودي إلى سريلانكا سيلان سابقًا، حيث استقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات. بعد ذلك نقل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة وتم عودة أحمد عرابي بعد20 عامًا، ومحمود سامي البارودي بعد18 عامًا، وعاد عرابي بسبب شدة مرضه، أما البارودي لاقتراب وفاته وإصابته بالعمى من شدة التعذيب. أما عن من ساندوا عرابي أو قاتلوا معه أو حرضوا الجماهير على القتال من العلماء والعمد والأعيان فقد كان الحكم أولا بقتل من اسموهم برؤوس الفتنة من هؤلاء وعزل الباقين ثم خفف لعزل الجميع فعزلوا من مناصبهم وجردوا من نياشينهم وأوسمتهم. ولدى عودته من المنفى عام 1903 أحضر أحمد عرابي شجرة المانجو إلى مصر لأول مرة . وتوفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911 بعد أن سعى جاهدًا الى تحقيق كل مطالب الشعب كنوع من أنواع تضامن الجيش مع الشعب ويعد هذا سببًا من أسباب حب الشعب للجيش منذ القدم .