ظل إبليس يحاول أن يصل إلى آدم وحواء ليغويهما ويضعهما على أول طريق المعصية، ليغضب الله عليهما، ويتحقق مراد إبليس الملعون، كان يفكر كثيرا كيف يخترق هذين العقلين البشريين، ليجبرهما على معصية الخالق، وفى مرة تمكن من الوصول إليهما، فقال لهما: «يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى»؟، فتجاهل آدم وسوسته، وانصرف بعيدا عنه. ولكن إبليس لم ييأس من تكرار المحاولة واحدة تلو الأخرى، أملًا في أن ينجح في هزيمة قوة إيمان آدم وزوجته حواء، فقال لهما: «مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ»، فابتعد آدم مسرعا عنه، ولم يمنحه فرصة ليكمل حديثه المشؤم. فأسرع إبليس خلفه، وأقسم له بالله قائلًا: «إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ»، فلما حلف إبليس بالله، قال آدم وحواء لبعضهما: لا يمكن أن أحدا يحلف بالله وهو كاذب، فلا بد أنه صادق فيما يقول، ووقعا فريستين في شباك وسوسة الشيطان، ثم أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها، تحت تأثير خداع الشيطان وحلفه بالله كذبا. فبمجرد أن وصلت الثمرة جوفيهما واستقرت في بطنيهما، نظر كل منهما إلى الآخر، فوجد جسده عريانا، فخجلا خجلا شديدا، وأخذا يقطفان أوراق الموز العريضة من حولهما، ليسترا جسديهما من الخزى، وهربا بعيدا خجلا من الله، لأنه يراهما ويعرف أنهما خالفاه وأكلا من الشجرة المحرمة. فقال الله يا آدم أتهرب منى؟ بعدما شهده يحاول الاختباء هو وحواء من الله عز وجل. فقال آدم وهو يبكى والحزن يعرف طريقه لقلبه لأول مرة: لا يا رب، سبحانك.. وأين سأهرب منك وإليك المفر، لكن حياء منك. فقال الله له: «لَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ»؟ فقال آدم وحواء: سامحنا يا رب، اغفر لنا، وإلا سنكون من الخاسرين فقال الله: امرتكما فعصيتما أمرى، بدأ يشعران آدم وحواء أن الله غضب عليهما غضبا شديدا، وأن مصيرهما سيكون الهلاك المؤكد إن لم يغفر الله لهما، فقال آدم وحواء والدموع تنهمر منهما: «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» فقال الله لآدم: أعطيتك الجنة، وأعطيتك كل ما تشاء أما كان الذي أعطيك يكفيك عن هذه الشجرة؟! فقال آدم: لقد خدعنى الشيطان، وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا. فقال الله له: فبعزتى لتهبطن إلى الأرض، فلا تنال العيش إلا بالتعب والعرق. ثم قال الله لآدم وحواء وإبليس: «اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ»، وحزن آدم حزنا شديد، لغضب الله عليه، وطرده وزوجه من الجنة، فأخذ يبكى من الندم، أملًا في أن يغفر الله له خطيئته، فأوحى الله له أن يقول: «رب أغفر لى.. رب أغفر لى»، فغفر الله له ذنوبه وهو وحواء، وتاب عليهما لأنه هو التواب الرحيم، وهبطا آدم وزوجه حواء الأرض، وتعلم الدرس جيدا، بأنهما أصبحا يعيشان في مكان واحد مع عدو لهم، اسمه الشيطان الرجيم، لم يتوقف آدم ولا زوجه عن الاستغفار باقى حياتهما، عن ذنب أكلهما من الشجرة، ولكن هذا الذنب علم البشرية بأكملها، أن الانصياع لأوامر الشيطان نهايته مؤسفة، ولكنهما أيضا قاما بتعليم البشرية لغة الاستغفار. مراجع الحلقات أنبياء الله .. أحمد بهجت محمد واللذين أمنوا معه .. عبدالحميد جودة السحار قصص الأنبياء .. للإمام إبن كثير