كشفت الباحثة شيماء عبد الله المعيدة بقسم الآثار بجامعة عين شمس عن الحرف والصناعات التي كانت سائدة في مصر الإسلامية في القرن التاسع الميلادي من خلال دراستها لشواهد القبور المحفوظة بمتحف الفن الإسلامي التي تعود لتلك الفترة . وصرحت الباحثة شيماء عبد الله - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - بأن تلك الحرف شملت البناء والنجار والصائغ والفران والعطار والخياط والزيات والزجاج والحذاء والحريري والأسطة والمسرجي وذلك من خلال دراسة شواهد القبور ، لافتة إلى أنه ما زالت هناك عائلات حتى الآن تنسب لمهن معينة. وأوضحت أن شواهد القبور هي الألواح الحجرية أو الرخامية التي توضع فوق القبر للدلالة على من يرقد فيها وقد ورث العرب المسلمين عن أسلافهم عادة إقامة شواهد القبور على المقابر ، ويتضمن شاهد القبر في العصر الإسلامي البسملة وبعض الآيات القرآنية والتعريف بشخص المتوفى والإشادة بذكر الله وتعظيم الرسول وتاريخ الوفاة وأحياناً الموطن أو البلد الذي جاء منها ومكان الوفاة أو الدفن وتاريخ الوفاة في كثير من الأحيان بصورة أكثر دقة وبعضها وثائق تاريخية ودينية تلقى الضوء على المذاهب الدينية والمعتقدات بما تشمله من نصوص مذهبية أو أدعية وعبارات صوفية وعبارات عزاء كما تشير أحيانا إلى حرفة المتوفى التي مارسها في حياته. من جانبه، أشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أن الدراسة كشفت عن وظيفة البناء من خلال شاهد قبر من الحجر مؤرخ بعام205ه/820م باسم أمينة إبنة نصر بن راشد النخعى بن البنّاء، ووظيفة الخياط في شاهد قبر مؤرخ بعام243ه/857م باسم محمد بن الحسن الخياط، ومهنة السرّاج من خلال شاهد قبر رخامى مؤرخ بعام243ه/857م باسم العباس بن الحارث القشيريى السرّاج، ومهنة العطار من خلال شاهد قبر رخامى مؤرخ بعام 248ه/862-863م باسم زين أم ولد يعقوب بن الحارث العطار، ومهنة الزيات شاهد قبر رخامى مؤرخ بعام253ه/867م باسم أحمد بن محمد بن عبد الملك الزيات. وأضاف أن الدراسة أشارت إلي تعريفات واضحة لكل مهنة فالبنّاء ليس من يحترف مهنة البناء فقط بل يمتد عمله لنحت الأحجار وحفرها وزخرفة الجدران والسقوف وكانت المهنة لا تقتصر على التنفيذ والعمل اليدوي بل كان يقوم البنّاء أيضا بالتصميم وإعداد الرسوم والإشراف، وقد أطلق لقب أستاذ ومعلم على البنّاء. وقال إن المؤلفين العرب اهتموا بالبنائين وذكروا أسماءهم، أما العطّار فهو تاجر العطور وصانعها وكان العطارون يتجمعون في أسواق خاصة بهم كانت تعرف باسم العطارين نسبةً إليهم كما كانت المؤسسات التي تنشأ في هذا السوق تنسب إلى العطارين، وأما الزيّات فهو عاصر الزيت وتاجره وصانعه وكذلك صاحب معصرة الزيت . وأشار إلي أن الدراسة حددت أساليب تنفيذ الكتابات على شواهد القبور في تلك الفترة من القرن التاسع الميلادي تمثل فى الحفر الغائر والنقش البارز وتاريخ صنع هذه الشواهد وأهمية الكتابات ومقارنتها بما ذكر في المصادر التاريخية والأدبية ، كما تعرفت على المذاهب الدينية من خلال الأدعية على تلك الشواهد وأنواع الخط الكوفي المنفذة به الكتابات وأشكال الحروف العربية والظواهر الكتابية المتنوعة والزخارف النباتية والهندسية على شواهد القبور.