قال الشيخ نشأت زارع، إمام وخطيب مسجد سنفا بميت غمر بالدقهلية، خلال خطبة الجمعة اليوم بعنوان (( يقظة الضمير الانسانى والوطنى وتحريم غش العقول )): كثيرًا ما كنا نسمع هذه الكلمات "ضميره حى" وآخر "ضميره ميت" أو "حال انعدم فيه الضمير". وأضاف، يعرف الضمير بكلمات بسيطة وهي أنه (( ميزان التمييز بين الخير والشر.. ميزان الأخلاق الحميدة أو انعدامها، موضحا أن الضمير نوعان، إما ضمير حي يحاسب النفس الإنسانية عن فعل أو كلمة أو حركة قام بها، وضمير ميت لا يعرف الحساب. ولفت إلى أن الضمير الحي هو ذاك الضمير الذي يحمل صاحبه إنسانية راقية من الإحساس وكل الصفات الحميدة والاخلاق الحسنة، أما الضمير الميت فهو ذاك الضمير الذي لا يحمل صاحبه إنسانية في داخله ويحمل كل الصفات الخبيثة والأخلاق الرديئة، فصاحب الضمير الحي صاحب مبدأ أخلاقي وساميّ، في حين تجد صاحب الضمير الميت لا مبدأ له، ومبدؤه الوحيد هو: الغاية تبرر الوسيلة، مهما كانت تلك الوسيلة. وأضاف أن صاحب الضمير الإنسانى يمدح الفضائل حتى لو خرجت من الكافر والملحد، ويكره الرذائل ويندد بها حتى لو خرجت من أقرب الناس إليه، مشيرا إلى أن صاحب الضمير الإنسانى لا يصنف الناس ولا يكرههم حتى لو اختلف معهم في الدين أو المذهب أو الرأى أو السياسة أو الفكر، بل يتعامل معهم بإنسانية راقية انطلاقا من قول القرآن (( وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة))، فقدّم القولَ الحسنَ والتعامل الراقى مع الناس جميعا عن إقامة الصلاة. وأشار إلى أن صاحب الضمير الحى يراقب نفسه داخليا وذاتيا، يخاف من الله قبل القانون، وهناك فرق بين من يراقب الله ومن يخاف القانون؛ لأن من يخاف القانون ربما لو استطاع أن يضمن أن يفلت من عقاب القانون لفعل واختلس وزور وأخذ رشوة وعمل كل شيء، فهو يخاف من القانون ولا يخاف من الله. وأوضح أن هناك من يبيع ضميره ويفعل كل محرم من أجل المكسب السريع يغش الناس والدولة والوطن ولا يهمه الا نفسه وربحه مات ضميره فتخيل مهندس يغش في مواد البناء في عمارة أو مدرسة أو كوبرى أو طريق أو أي مناقصة انظر إلى الآثار المترتبة على هذا الغش قد تنهار العمارة على ساكنيها ويقتل الناس غدرا بسبب هذا المقاول أو المهندس الغشاش لأنه ضميره مات، فباعه بالمال السحت الحرام. وتساءل اين ضمير من يزرع قنبلة لتقتل بريئا لا علاقة له بالسياسة أو ما يحدث؟ كم من أطفال بريئة كالزهور قتلت؟ هل سمعتم عن الطفلة التي وجدت علبة كانز وأخذتها فانفجرت فيها؛ لأن شخصا قاتلًا مجرمًا ميت الضمير زرع فيها قنبلة؟ وهل سمعتم عن الناس البريئة التي قتلت غدرًا حينما زرع مجرمون ماتت ضمائرهم قنابل في طرقاتهم أو في القطار أو المواصلات وأين ضمير هذا المجرم الذي زرع قنابل تحت أبراج الكهرباء ليدمرها حتى يعيش الناس في الظلام ويخرب البنيان بهدف زعزعة المجتمع والوطن بسبب الصراع السياسي، متسائلا: وما دخل الكهرباء والقطارات والمؤسسات في الصراع السياسي؟ وأين ضمير المجرم الذي يجتهد ويقضى وقته للتخطيط والمؤمرات لكى يساهم في سقوط الوطن ألم تعش أنت في الوطن حتى لو اختلفت الآراء السياسية، وما دخل الوطن في السياسة والصراع على السلطة؟ أين يقظة الضمير الوطني؟! وتابع " لنا كلمة لا بد أن تقال لاصحاب الضمائر الحية والوطنية والإنسانية التي تضحى من أجل الوطن وتسهل عليها روحها ودماؤها فتقدمها رخيصة من أجل بقاء الوطن، أنتم إن شاء الله مع النبيين واالصديقين والشهداء والصالحين، ولكم مكانة في نفوس الجميع، فهنيئا لكم الشهادة والمنزلة الرفيعة. وأضاف قائلا " أما تحريم غش العقول فمن يغش ويساعد فيه فهو يساعد في هدم الوطن ولا ضمير عنده وأخطر ما يصيب أمة أن تصاب في عقول أبنائها، فمن سرق مالك فقد ظلمك، ولكن من سرق عقلك فقد قتلك، وإذا أصيب القوم في عقولهم فأقم عليهم مأتما وعويلا، بناء العقول والمحافظة عليها هو بناء للامم ومساهمة في الحضارة الإنسانية لأنه لن تتقدم أمة وأبناؤها مصابون في عقولهم بالطائفية أو المذهبية أو أمراض العقل مثل الخرافات والغش والكراهية والبغضاء. وأوضح أن رسولنا صلى الله عليه وسلم بين لنا أن الاحساس بالضمير هي ملكة داخلية يحسها الإنسان ولو أفتاه الناس وأفتوه، فقد قال لوابصة بن معبد: يا وابصة، استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النَّفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك المفتون". فبالفطرة السليمة تستطيع أن تهتدى للخير ويقوى عندك ميزان التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ.