“,” دعوا الذعر جانبا، ولا تفعلوا شيئا يمليه عليكم شعور الذعر، إننا لا ندعو إلى العنف “,”.. كان هذا نداء مارتن لوثر كينج.. محرر الأفارقة السود و قاهر التفرقة العنصرية في الولاياتالمتحدةالامريكية و مهاجم الحزبين السياسيين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي مطالبا بحق الانتخاب في صيحته الشهيرة “,”أعطونا حق الانتخاب“,” في الجنوب الامريكي معقل التفرقة العنصرية . مارتن ، الذي نجحت مساعيه في تسجيل خمسة ملايين من الأمريكان ذوي الأصول الأفريقية في سجلات الناخبين في الجنوب، كان اول من نادى بمبدأ “,”اللاعنف“,” او “,”المقاومة السلمية“,” حينما طالب بحق المساواة للأفروأمريكان في حادثة الاوتوبيس الشهيرة، عندما دشن حملته إيذاناً ببدء حقبة جديدة في حياة الأمريكان ذوي الأصول الأفريقية فكان النداء بمقاطعة شركة الحافلات لعدم المساواة بين البيض و السود في ركوب الاوتوبيسات، لتمتد حملته عاما كاملاً مما كان له أثر كثيراً على إيرادات الشركة، حيث مثل الأفارقة 70 % من ركاب خطوطها، ومن ثم من دخلها السنوي . ومارتن ابن مدينة اتلانتا ذات التاريخ السيئ في التفرقة العنصرية ولد لوالدين افريقيين فالأب قسيس، دعم ابنه حتى اوصله إلى الجامعة. دخل كينج المدارس العامة في سنة 1935، ومنها إلى مدرسة المعمل الخاص بجامعة أتلانتا ثم التحق بمدرسة “,”بوكر واشنطن“,”، وكان تفوقه على أقرانه سبباً لالتحاقه بالجامعة في آخر عام 1942، حيث درس بكلية مورهاوس، التي ساعدت على توسيع إدراك كينج، لثنايا نفسه والخدمة التي يستطيع أداءها للعالم. وفي سنة 1947 تم تعيينه كمساعد في كنيسة أبيه، ثم حصل على درجة البكالوريوس في الآداب في سنة 1948، ولم يكن عمره يزيد على 19 عاما، وحينها التقى بفتاة سوداء تدعى “,”كوريتاسكوت“,”، وتم زفافهما عام 1953، ثم حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة بوسطن . “,” قبل مائة عام اعلن احد الامريكيين العظام و الذي نقف الان في أثر من أثاره، بيان التحرير كان ذلك القرار الخطير بمثابة شعلة تهتدي بها آمال الملايين من العبيد الزنوج، “,”الذي انهكهم لهيب الظلم المهلك “,” .. كانت هذه افتتاحية الخطاب الذي طالب فيه بحق الانتخاب عندما قرر كينج، في أواخر صيف عام 1963 بدء سلسلة من المظاهرات في برمنجهام، للعمل على تعبئة الشعور الاجتماعي بمظاهرة رمزية في الطريق العام، وفي اليوم التالي وقعت أول معركة سافرة بين السود المتظاهرين ورجال الشرطة البيض الذين اقتحموا صفوف المتظاهرين بالعصي والكلاب البوليسية الشرسة، لكن المشهد كان على مرأى من كاميرات، ولم يعد ممكناً حجب الأخبار عن الناس . ثم صدر أمرا قضائيا بمنع كل أنواع الاحتجاج والمسيرات الجماعية وأعمال المقاطعة والاعتصام، فقرر كينج لأول مرة في حياته أن يتحدى علانية حكما صادرا من المحكمة، وسار خلفه نحو ألف من المتظاهرين الذين كانوا يصيحون “,”حلت الحرية ببرمنجهام“,”، وألقي القبض على كينج وأودعوه سجنا انفراديا، وحرر خطابا أصبح فيما بعد من المراجع الهامة لحركة الحقوق المدنية، وقد أوضح فيه فلسفته التي تقوم على النضال في إطار من عدم العنف . وبعد خروج مارتن، بكفالة واصل قيادته للحركة، قرر توريط النظام العنصري في امريكا فسمح لآلاف من الأطفال بتقدم المراكز الأمامية في المظاهرات في مواجهة رجال الشرطة والمطافئ وكلاب شرطية متوحشة فارتكبت الشرطة خطأها الفاحش، واستخدمت القوة ضد الأطفال الذين لم يزد عمر بعضهم عن السادسة، حيث هاجمهم رجال الشرطة بعصيهم وبكلابهم، مما أثار حفيظة الملايين، وانتشرت في أرجاء العالم صور كلاب الشرطة وهي تنهش الأطفال، وبذلك نجح كينج، في خلق الأزمة التي كان يسعى إليها، ثم أعلن أن الضغط لن يخف، مضيفاً : “,”إننا على استعداد للتفاوض، ولكنه سيكون تفاوض الأقوياء فلم يسع البيض من سكان المدينة إلا أن يخولوا على الفور لجنة بالتفاوض مع زعماء الأفارقة، وبعد مفاوضات طويلة شاقة تمت الموافقة على برنامج ينفذ على مراحل بهدف إلغاء التفرقة وإقامة نظام عادل وكذلك الإفراج عن المتظاهرين “,”. غير أن عصابات الكوكلكس الرافضة للمساواة بين البيض و السود بادروا بالاعتداء بالقنابل على منازل قادة الأفارقة ، فاندفع الشباب الأفارقة الغاضبين لمواجهة رجال الشرطة والمطافئ، وحطموا عشرات السيارات، وأشعلوا النيران في بعض المتاجر حتى اضطر الرئيس جون كنيدي لإعلان حالة الطوارئ في القوات المسلحة، وسارع كينج محاولا أن يهدئ من ثائرة المواطنين، وكان عزاؤه أن من اشتركوا في العنف من غير الأعضاء النشطين المنتظمين في حركة برمنغهام، وما لبث أن قام بجولة ناجحة في عدة مدن كشفت عن البركان الذي يغلي في صدور الأفارقة السود تحت تأثير مائة عام من الاضطهاد . في عام 1964م صدر قانون الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي العام نفسه أطلقت مجلة “,”تايم“,” على كينج لقب “,”رجل العام“,” فكان أول رجل من أصل أفريقي يمُنح هذا اللقب، ثم حصل في عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة في عمر 35 . في تمام الساعة 6 من شهر ابريل عام 1968 ظهر كينغ وهو يرتدي بذّة سوداء اللون وكان يستعد للظهور أمام تجمّع جماهيري في تلك الليلة. استند كينغ إلى جدار الشرفة ليتبادل الحديث مع مساعده جيسي جاكسون فجأة دوى صوت طلقة، وانفجرت حنجرة كينغ ثم سقط على أرضية الشرفة واندفع الدم من عنق كينغ، قتل علي يد متعصب ابيض يدعي جيمس ايرل راي. ايرل الذي نفي اي صله له بقتل مارتن لوثر كينج بالرغم من وجود بصماته علي سلاح الجريمة البندقية بل ادعى وجود مؤامرة تمام مثل مؤامرة اغتيال كيندي .