فتحت محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم، المجال واسعاً للحديث عن عودة عنف التسعينات من جديد، ماهى تلك الجماعات التى يبدو من خلال جملة من الملامح الفكرية والمنهجية والأيديولوجية التي تؤمن بها، أنها هي مرتكب الجريمة الأول، وهي المرشح الأول لارتكاب عنف مسلح خلال الأيام المقبلة، وذلك لعدة أسباب أولها: أن جماعة الإخوان أعطت غطاء سياسياً للتكفيريين لممارسة العنف، بالإضافة لانتشار الفكر التكفيري بعد ثورة 25 يناير بشكل غير مسبوق، والترهل الأمني الذي كان خلال فترة حكم مرسي، وما أتبعه من الانقلاب على المراجعات الفكرية التي دارت فى سجون مبارك، وفضاء الإنترنت الذي أنتج جيلاً جديداً من الجهاديين أو التكفيريين الجدد. . في خطوة لها دلالات خطيرة، نشرت مؤسسة “,”الشام“,”، وهي مؤسسة تعبر عن لسان الحركات الجهادية في العالم، قبل محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم، خريطة تبين حدود ما يسمى “,”الدولة الإسلامية في العراق والشام“,”، وتشمل بالإضافة إلى العراق وسورية والأردن ولبنان، أجزاء من المملكة العربية السعودية وأخرى من مصر أيضاً، وتحتها تعهد بأن تكون أرض الكنانة تحت قيادة أبوبكر البغدادي قائد التنظيم، مما يؤكد أن تنظيمات السلفية الجهادية ستبدأ دورة جديدة من العنف المسلح . ولعلنا فيما سبق نتذكر كيف أن حركة “,”أنصار الشريعة“,” التي يقودها أحمد عشوش، أصدرت وثيقة الإنشاء للطليعة السلفية المجاهدة، أكدت فيه أن الطليعة مهمتها هي إقامة الخلافة الإسلامية، ودعم جماعات المجاهدين، والقضايا الإسلامية، وتحقيق التوحيد الخالص، وأكدت عبر موقعها على وثيقة “,”نصرة الإسلام“,” التي أصدرها أيمن الظواهري، والتي دعا فيها لتحرير ديار المسلمين، والدعوة للتحاكم للشريعة، والعمل على إقامة الخلافة . إن خريطة مؤسسة الشام، ووثيقة حركة أنصار الشريعة وطليعتها، تنفي ما سبق أن طرحه أسامة قاسم القيادي الجهادي حول تفكيك تنظيم الجهاد، وأثبتت أن ما طرحه قاسم، لا يحمل سوى رؤيته الخاصة كمقترح وفكرة يعرضها على العموم، ولكن تنظيم الجهاد سيبقى لأن له قيادات فى الخارج والداخل لهم رأيهم المعتبر، فضلاً عن أن جماعة الجهاد هى عبارة عن خلايا على رأس كل منها قائد ينفذ أجندته الخاصة . عاد تنظيم القاعدة في شكل جماعات جهادية جديدة، وانتشر الفكر التكفيري عقب ثورة 25 يناير بشكل لم يسبق له مثيل، والبيانات المتوالية للتيار السلفي الجهادي، والتي ظهرت فجأة في مصر بعد نظام مبارك، يمكن أن تصل بنا إلى أنه لا تعارض مطلقًا بين مدى استمرارية أفكار بن لادن، ومدى التحولات التي يمكن أن يكون عليها هذا التنظيم بعد تلك التغييرات السياسية التي حدثت في مصر، وهذا المحدد الحقيقي أن القاعدة وتنظيماتها الفرعية طوال تاريخها تعتمد على البحث عن نقطة ارتكاز آمنة للتنظيم والانطلاق منها، والتي من المرجح أنها أصبحت سيناء،التى لاقت ترهلاً أمنياً دفع هذه الجماعات للتوغل والانتشار . تعتبر تنظيمات سيناءوغزة، من أبرز الأمثلة على انتشار الحركات المسلحة الجديدة، التي هي في الأصل، محاولة توفيقية خاطئة للتكفير وأقوال السلف الصالح . جماعات غزةوسيناء متماثل بعضها مع تنظيم «القاعدة» عقائدياً، ومنها لجان المقاومة الشعبية «كتائب الناصر صلاح الدين»، ومؤسسها جمال أبو سهدانة، ثم تنظيم جيش الإسلام بقيادة ممتاز دغمش، وتنظيم جند الله الذي يرأسه أبو قصير المقدسي، ومجلس شورى المجاهدين «أكناف بيت المقدس»، وأخيراً تنظيم جيش الأمة بقيادة أبي النور المقدسي الذي قتلته حماس في مسجد ابن تيمية في رفح . وحين قارب عام 1997 على الانتهاء كانت الجماعة السلفية الدعوية، «أهل السنة والجماعة» قد نشأت في سيناء، ومنها تفرعت خلايا الجماعات الجهادية، حتى وجدت منها جماعات منظمة، بدأت خطواتها الأولى جماعة التوحيد والجهاد، بقيادة خميس الملاخي من بدو سيناء، وكانت عملية طابا عام 2004 من أبرز عملياتها، وعام 2006 نفذت عملية شرم الشيخ . وظهر تنظيم مجلس شورى المجاهدين، «أكناف بيت المقدس»، وهو تنظيم جهادي سلفي، يسعى في المقام الأول إلى مقاتلة إسرائيل فقط بعدد من الوسائل، منها تفجير خطوط الغاز المتجهة إليها، وإطلاق الصواريخ عليها من داخل سيناء، ويتكون من مصريين وفلسطينيين. أما تنظيم «أنصار الجهاد»، فهو أحد نماذج «القاعدة» وظهر عقب الثورة المصرية، وما تبعها من تدهور أمني، ويتكون في معظمه من المصريين من أبناء سيناء وغيرها من المحافظات المصرية، إضافة إلى وجود بعض الأعضاء السابقين في تنظيم «الجهاد» الذين خرجوا من السجون، ويريدون إقامة إمارة إسلامية من طريق طرد الجيش والشرطة من سيناء، والاستيلاء على المقار الأمنية . وبرزت تنظيمات كبرى في سيناء أهمها «التوحيد والجهاد»، وهو تنظيم جهادي متطرف شديد العنف، يقترب إلى الفكر التكفيري . كما ظهر انصار بيت المقدس الذين أعلنوا انهم مسئولون عن محاولة اغتيال وزير الداخلية، ما يؤكد أن العنف سيستمر، وأن حقبة التسعينات عادت من جديد