«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فضيحة".. 1000 طن مبيدات محرمة دوليًا في مخازن الزراعة
نشر في البوابة يوم 24 - 05 - 2015


تهريب الأصناف المغشوشة عن طريق الحدود مع ليبيا
220 طن مبيدات سامة ومشعة في ميناء الأدبية بالسويس
نقيب الفلاحين: النوبارية والواحات قبلة المهربين للمبيدات المغشوشة
220 طنًا من مبيد «للاندين» شديد الخطورة في ميناء الأديبة
440 طنًا مبيدات محظور استخدامها في مخازن بنك التنمية والإئتمان بالجيزة
350 طنًا في مخازن الوزارات التي تستخدم المبيدات في أنشطتها مثل الكهرباء والبترول والزراعة
لأن المبيدات منتهية الصلاحية والمغشوشة، تهدد حياة المصريين، جعلها من أخطر الملفات التي شغلت الرأى العام، فعلى مدى ال 20 عاما الماضية، ارتفعت الأصوات المنادية بإيجاد حلول جذرية لتلك القضية التي تهدد بقاء مصر عضوا في المنظمة العالمية للغذاء «الفاو»، خاصة بعد تقريرها الأخير الذي رصدت فيه أن نسبة المبيدات المغشوشة المستخدمة في مصر قاربت من 21% من حجم سوق المبيدات، كما قدرت نسبة المبيدات السامة منتهية الصلاحية أو المشعة ب1200 طن، وهى مكونة من مادة اللاندين الخطرة، ومواد أخرى محظورة من قبل المنظمة الدولية.
«البوابة»، حصلت على وثائق رسمية دامغة، تثبت أن البلاد أصبحت قبلة لمهربى المبيدات المحظورة عالميا، ففى الفترة من يناير 2015 إلى منتصف شهر مايو الجارى، تمكنت سلطات الدولة من ضبط قرابة ال 16 ألف طن من المبيدات المغشوشة والمهربة، القادمة عن طريق الحدود الغربية مع ليبيا والشرقية مع إسرائيل، إذ تعد أودية النطرون، الخطاطبة، الوادى الجديد، الطريق الغربى من أكثر الأماكن التي تباع فيها مبيدات تحتوى على «بودرة السيراميك» وتعبئها في عبوات مبيدات مستعملة، إلى جانب غش أصناف عالمية وإضافة بعض القطرات من المبيدات حتى تكتسب رائحة المبيد.
التهريب عبر المناطق الحدودية يفتح الباب واسعا أمام التكهن بتورط أجهزة دولية لها مصالح مباشرة في الإضرار بصحة المصريين، إلى جانب جهات داخلية خضعت لسطوة المستوردين، فرغم أن وزارة البيئة أولى الجهات المعنية بأمر المبيدات لتأثيراتها على البيئة، إلا أن المسئولين يرفضون مجرد الاقتراب من هذا الملف الشائك، حيث رفض الدكتور محمد صلاح، رئيس قطاع المخلفات بالوزارة، المسئول عن التخلص من النفايات الخطرة، الإدلاء برأيه أو الإفصاح عن أي معلومات تخص هذه القضية، بما يشير إلى أن اللامبالاة تسيطر على أروقة الوزارة، التي لا يحرك المسئولون بها ساكنا إزاء كل الخراب الذي يجتاح البلاد ويدمر صحة المصريين.
ومن المبيدات المغشوشة إلى المنتهية الصلاحية، كل الأمور تسير نحو الفوضى، فطبقا لتعريف لجنة المبيدات المصرية، المبيدات المهجورة أو الرواكد هي مبيدات مخزونة لم يعد من الممكن استخدامها بحالتها، وقد يسُتخدم مصطلح نفايات المبيدات أو المبيدات غير المرغوب فيها كتعريف أوسع، أو المبيدات «سيئة السمعة» والمنتهية صلاحيتها، والتي يجب التخلص منها، نظرًا لسميتها الشديدة وأضرارها التي تسبب أمراضا خطرة.
الدكتور كميل نجيب، رئيس مشروع التخلص من المبيدات المهجورة بوزارة الزراعة، قال، إن هناك 3 مناطق لتجمع المبيدات المهجورة أو المنتهية الصلاحية، الأولى في ميناء الأدبية بالسويس ويتواجد بها نحو 220 طنا من مبيد «اللاندين» القاتل وشديد الخطورة، وتتولى حراسته جهات سيادية، والمنطقة الثانية في مخازن بنك التنمية والائتمان الزراعى بالجيزة ويوجد بها 440 طنا من المبيدات المتنوعة والمحظور استخدامها، أما المنطقة الثالثة فهى غير محددة حيث توزع على مخازن الوزارات التي تستخدم المبيدات في أنشطتها مثل الكهرباء، البترول، الزراعة، وتقدر كمياتها ب 350 طنا.
وبخصوص التخلص من هذه المبيدات أشار الدكتور كميل، إلى استحالة التخلص من مبيد «اللاندين» في مصر لأنه يحتاج طرقا تكنولوجية عالية جدًا، وهى غير متوفرة أصلا، كما أنه لا توجد اتفاقية مبرمة حتى الآن مع أي دولة للتخلص منه، ولكن تم إبرام اتفاق مع البنك الدولى لتمويل مشروع التخلص من هذه المادة الخطرة في إحدى الدول الأوربية «أوكرانيا- فرنسا» بمساعدة بلغت 7ملايين دولار، وباقى فاتورة التكاليف ستتحملها مصر، وهى فاتورة ضخمة قد تصل لملايين الجنيهات، وأنه سوف يتم عمل مناقصة دولية تحت إشراف من البنك الدولى الذي اشترط الاطلاع على شروط وتفاصيل التعاقد حتى يقدم مساعدته لمصر في التخلص من مبيداتها المحظورة والراكدة.
وأشار كميل إلى أنه لا يستطيع الدفع بمشروع دون عمل دراسات للآثار الناتجة، ذلك لأن الخطورة كبيرة جدًا على صحة المصريين، حيث تبلغ «سمية المبيدات» الحد القاتل كما وصفها، وأن أحسن الحلول للتخلص من «اللاندين» هو إعادة تصديره للخارج مهما بلغت فواتير التخلص منه، فضلًا عن أن اشتراك وزارات الزراعة والكهرباء والتعاون الدولى والبيئة في التخلص من المبيدات بات عبئًا على المشروع وليس حلًا، وأن وزارة الكهرباء تستورد بعض المبيدات للقضاء على الحشائش حول مشروعاتها مما تسبب في قبوع بعض هذه المبيدات داخل مخازنها.
أما الدكتور مصطفى عبدالستار، أمين لجنة المبيدات بوزارة الزارعة، فأكد أن مصر تستهلك 804 ألف طن من المبيدات سنويا، في حين يبلغ حجم المبيدات المهربة 20٪ من حجم المبيدات المستعملة في مصر، ولا توجد دولة في العالم ليس لديها مبيدات مهربة، ومن يستخدم آلة لصناعة دواء مغشوش يستطيع صناعة مبيد مغشوش، كما يصل عدد المبيدات المطابقة للمواصفات والمسجلة في وزارة الزراعة إلى 190 مركبا «كمادة مركبة» فيما يبلغ عدد مستحضرات المبيدات ل 400 اسم مستحضر، واصفا ترخيص كل تلك الكميات من المبيدات «بالكارثى»، لأنه يخالف الدول المتقدمة كفرنسا وبريطانيا التي لا يوجد في لوائحها أكثر من 30 مبيدا فقط، وهناك ما يقارب من 7 آلاف محل مرخص، فيما أثبتت لجنة بوزارة الزراعة أنه يوجد ما يقرب من 40 ألف محل مبيدات دون ترخيص.
وأضاف عبدالستار، أن تراكم المبيدات جاء نتيجة لقرارات وزارة الزراعة تجاه عدد من أنواع المبيدات منذ عصر وزير الزراعة الأسبق يوسف والى، حيث صدر قرار بحظر استخدام أنواع معينة من المبيدات بسبب جدل حول تسببها في الإصابة بالسرطان، بالإضافة لعدة قرارات أخرى صدرت من وزيرى الزراعة أحمد الليثى وأمين أباظة، وتم مصادرة جميع أنواع المبيدات التي شملتها القرارات، دون حصر لتعداد وكميات هذه الأنواع.
الأوراق التي بحوزتنا، أشارت إلى أن السبب الأساسى في تراكم المبيدات المهجورة أو منتهية الصلاحية، يكمن في تضارب قرارات وزراء الزراعة بحظر بعضها، وخاصة قرار يوسف بحظر 47 اسما شائعا شملت 162 مبيدا كأسماء تجارية، دون دراسات خاصة بحصر الكميات لدى المستوردين والشركات الموردة لوزارة الزراعة، ثم بعد ذلك صدور قرار من مستشار الوزارة بالسماح باستيراد واستعمال تلك المبيدات عن طريق البورصة الزراعية، وأعقبه قرار آخر من وزير الزراعة الأسبق أحمد الليثى رقم 719 عام 2005، بحظر تلك المبيدات.
التخلص من المبيدات سيواجه بعض العقبات، أهمها وجود مشكلة في حرق المبيدات، بسبب احتواء بعضها على معادن ثقيلة مثل الزئبق أو اليود «المحرم دوليًا»، كما أن تكلفة الأجهزة تقدر بنحو 200مليون دولار، فضلًا عن أن ثمن غسيل الغاز بالمرمدات يتكلف 4 ملايين دولار، وكذا لا تستوعب أغلب المامدات أكثر من 2-1طن يوميا، مما يزيد من ارتفاع تكاليف التشغيل، وإذا أرادت مصر جلب «مرمد نقال» يجب عليها دفع 15 مليون دولار كثمن له، والذي يستغرق شهورا لاستخدامه.
ومن الأسباب التي تؤدى لتفشى ظاهرة الرواكد أو المبيدات المهجورة، كان تدهور حالة المبيد نتيجة للتخزين الخاطئ لفترات أطول من عمره التخزينى، وصعوبة التنبؤ بمستوى الإصابة بالآفات وحساب الكمية المطلوبة من المبيد مثلما يحدث عادة لمكافحة الجراد أو الآفات الموسمية الأخرى، واستيراد المبيدات في تجهيزات غير مناسبة للتطبيق الحقلى، وتعبئة المبيدات في عبوات غير مناسبة تبعا للمساحات المحصولية، وشراء وتخزين المبيدات بكميات تزيد على الحاجة لتغير السياسات الحكومية الخاصة باستيراد المبيدات، وشراء مبيدات غير مطابقة للمواصفات دون إجراء التحاليل اللازمة عليها بسبب «تدليس» المستوردين، ووصول بعض المبيدات المستوردة في وقت متأخر عن موعد التطبيق، وضعف الطاقة التخزينية للمبيدات وعدم توافر إمكانية تخزينه بطرق مناسبة، مع عدم توافر كوادر مناسبة لإدارة تخزين المبيدات واتباع قاعدة تصريف الأقدم تخزينا فالأحدث، وقبول هبات ومعونات من المبيدات دون الحاجة إليها، وغش وتزييف المبيدات باستعمال مواد غير صالحة أو مطابقة للمواصفات، وعدم توافر المختبرات المؤهلة لتحديد مطابقة المبيدات للمواصفات بعد فترات التخزين، بحسب لجنة المبيدات بوزارة الزراعة.
في الوقت نفسه أوضح الدكتور محمود البرغوثى، أمين الاتحاد العام للفلاحين المصريين، أن كل مصنع مبيدات يمد الوزارة بحسب ما رست عليه المناقصة بدون تحديد نسبة معينة أو حد أقصى، ثم تقوم الوزارة بتوزيعها على الجمعيات الزراعية المنتشرة في ربوع الجمهورية، وبناء عليه يتم تحصيل المستحقات المالية من الفلاحين بعد أن يشتروا المبيدات من الجمعيات، ويتم توريدها للوزارة وبذلك تدفع لأصحاب المصانع حقوقها.
ولكن ما يحدث هو أن الفلاحين يوفرون احتياجاتهم من المبيدات من الخارج من المصانع الخاصة ومنافذها المفتوحة، فيحدث ركود ويتم «تسقيع» المبيدات في الجمعيات الزراعية، مما يؤدى لفساد هذه المبيدات خاصة أن صلاحيتها «عامان» فقط، وإذا أرادت الدولة التخلص من هذه الكميات الفاسدة منتهية الصلاحية، فيجب عليها مخاطبة وزارة الصحة والبيئة لمشاركتها في التخلص الآمن والصحى والبيئى من المبيدات.
بينما قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن الصين هي الدولة الأولى عالميا في تصدير المبيدات المغشوشة ومصر الأولى عالميا في عشوائية أسواق المبيدات ودخول المبيدات المهربة من مختلف حدودها الشرقية والغربية والجنوبية، وما يقرب من 90٪ من المبيدات الموجودة في مصر مهربة وغير آمنة وإما مغشوشة أو منتهية الصلاحية، وتباع جهارا نهارا في محال بيع المبيدات والمستلزمات الزراعية ويشتريها المزارعون فينفقون أموالهم دون عائد نتيجة لغشها فيفقدون النقود ويفقدون محصولهم أيضا.
بودرة د.د.ت D.D.T المجرمة المحظور إنتاجها وتداولها عالميا وتسمى «إكسير الموت» ما زالت موجودة في مصر ويتم تعفير البطاطس بها جهارا نهارا ويشتم الجميع رائحة البودرة القاتلة في البطاطس ويستهلكها الفقراء فيموتوا ويمرضوا كضحايا للتهريب ولجشع رجال الأعمال وتجار البطاطس، إذ تتسبب في ولادة الأطفال مكشوفى المخ (بدون جمجمة) والإجهاض للحوامل والتخلف العقلى والسرطان للمواليد. والملاثيون والدايموثويت والنيماكور مبيدات محظورة عالميا ومع ذلك تتداول في مصر بكل حرية وأخطارها أكيدة على صحة الإنسان وإصابته بالسرطان والتسمم وأغلب أهالي الريف يعاودون المستشفيات عدة مرات في السنة بسبب تعرضهم لرزاز أو أبخرة المبيدات، بحسب نور الدين.
ودلل أستاذ الاقتصاد الزراعى، بأن انتشار سرطان الأطفال في مصر لأنهم يولدون مصابون بالسرطان نتيجة لتعرض أمهاتهم أثناء الحمل لرزاز وأبخرة المبيدات أو تناولهم خضروات وفاكهة مرشوشة بالمبيدات دون مرور فترة الأمان عليها، لذلك فأغلب الأطفال المصابين بالسرطان هم من أطفال المحافظات والريف، ودخول مبيد «الكارديل» الخطير والمحرم دوليا والمسبب الأكيد للسرطان إلى مصر من الشركات الإسرائيلية وبعض هذه الشركات يرأسها عيزرا وايزمان رئيس إسرائيل السابق وبعضها الآخر يرأسها إيريل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق أيضا. كذلك أيضا دخول مبيدات (تتراكلورفينوس) المسبب لسرطان الكبد والغدة الدرقية ومبيد (فلاتريسن) (وداى كلونيتل) للاستخدام في رش الخضروات بالخطأ لأنها مبيدات مخصصة للقطن فقط ويستمر تأثيرها السام والقاتل لمدة 45 يوما وبالتالى لا يصح استخدامها مع الخضروات ذات دورة الحياة القصيرة والتي تعطى محصولها خلال شهر على الأكثر.
كما أشارت الأوراق المكدسة في لجنة المبيدات الزراعية، إلى أن استخدام الهرمونات الزراعية الإسرائيلية التي لا تحمل شهادات سلامة الغذاء خاصة في بساتين منطقة النوبارية لزيادة حجم الثمار وتبكير النضج في الخوخ والمشمش والبرقوق والتفاح والكمثرى بما أدى إلى تدميرها جميعا، وقد كشف تقرير اللجنة المصرية للمبيدات عام 2002 عن وجود نحو 12 نوعا من المبيدات الإسرائيلية المدمرة للبيئة وصحة الإنسان ومنتشرة في الأسواق المصرية، والشىء الأكيد أن المبيدات والهرمونات الإسرائيلية موجودة في جميع القرى والمحافظات بمصر بعد ثورة يناير بسبب الضعف الأمنى وانعدام الرقابة على الحدود ودخول هذه المبيدات والهرمونات سواء من أنفاق التهريب مع قطاع عزة أو من الحدود الإسرائيلية مباشرة. مثال لهذه المبيدات هو وجود ما يعرف باسم «المبيد الهرمون» الإسرائيلى الذي يباع بالسنتيمتر في القرى المصرية بمبلغ «75 جنيها للسم3 أي 75 ألف جنيه للتر» ويستخدم مع زراعات الطماطم ويسبب رشها في منع الإصابات الحشرية والمرضية مع زيادة حجم الثمار والمحصول وطول فترة التخزين للثمرة. وهناك تحذير مدون على عبوات هذا المبيد باستخدامه شتاء وعدم استخدامه صيفا لضرره البالغ ومع ذلك يستخدمه المزارعون في مصر صيفا دون رقابة.
في سياق متصل شكك محمد برغش، رئيس اتحاد الفلاحين، في قدرة المعمل المركزى لمتبقيات المبيدات على كشف نسب المتبقى في المحاصيل الزارعية من عدمه، وذلك لافتقاده التكنولوجيا التي تخوله عمل ذلك، لافتا إلى أن المعمل المركزى يحتاج لتطوير قدراته وإدخال تكنولوجيا الحاسب الآلى لربط وزارة الزراعة بالمزراعين مباشرة، للحد من ظاهرة المبيدات المغشوشة.
كما تابع بقوله: مصانع «بير السلم» التي تنتشر في ضواحى القاهرة وبعض المناطق العشوائية، كارثة، على الزراعة وعلى المحاصيل الزراعية، حيث يتم استغلال ماركات الشركات العالمية في بيع الأدوية المغشوشة من خلال عبوات مبيدات، وأنه يتم تحميل تلك المبيدات في سيارات ملاكى أو نصف نقل تقوم بالمرور على المحال التجارية لبيع المبيدات، وبيع «سمومها» بأسعار زهيدة، وأن أصحاب المحال مشتركون في الجريمة لأنهم يعرفون أنها «مغشوشة» ولكن الطمع والرغبة في تحقيق الكسب يجعلهم يلجئون لذلك، فضلا عن ضعف الرقابة على المحال والشركات المستوردة، بحسب برغش.
وطالب رئيس اتحاد الفلاحين، بضرورة فرض إجراءات رقابية رادعة على المحال والشركات التي يثبت تورطها في بيع تلك «السموم»، وإلزام الشركات العالمية بالتعامل بشفافية مع المزارعين بعدم التلاعب في نسب المادة الفعالة، وفرض رقابة على الأنفاق في سيناء وعلى الحدود الليبية والسودانية حيث يتم جلب مبيدات مسرطنة وخاصة «هرمون النمو» الذي يتم جلبه من إسرائيل، وإغلاق جميع المحال غير المرخصة، والرقابة على المحال المرخصة التي كثيرا ما تحتفظ بالعبوات الأصلية على الرف في واجهة المحال، ولكنها تبيع المبيدات المغشوشة للمزارعين من خلال احتفاظها بها في مخازنها.
بدوره أكد الدكتور مصطفى عبدالمنعم، وكيل وزارة الزراعة للحجر الصحى والفحوصات، أن المعمل المركزى للمبيدات هو المسئول عن ملف التخلص من المبيدات المهجورة أو الراكدة، لأنه الذي يرخص استعمال المبيدات من عدمه، وهو الذي يوصى للحجر الزراعى بإدخال شحنات المبيدات المستوردة، ومطابقتها للمواصفات القياسية المصرية، وأن دور الحجر الزراعى هو تنفيذ توصيات المعمل المركزى.
وعن تراكم شحنات مبيدات اللاندين في ميناء الأدبية، قال إن هذه الشحنة غير مطابقة للمواصفات ومحرم دخولها الأراضى المصرية، وأن مستوردها رجل من أصول مغربية، وأنه فر هاربا لأنه لا يريد أن يكلف نفسه بإعادة تصديرها مرة أخرى، لذا ظلت موجودة في ميناء الأدبية منذ عام 1998، رغم صدور قرارات من وزراء الزراعة المتعاقبين بالتخلص منها.
النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.