هو فارس الدبلوماسية العربية، وعميدها على مدى أربعين عاما قضاها وزيرا لخارجية المملكة العربية السعودية، ظل مساندا وداعما لمصر حتى الرمق الأخير.. ولا يمكن أن ينسى الشعب المصري وقفته المشرفة لنصر في ازمتها الأخيرة ابان ثورة 30 يونيو حينما طاف وجاب دول العالم مدافعا عن مصر وثورتها.. أنه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود الذي وافته المنية اليوم بعد صراع مرير مع المرض. ميلاد الأمير.. ومسيرة حياته ولد الأمير سعود الفيصل بن عبد العزيز آل سعود وزير خارجية المملكة العربية السعودية السابق في عام 1940، وتولى وزارة الارجية السعودية بين عامى 1975 إلى عام 2015 حصل الأمير الراحل سعود الفيصل على شهادته الجامعية من جامعة بريستون في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث حصل على بكالريوس الاقتصاد في عام 1963. وبعد إنهاء دراسته الجامعية عمل مستشارًا في وزارة البترول السعودية، وفي عام 1970 تم تعيينه محافظًا لبترومين، إلى أن جاء عام 1975 وتم إصدار أمر ملكى بتعيينه وزيرًا لخارجية المملكة العربية السعودية، وكان ذلك بعد وفاة والده الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، حيث كان حينها يشغل منصب وزير الخارجية السعودية. ومن أهم المناصب التي حصل عليها الأمير الراحل سعود الفيصل، عضو في المجلس الأعلى للبترول، وعضو مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل، وكان أيضا رئيس مجلس إدارة مدارس الملك فيصل، والعديد من المناصب العليا الأخرى، هذا إضافة إلى إتقانه العديد من اللغات. و على صعيد حياته الخاصة، فهو متزوج من الأميرة الجوهرة فيصل بن عبدالله بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود. وعدد أبنائه 6 منهم 3 أبناء و3 بنات وهم، الأمير خالد بن سعود بن فيصل آل سعود، الأمير محمد بن سعود بن فيصل آل سعود، الأميرة لما بنت سعود بن فيصل آل سعود، الأميرة هيفاء بنت سعود بن فيصل آل سعود، الأميرة ريم بنت سعود بن فيصل آل سعود. يذكر أن الأمير الراحل كان له العديد من المواقف تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها مصر، ودعم الحكومة والجيش والشعب المصرى على مواجهة الفكر المتطرف. مواقف لا تنسى للأمير سعود الفيصل وتتعدد المواقف في حياة "الفيصل" الدالة على حزمه في التعامل مع الملفات المهمة والحساسة، منها قيامه في مايو من عام 1985 بزيارة طهران في زيارة رسمية هدفت للتركيز على مسألة الحجاج الإيرانيين، وكذلك مطالبته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، لدى شغلها المنصب بين عامي 2005 و2009، بالتركيز على قضايا أساسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومن بين المواقف التي تتسم بالصرامة كان استياؤه لعمليات التدقيق المالي التي تعرضت لها السفارة السعودية في واشنطن، واعتبر أن سلوكيات المدققين "غير ملائمة وعدائية"، معلنًا أن السفارة السعودية تتمتع بالحماية الدبلوماسية. وفي عام 2004، أكد "الفيصل"، أن المصدر الأساسي للمشكلات في الشرق الأوسط ليس المسلمين وإنما "انعدام العدالة" في المنطقة، قبل أن يدفع في مارس 2012 باتجاه تسليح المعارضة السورية، معتبرًا أن الواجب يقضي بدعمهم من أجل الدفاع عن أنفسهم ضد العنف الدموي اليومي الذي تمارسه القوات السورية المسلحة، كما أنه كان يشجع العراقيين على الدفاع عن سيادة بلدهم. ودعا "الفيصل" الائتلاف الدولي الذي ينفذ ضربات جوية ضد مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي في سورياوالعراق إلى مواجهة هذا التنظيم على الأرض، محذرًا من تنامي دور إيران في العراق، متهمًا طهران بفرض سيطرتها عليه عن طريق مساعدته في الحرب ضد التنظيم المتشدد. وتميز وزير الخارجية السابق بالوقوف الحاسم ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وميوله العربية القومية، وكان يوصف بأنه كان يعارض أكثر من غيره أية مقترحات إسرائيلية، كما نجح في قيادة الجهود السعودية لإعادة تحسين صورتها الدولية بعد هجمات 11 سبتمبر في كل من نيويوركوواشنطن. ولعل من أحدث مواقف "الفيصل" رده على رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، مبديًا تحفظه على الرسالة، مشيرًا إلى أن روسيا جزء من مآسي الشعب السوري عبر دعمها للرئيس بشار الأسد، كما لا ينسى الجميع كلمته لدى انطلاق "عاصفة الحزم" حين قال: "نحن لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قُرعت طبولها فنحن جاهزون لها. مراحل ومحطات الأمير سعود الفيصل ويظل الامير سعود الفيصل من أهم وأبرز وزراء الخارجية العرب أصحاب التاريخ في قيادة الدبلوماسية السعودية، والتأثير في الدبلوماسية الخليجية، العربية، والعالمية طيلة أربعة عقود قضاها على رأس الدبلوماسية السعودية وزيرًا لخارجية المملكة العربية السعودية (1975 2015م) عاصر خلال هذه الفترة الزمنية المهمة ملوك ورؤساء ووزراء خارجية رسموا تاريخ المنطقة والعالم، كما عاصر أحداث جسام ومنعطفات تاريخية مرت على منطقة الخليج والعالم العربي. سمو الأمير سعود الفيصل الذي تسلم راية الدبلوماسية السعودية من والده جلالة الملك الراحل الفيصل بن عبد العزيز وعمل وزيرًا للخارجية في عهد جلالة الملك خالد بن عبد العزيز، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يرحمهم الله برحمته)، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (يحفظه الله ويرعاه)، وعاصر قيام مجلس التعاون الخليجي، وحرب الخليج الأولى، والاعتداء الإسرائيلي على لبنان في مطلع ثمانينيات، وحرب الخليج الثانية التي اجتاحت خلالها قوات صدام حسين الكويت ثم الجلاء عنها بفضل الجهود والمواقف التي قادتها المملكة العربية السعودية، ثم الحرب التي اسقطت صدام حسين، وشهد الحرب الأهلية في لبنان التي أوقفتها جهود المملكة في مؤتمر الطائف، وكذلك التطورات التي شهدتها اليمن على فترات مختلفة مثل حرب عام 1994م، والوحدة اليمنية، ثم المبادرة الخليجية التي أنهت حكم الرئيس المخلوع على عبد الله صالح، وبعد ذلك الانقلاب الحوثي وتطوراته التي أدت إلى عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل ومازالت التداعيات مستمرة، كما شهد الأمير سعود الفيصل فترة انتقال الجامعة العربية إلى تونس ثم عودتها إلى القاهرة.. أي عاصر مراحل مختلفة من التحديات، ومن العمل العربي المشترك بكل صوره وتطوراته على مدى أربعة عقود، كان فيها سمو الأمير سعود الفيصل صاحب رؤية ومواقف تعبر عن سياسة المملكة العربية السعودية حول مختلف الدوائر الخارجية، وجسد خلالها رؤية ومواقف وسياسة ملوك المملكة العظام، وفي كل ذلك كان يستفيد من نشأته، ودراسته، وخبرته، وثقافته، وحجم وثقل دولته، ورؤية قادته، فهو الذي ولد في عام 1940م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون في نيو جيرسي بالولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1963م، ثم تدرج في العمل الحكومي بالمملكة وبدأ بوزارة البترول والثروة المعدنية، ثم مستشارًا اقتصاديًا لها، وانتقل إلى المؤسسة العامة للبترول ثم نائبًا لمحافظ بترومين لشئون التخطيط عام 1970م، ثم وكيلًا لوزارة البترول والثروة المعدنية في عام 1971م، وفي عام 1975 صدر المرسوم الملكي بتعيينه وزيرًا للخارجية. وقد نهل سمو الأمير سعود الفيصل من معين والده الملك فيصل بن عبد العزيز صاحب الرؤية السياسة غير العادية وصاحب الحنكة والتجربة والذي يعد علامة فريدة من علامات القرن العشرين والذي ظل يحتفظ بوزارة الخارجية وهو ملك إلى إن أستشهد في العام 1975م، كما نهل من ثقافة والدته سمو الأميرة عفت بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود (1915 2000م)، وهي يرحمها الله رائدة التعليم النسائي في المملكة حيث أسست مدرسة دار الحنان لتعليم البنات عام 1955م. كل ذلك ساعد على تشكيل الثقافة الدبلوماسية والسياسية للأمير سعود الفيصل شهادات وزراء خارجية دول العالم بحق الأمير سعود الفيصل تحدث عنه معاصروه من وزراء الخارجية العرب والأجانب، وحظي بما لم يحظ به غيره من كلمات وداعية بعد أن ترك سموه منصبه في وزارة الخارجية حيث قالوا عنه: مخائيل جورباتشوف " لوكان لدى رجل كسعود الفيصل، ما تفكك الاتحاد السوفيتي"، وقال الشيخ محمد بن زايد" من وصف الأمير سعود الفيصل بأنه كيسنجر السياسة العربية فقد ظلمه، فهو سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية"، وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة" لقد كان خلال الفترة الصعبة التي مرت بها البحرين عام 2011م يعتبر وزير خارجية البحرين إضافة إلى عمله"، وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: " إن الدوائر السياسية ستفتقد الأمير سعود الفيصل كثيرًا.. وسأواصل الحصول على نصائحه.. ولم يكن الأمير سعود الفيصل أقدم وزير خارجية في العالم فقط، بل أكثر وزراء خارجية العالم حكمة"، وقال وزير الخارجية الفرنسي الأسبق دو شاريت: " الأمير سعود الفيصل كان شريكًا صلبًا وثابتًا ومن غير أن يتخلى أبدًا عن الكياسة واللطف في التعاطي مع الآخرين "، وقال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية " إن هذا الرجل الفاضل لو كان مثله من العرب ألف، قطعًا سنكون في وضع أفضل.. إن مدرسة الفيصل تتسم بالتعقل البالغ والآراء الرصينة القوية.. كان قويًا حين يحتاج الأمر إلى القوة وكان إنسانًا حين يحتاج الأمر لمواقف إنسانية، وكان دبلوماسيًا إذا احتاج الأمر لمواقف دبلوماسية وكان خبيرًا إذا احتاج الأمر لخبرته"، وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين " كان الأمير سعود الفيصل مصدر اطمئنان لكل القادة الفلسطينيين عندما يكون حاضرًا في أي اجتماع يخص القضية الفلسطينية حيث كانوا يعتبرونه صوت فلسطين العالي"، وقال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الأسبق " لقد لعب الأمير سعود الفيصل مع وزير خارجية مصر آنذاك كمال حسن على دورًا مهمًا في حماية الفلسطينيين في لبنان وتأمين خروج ياسر عرفات بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان في مطلع الثمانينيات".