سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإعجاز العلمي في القرآن "5".. عميد بكلية أصول الدين سابقًا يكشف أسرار الآيات الكونية.. بكر عوض: الحقائق اتضح معناها بعد النتائج العلمية الحديثة وهناك قواعد لتحقيقها
بالرغم من كون القرآن الكريم كتاب ارتضاه الله لنا لكي نُحدث الانسجام بيننا والطبيعة والفطرة فيعم السلام داخل نفوسنا ومجتمعاتنا والبشرية كل، إلا أنه يضع العقل الإنساني على مواكبة كل تطور وفهم الواقع والمستقبل بما يتضمنه من قضايا وإشارات تؤكد على ما يوجد به من إعجاز علمي. في هذا الإطار تواصل "البوابة نيوز" عرض سلسلة الاعجاز وحلقة جديدة يطرح رؤيتها الدكتور بكر زكي عوض العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة القاهرة، وعضو المجلس الاعلى للشئون الإسلامية، حول التفسير العلمي للآيات الكونية داخل القرآن الكريم. وأكد الدكتور بكر زكي عوض، أن عدد الآيات الكونية في القرآن الكريم يصل إلى سبعمائة آية قرآنية فأكثر تفاوتت من حيث تناولها لجوانب الكون فتتضمن " السماء ببعض كواكبها ونجومها والظواهر الكونية والأرض وما يلحق بها من بحار وجبال ومناخ وزلازل.. إلخ"، مضيفا أن الدراسات الحديثة للنصوص القرآنية صرحت بأنه تضمن قضايا علمية فنجد قضية دوران الأرض حول نفسها وما ينتج عن تلك الحركة مثل قوله تعالي " فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ"، وبما أن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس دون توقف فهناك مشارق ومغارب متتالية في الزمان والمكان وهذا ما نفهمه من خلال الآية الكريمة التي جاءت في صيغة الجمع في سورة المعارج. وأضاف عوض أن القرآن أشار أيضا إلى أن قضايا تتعلق بالأرض كوجود طبقات بها وتفاوت بين تربتها حيث قال الله تعالى "وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ" وكذلك نجد الجبال التي قال تعالي فيها " وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" فضلا عن كونها تتحرك حيث قال تعالي " وترى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ" وهو ما ثبته العلماء بحركة الجبال أيضًا خلال العصور التي تلت ظهور الإسلام وهي عصور بدائية لم يصل فيها العلم المجرد إلى العلم الذي وصل إليه خلال العصور اللاحقة. وتابع: أن القرآن الكريم أشار إلى بعض الظواهر الجوية كالرياح والرعد والبرق والصواعق في بعض الآيات كما تحدث كذلك عن آفاق أبعد من المرئية كالسموات السبع كما ورد بعض النصوص بأسلوب لا يمنع من وجود مخلوقات غير الملائكة تعيش في عوالم أخرى حيث قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ" كما قال عز وجل " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ". وواصل عوض: أن كثيرون من المعاصرين رأوا أن إعجاز القرآن الكريم الذي تضمن حقائق لم يهتد إليها السابقون وما اتضح معناها بعد النتائج العلمية الحديثة كما هو الحال بالنسبة للآيات الكونية ومن هنا انتصر التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن باعتباره اللون الظاهر للإعجاز في القرون الحديثة للعرب وغير العرب والمسلمين وغير المسلمين، متابعا أن الآيات الكونية في القرآن الكريم كان لها الدور في تحرير العقل المسلم من سلطان الخرافة إلى تسخير الكون كله للإنسان وليس للمسلمين فقط ثم خصص بعض أرجاء الكون بالذكر كتسخير الأرض والبحر وتسخير الشمس والقمر كما تحدث القرآن عن تسخير النجوم وبعض فوائدها أيضا. وأشار عوض إلى أن كثيرين يرون أن الإمام أبو بكر الرازي صاحب الحق في مجال بداية التفسير العلمي للقرآن الكريم إلا إنه بالرجوع إلى ما كتبه الغزالي يمكن القول إنه صاحب دعوة التفسير العلمي في كتابيه "إحياء علوم الدين و"جوهر القرآن" حيث قال "ولعلك تقول إن العلوم وراء هذه كثيرة كعلم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعضائه هذه العلوم ما عددناها ومالم نعدها ليست أوائها خارجة عن القرآن الكريم" وهو ما يؤكد أن الحديث عن التفسير العلمي أو الإعجاز ليس كما يتصور البعض أنه نشأ خلال السنوات الأخيرة. وشدد عوض على أنه لا يخفي على من يشتغل بالدراسات القرآنية أن الدعوي التي تقول أن كل العلوم في القرآن تمثل بداية التفسير العلمي للقرآن بها كثير من المبالغة لأن القرآن الكريم لم يأت جامعا العلوم في ثناياه وإن هدي إلى كثير من حقائق العلم ضمن هدايته العامة فضلا عن كونها لونا من ألوان إعجازه المتجددة بتجدد الزمن. ولفت عوض إلى أن هناك العديد من القواعد التي يجب مراعاتها أثناء التفسير العلمي للقرآن الكريم مثل عدم تفسير الآيات الكونية إلا من خلال طريقين المتخصصون في الدراسات الطبيعية والتفسيرية كما يجب إلا يفسر عن طريق العلم إلا ما يخضع للتجربة مع استبعاد كل نص لا يخضع مضمونه للبحث العلمي لمضي الزمن ككيفية الحمل بعيسى عليه السلام وترك التكلف والتأويل حين التفسير وعدم التوسع في تفسير الآية إلى الحد الذي يخرجه عن كونه تفسير إلى بحث علمي في موضوع ما وانتفاء الرهبة من تراث المسلمين في ذلك المجال إذا ما صادم نتائج البحث العلمي لأنه ليس مقدسًا.