سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"البوابة نيوز" تحلل ظاهرة تسول الأطفال.. هلال: زادت بعد ثورة يناير وعصابات تتحكم في تشغيلهم.. الألفي: ظروفهم صعبة ومدفوعون من أهاليهم.. عز الدين: ثقافة الشارع تفرض عليهم تبني أساليب الإلحاح
مع اقتراب شهر رمضان على الانتهاء وقرب حلول العيد ازدادت ظاهرة تسول الأطفال وهى ظاهرة ليست بجديدة على المجتمع المصرى، حيث اعتدنا رؤية أطفالنا يتجولون الشوارع أو نائمين على الأرصفة، لكن الجديد هو تفنن أولئك الأطفال في أساليب الشحاذة مما يوجب علينا أن نتوقف أمام هذه الظاهرة. يقول الدكتور إبراهيم عز الدين، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة 6 أكتوبر إن السمات التي يتصف بها أطفال الشوارع ذات خصوصية، حيث إن طفل الشارع يعتبر بمثابة رجل يكافح في سبيل كسب الرزق والحصول على أدنى أساسيات الحياة من طعام وشراب، مضيفا أن وصول هؤلاء الأطفال لهذه الدرجة من التبجح والتفنن في أساليب التسول والشحاذة جاء نتاج أسباب عديدة، فهذا الطفل يكتفي بالثقافة التي اكتسبها من الشارع فهو لم يجد أبا يحنو عليه أو أم توضح له أساليب التأدب وتفرق مابين الصواب والخطأ. وأكد عز الدين، أن الأطفال في الشارع يعتمدون على الثقافة والخبرة المتراكمة، فهم يسيرون على خطى معلميهم، حيث يعيش هؤلاء الأطفال عادة في مجموعات مع بعضهم البعض كما يتبنون ثقافة الشارع التي تفرض عليهم تبني أساليب التبجح والإلحاح في طلب الشيء. وأضاف عز الدين، أن أعداد هؤلاء الأطفال كبيرة وفي ازدياد مستمر على عكس ماتعلنه إحصائيات وزارة التضامن، مؤكدا أن هذه الزيادة الكثيفة جاءت بسبب افتقار هؤلاء الأطفال للرعاية والمتابعة المستمرة، فلا يوجد حل للمشكلات التي تبرز هذا الفصيل من الأطفال، من ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع المصري وعدم الحد من مخاطر المناطق العشوائية التي أصبحت في تزايد مستمر. وتابع عز الدين، إن هؤلاء الأطفال وأسرهم ضحايا لمجتمع فقد أفراده القدرة على الإحساس بالمسئولية الذاتية، حيث يجب على جميع أفراد المجتمع التكاتف سويا للحد من ظاهرة الفقر ولو بشكل بسيط والتي تعتبر المسئول الأول عن إبراز الأطفال بهذا الشكل، فالأديان السماوية جميعها تحثنا على الاهتمام بالأطفال والفقراء وتقديم يد العون إليهم على قدر المستطاع. وقال هانى هلال، رئيس مركز حقوق الطفل المصرى، إن أسلوب الإلحاح في الطلب يزيد بشكل كبير في شهر رمضان الكريم استغلال لطبيعة الشعب المصري الخيرة والتي تزداد خلال الشهر الفضيل. وأشار هلال، إلى أن هؤلاء الأطفال غير مسئولين عما وصلوا إليه فهم ضحايا عصابات الأطفال التي تتحكم في ظاهرة التسول وتقوم بدور المعلم الذي يكسب الطفل ثقافات عدة وأساليب مختلفة يتعاملون بها مع الشارع فالأطفال بطبيعتهم ليس لديهم الوعى الكافي لتبني تلك الأساليب بحرفية تامة، مضيفا أن جميع القضايا التي شهدها المجتمع المصرى يكون المتهم الأول فيها عصابات الأطفال. وأكد هلال، أن الأرقام التي أعلنتها الوزارة كإحصائيات لحصر عدد هؤلاء الأطفال في المجتمع هزيلة جدا مقارنة بالأعداد الحقيقية، وفى هذا الصدد قام المركز بالاعتراض على هذه الإحصائية وتم تصعيد الأمر لرئيس الجمهورية. وأضاف أن ظاهرة أطفال الشارع من أقدم الظواهر السلبية في المجتمع، ولكنها زادت بشكل ملحوظ في الفترة ما بعد ثورة يناير ولكن هناك العديد من الجمعيات تمد يد العون لهؤلاء الأطفال منها جمعيات تقدم مساعدة قانونية حال القبض عليهم، وجمعيات تقدم دعما اجتماعيا، وأخرى تقوم بإعادتهم لأسرهم ويمثل عدد الأطفال الذين لديهم أسر 80% من مجمل عدد أطفال هذه الظاهرة، وهناك جمعيات تقوم بإنشاء دور إيواء لهؤلاء الأطفال. وأوضح هلال، أن المسئولية الأولى والكبرى تقع على عاتق الدولة التي يجب عليها أن تنشئ دور إيواء جاذبة للأطفال وليست طاردة لهم بسبب سوء المعاملة، كما يستلزم عليها إعادة النظر في مهنية القائمين على دور الإيواء، وعدم التعامل مع الأطفال وكأنهم مجرمون خارجون عن القانون، لأن هؤلاء الأطفال ضحايا للعنف والتفكك الأسرى، السياسات الاقتصادية المتبعة والتي أدت إلى الفقر، التسرب من التعليم، عدم وجود سياسات اجتماعية حمائية، تدنى وعى المجتمع في التعامل مع الظاهرة، وعدم وجود إستراتيجية وطنية تتوزع فيها الأدوار على الرغم من وجود الإرادة السياسية لمساعدة هؤلاء الأطفال من قبل السلطة الحاكمة. ونوه هلال، إلى أن المجتمع بأفراده ومؤسساته يجب عليهم التكاتف للوصول لحل يحد من خطورة هذه المشكلة، فالإعلام يجب أن يكون طرفا أصيلا لحلها فمازال يظهرهم بصورة سلبية ويتعامل معهم كخارجين عن السياق الاجتماعى، كما يجب رفع درجات الوعى للمجتمع، التعامل معهم على أنهم ضحايا وليسوا مجرمين، التوسع في إنشاء مؤسسات الإيواء وتطوير العقول داخلها، وإعادة التأهيل النفسى والتربوى. وقالت سمية الألفي، خبير في مجال حقوق الطفل والأسرة، إنها لا تدين هؤلاء الأطفال في أي شىء فهم أطفال لديهم ظروف صعبة وغالبآ مايكونون مدفوعين من قبل أهاليهم، وهنا يأتى دورنا نحن في توفير حياة طبيعية لهم، ومعاملتهم على أنهم أطفال طبيعيون وليسوا كمشروع مجرم. وأكدت الألفي، ضروة معالجة جذور المشكلة الاقتصادية والاجتماعية بمعنى تمكين الأسر الفقيرة وتحسين دخلهم، تحسين التعليم وجودته، مضيفة أن الوصول لذلك يحتاج تضافر جهود جميع الجهات في جميع القضايا التي تخص الطفل وليس قضية تسول الأطفال بشكل خاص. وأشارت الألفي، إلى ضرورة وضع قوانين تمنع الأسر من إنجاب عدد كبير من الأطفال، حيث توجد أسر تنجب أطفالا كثيرين لاستغلالهم فيما بعد في أعمال أخرى، مؤكدة أن هذا سيعود بالنفع على الأطفال والمجتمع والدولة التي لا نستطيع أن نُحملها المسئولية كاملة لأن المشكلة هنا تكمن في الحوار المجتمعي.