تاريخ العرض: 1997- 2000 إنتاج: قطاع الإنتاج، التليفزيون المصري إخراج: جمال عبد الحميد تأليف: أسامة أنور عكاشة تمثيل: يحيى الفخراني، آثار الحكيم، هالة صدقي، سماح أنور، حمدى غيث، لوسي، فردوس عبد الحميد، جميل راتب، ماجدة الخطيب هو واحد من أعمال الكاتب أسامة أنور عكاشة المتأخرة. أكثر نضجًا بالطبع، وإن كان أقل حيوية من أعماله الأولى. فى أعماله المبكرة، مثل «الشهد والدموع» و«ليالى الحلمية»، تغلب الدراما، الصراع، المبنى على اختلاف الطبائع والمصالح والطبقات، على الأفكار التى تنطق بها وتجسدها هذه الشخصيات. فى أعماله الأخيرة، يغلب التحليل وصراع الأفكار على حميمية الدراما، «زيزينيا» هو اسم أحد الأحياء السكندرية العريقة، ومن المعروف أن أسامة أنور عكاشة كان مغرمًا بالإسكندرية ومعتادًا على الإقامة بها لشهور طويلة كل عام، على نهج أستاذه ومثله الأدبى نجيب محفوظ، وقد ظهرت الإسكندرية فى أعمال أخرى لعكاشة أشهرها «الراية البيضاء». فى «زيزينيا» وقع اختيار عكاشة على فترة الثلاثينيات وحتى الخمسينيات التى تعتبر العصر الذهبى لإسكندرية الكوزموبوليتانية، المتعددة الأجناس والأعراق، إسكندرية سيد درويش وقسطنطين كفافيس ولورانس داريل وبيرم التونسى. والشخصية الرئيسية التى يدور حولها العمل هو بشر عامر عبد الظافر ( يحيى الفخراني)، وهو رمز للمدينة نفسها، فهو نصف مصري، نصف إيطالي، حائر بين الهويتين، مصر هى البلد الذى ولد فيه وتطبع بثقافته وعاداته ولغته وهمومه، بينما أسرة والدته تحاول جذبه إلى نصفه الأوروبى وإبعاده عن «أولاد البلد»، لكن بشر عامر ينتصر لفكرة أن الوطن هو البلد الذى تعيش وتحب فيه وليس البلد الذى جاء منه جدودك. يرسم عكاشة صورة بانورامية للمدينة بشخصياتها المصرية والأجنبية وعالمها القلق والمتناغم فى الوقت نفسه، والذى تزداد حدة الصراعات فيه مع التطورات السياسية الدامية التى تضرب المدينة، خاصة مع الحرب العالمية الثانية وإعلان دولة إسرائيل والنضال من أجل الاستقلال عن الاحتلال الإنجليزى ثم ثورة يوليو والعداء المتنامى للأجانب وصولًا إلى العدوان الثلاثى فى 1956 وما تلاه من ترحيل وهجرة لمعظم الجانب الموجودين بالمدينة. المسلسل ليس فقط مرثية للمدينة التى ضاعت، ولكن للحب والصداقة والتفاصيل اليومية للحياة فى المدينة التى تضج بالحياة والأصوات واللغات المختلفة. كالعادة يتألق يحيى الفخراني، ملك الدراما التليفزيونية، الذى يملك وجهًا وجسدًا مطواعين قادرين على تجسيد أى شخصية، حتى لو كانت شخصية نصفها مصرى شعبى ونصفها الآخر غربي، بل يستطيع فى بعض المشاهد أن يبدو مصريًا خالصًا فى الوقت الذى يستطيع فى مشاهد أخرى أن يعبر عن انقسام الهوية الذى يحتد كلما تأزمت الأوضاع حوله. يتكون المسلسل من جزءين الأول عرض عام 1997، والثانى عرض بعده بعامين تقريبًا، ولأسباب إنتاجية وشخصية تغير العديد من أبطال الجزء الأول على رأسهم آثار الحكيم التى استبدلت بهالة صدقي، وإيمان التى استبدلت بمادلين مطر وسماح أنور التى استبدلت بنهى العمروسى ومنى زكى التى استبدلت بريهام عبد الغفور.. وغيرهم، وهو ما أثر سلبًا على العمل، بجانب بعض المشاكل الإخراجية والإنتاجية الأخرى، التى حالت دون خروجه على الوجه الأكمل. «زيزينيا» رغم نجاحه، يظل مثالًا على الأعمال التى تتعثر فى طريق التنفيذ وربما لو أتيح للمسلسل أن يعاد مونتاجه واختزاله وتقديمه بشكل جديد، أعتقد أنه سيكون واحدًا من أفضل الأعمال التى تستحق أن يشاهدها جمهور اليوم.