تناول كُبار كتاب المقالات بالصحف المصرية، اليوم الجمعة، العديد من الموضوعات والقضايا التي تهم الرأي العام. ففي مقاله "هوامش حرة" بصحيفة "الأهرام" تحت عنوان (مصر الثقافة.. إلى أين؟) قال الكاتب الشاعر فاروق جويدة، إن الجميع حكومة وشعبا ورموزا يتحدث عن العصر الذهبي للثقافة المصرية ويحكى كثيرا عن القوة الناعمة أخطر وأهم أسلحة مصر منذ مئات السنين. ويتحدث الجميع عن حالة التجريف الثقافي التي حدثت لنا في السنوات الماضية أمام أسباب وظواهر نعرفها كان أهمها وأخطرها إهمال الثقافة الحقيقية وتهميش دور المثقفين وإفساد منظومة التعليم والإعلام كلها أسباب نعرفها ولكن الجديد الآن أن الدولة بدأت تدرك عن وعى مخاطر إهمال الثقافة المصرية وأثر ذلك على دور الدولة في محيطها العربي بل في العالم أجمع كواحدة من أقدم حضارات التاريخ. وأوضح الكاتب إنه إذا اردنا أن نعرف ونشخص الحالة التي وصل إليها واقعنا الثقافي علينا أن ندرس الأسباب لكى نصل إلى الظواهر وهى واضحة أمامنا في كل شئ ابتداء بفوضى الإعلام وانتهاء بالحالة المتردية التي وصل إليها الفن المصري في كل مجالاته، حين تقارن فقط في مجال الغناء وتتذكر يوم أن كان المصريون يسمعون الأطلال وماذا يسمعون الآن وتجد أمامك من يغنى للحمار..بحبك يا حمار.. وتجد الشاشات مكدسة بهذه الألوان الهابطة من الفن الردئ.. وتبحث عن أم كلثوم في قناة واحدة مصرية فلا تجد لها أثرا. ولفت جويدة إلى أنه إذا اردنا المقارنة بين مصر الرقى والتحضر والترفع علينا أن نسمع لغة الحوار في الشارع وعلى الشاشات وفى حوارات النخبة والأحزاب السياسية وقارن بينها وكلمات العقاد وخطب سعد زغلول وأحاديث طه حسين وكلمات رامى.. وقبل هذا حاول أن تشاهد جمهور حفلات أم كلثوم حيث الشياكة والترفع وجمهور هذه الأيام حيث السوقية والترخص والإسفاف، قائلا "لا أطالب بعودة الزمن لأن هذا أمر مستحيل ولكن أطالب بدراسة الأسباب التي وصلت بنا إلى هذا المستوى الهابط في الغناء والحوار والكلام ابتداء بالأغاني والمسلسلات وابتداء بالخطب والأفلام". ويرى الشاعر فاروق جويدة أن هناك أمراض كثيرة يعانى منها المناخ الثقافي في مصر في كل جوانبه أبداعا وجمهورا ولغة وحوارا.. ولا يمكن أن نفصل قضية إصلاح الخطاب الديني عن لغة الحوار ولا يمكن أن نناقش قضايا الإبداع بعيدا عن مصادره من المبدعين ولا يمكن مناقشة قضايا الحريات بعيدا عن المناخ السياسي حيث لا فكر ولا أحزاب ولا قضايا.. أن الدولة تخصص الملايين كل عام في ميزانيتها للثقافة والتعليم والإعلام والشباب فهل وصلت هذه الأموال إلى مستحقيها وهل تركت لنا عقولا أفضل وسلوكا أرفع ولغة تحافظ على قيم المجتمع وأخلاقياته.. هناك جزء كبير من هذه الأموال ضاع في المنشآت والمباني وجزء آخر ضاع في الحفلات والتسالي وجزء ثالث ضاع على المرتبات والمكافآت والليالي الخضراء والحمراء في سراديب المكاتب والمؤسسات وبقى العقل المصري يعانى كل أمراض السطحية والتخلف والبلاهة. واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن المجتمع يستطيع تبنى المواهب وإقامة معاهد للإبداع والمكتبات والمسارح ودور السينما وليس هناك ما يمنع أن يكون جزءا من هذه المنشآت بهدف الربح ولكن في نطاق الخدمات الثقافية.. وعلينا أن نفتح أبوابا للحوار حول الاستثمار الثقافي بعيدا عن تجارة العقارات والأراضي والمنتجعات أمام وطن كل شبر فيه يمثل تاريخا ثقافيا عريقا..حتى الآن مازالت قضية الثقافة على هامش حياتنا رموزا ودورا ومسئولية ومكانة رغم أنها أعظم ما لدينا واعرق ما فينا.. يجب أن تأخذ الثقافة مكانها ومكانتها في فكر وخيال الدولة المصرية بعد أن غابت زمنا طويلا عن عقول سبقت لم تؤمن بها ولم تحافظ عليها وتركتنا نجنى الثمار المرة في التخلف والتجريف والإرهاب. .. وفي مقاله "خواطر" بصحيفة الأخبار وتحت عنوان (التهاون والإهمال والتراخي وراء السماح بالغدر الإرهابي) يرى الكاتب جلال دويدار، أن لا أحد يستطيع أن يزعم أن هناك إمكانية لوقف العمليات الإرهابية الغادرة والخسيسة 100٪ ومنها على سبيل المثال تفجير أبراج الكهرباء التي يقع الجانب الأكبر منها في مناطق نائية أو صحراوية، لافتا إلى أنه رغم هذه الحقيقة إلا أن تكرار هذه الحوادث وبنفس الصورة يدفع إلى القول بأن هناك نوعًا من التهاون والإهمال والتراخي في تأمين هذه المنشآت دون الاستفادة من تكرار نفس الحوادث وبنفس الأسلوب، وكان علينا أن نستوعب هذه التجارب وهو ما يتطلب شحذ الفكر والهمم في عمليات المواجهة والتصدي المسبق. وطالب الكاتب بمضاعفة الجهود الأمنية للوصول إلى العقول المدبرة لهذه الحوادث، حيث أن طرق الاستهداف والتنفيذ تدل على أن الذين يقومون بها عناصر محترفة، وإنهم ليسوا غرباء عن قطاع الكهرباء تواصلًا وعملًا وهو الأمر الذي يجعلهم قادرين على اختيار أهدافهم لتحقيق التأثير المعنوي والاقتصادي، وما يؤكد هذه الحقيقة أن آخر ضحاياهم كانت أبراج الكهرباء المغذية لمدينة الإنتاج الإعلامي حيث تشير الأحداث إلى أن الوصول إلى هذه الأبراج وتحديدها اعتمد على إمكانات فنية وامتلاك لخريطة توصيلاتها. وأوضح الكاتب أن هذه النقاط التي من المتوقع أن تتناولها التحقيقات الجارية تحتم على محمد شاكر وزير الكهرباء القيام بعملية تطهير شاملة بين العاملين في أجهزة الضغط العالي بالوزارة، وعليه أن يستعين بالعقول الخبيرة في الأمن الوطني والجنائي لمساعدته في الوصول إلى هؤلاء المجرمين الذين نفذوا هذا العمل الإجرامي باعتبارهم من أعضاء الخلايا النائمة لجماعة الإخوان الإرهابية، ويجب ألا يمنع وزير الكهرباء عن القيام بهذه المهمة أي عائق عليه أن يضع نصب عينيه وهو يقوم بهذا الإجراء أنه يؤدي واجبًا وطنيًا نحو أمن واستقرار الوطن الذي يستهدفون تدميره وتخريبه. ولفت "دويدار" إلى أن نفس هذا السيناريو تكرر مع بعض المنشآت الأمنية في شمال سيناء وتمثل أخيرًا في الهجوم على قسم ثالث العريش، وأن ما حدث يشير إلى أن استهداف هذا الموقع قد تم بعد الفشل الذريع الذي لحق بعصابات الإرهاب في منطقة الشيخ زويد وبعد أن تبين لها أن عمليات التأمين لهذه المنطقة تعاني من نقاط ضعف أهمها التراخي الذي يشير إلى أن هناك غيبوبة من جانب المسئولين عنها. وأختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أنه لا جدال في أن هذه التجارب الدموية المريرة تدمي قلوب المصريين المهمومين بأمن واستقرار وطنهم ومواصلة مسيرتهم نحو البناء والتنمية، مشددا على أنه ليس من سبيل لمواجهة هذا الغدر سوي الاستنفار المتواصل وأن تتسم القبضة الأمنية الجديدة بالمزيد من اليقظة وقوة البطش في تعاملهم مع هذه النزعات الحاقدة والغادرة إن عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أن وطنهم في خطر وأن حياتهم غالية علينا وأنهم يتحملون مسئولية حمايته وحماية مقدراته أينما كانت. وفي مقاله "بدون تردد" في صحيفة الأخبار وتحت عنوان (المواجهة.. والاسترخاء) يقول الكاتب محمد بركات، إنه في ظل التفجيرات الإرهابية التي وقعت مؤخرا في سيناء وغيرها من المحافظات، بات واضحا أننا أمام حالة من الجنون المقترن بالخسة والنذالة، سيطرت على جماعة الإفك والضلال وعصابات الإرهاب التابعة لها والمتحالفة معها، وطمست على قلوبهم وعقولهم ودفعت بهم إلى هاوية عميقة من العنف والتدمير وسفك الدماء، وخيانة الوطن والشعب. وقال إنه من المؤكد أننا الآن في حرب فاصلة، ضد أعداء الحياة الغارقين في الغل والحقد والكراهية، للوطن والشعب والدولة المصرية بكل مؤسساتها وهيئاتها ومواطنيها، ولا سبيل أو خيار أمامنا سوى الإصرار على الانتصار في هذه المواجهة، وهزيمة قوى الشر والضلال والإرهاب. وأكد الكاتب أن الانتصار في هذه الحرب يتطلب منا جميعا الانصهار في بوتقة واحدة، تضم كل جموع الشعب برجاله ونسائه وشبابه وكل قواه وهيئاته وأطيافه الاجتماعية، وكل مفكريه ومثقفيه وفنانيه، وأن نقف صفا واحدا ويدا واحدة مع قواتنا المسلحة وأجهزتها الأمنية في مواجهة قوى الظلام والبغي والعدوان، داعيا إلى إدراك أن هذه المواجهة وتلك الحرب ألا يجب أن تقتصر على قواتنا المسلحة ورجال الشرطة فقط، مهما كانت قوتهم وشجاعتهم وبسالتهم، ولكننا جميعا يجب أن نكون في خط المواجهة وصفوف التصدي والدفاع، وذلك بالانتباه واليقظة واتخاذ جميع أسباب الحذر والوقاية. واختتم بركات، مقاله بالتأكيد على أن الجميع عليه أن يعي جيدا أننا نستطيع إحباط جميع المحاولات الآثمة والمجرمة للإرهابيين، إذا ما كنا على القدر اللازم والضروري من اليقظة والانتباه لما يدور حولنا، خاصة إن هؤلاء القتلة يعتمدون في جرائمهم على استغلال حالة الاسترخاء وعدم التنبه وغياب اليقظة منا جميعا.. ولذلك لا بد أن نضع حدا لحالة الاسترخاء والغفلة السائدة والمنتشرة بيننا، والشائعة للأسف في عمليات التأمين الواجبة لكثير من الأماكن الحيوية والمؤسسات المهمة، وكذلك أيضا المرافق العامة وأماكن التجمعات وغيرها. وأكد أن هذه الحالة من الاسترخاء، لا تتسق على الإطلاق مع ما يجب أن نكون عليه جميعا من يقظة تامة وحذر شديد وانتباه تام، في ظل المواجهة الشاملة والحرب الفاصلة التي نخوضها الآن ضد من ماتت ضمائرهم وخانوا وطنهم وراحوا يعيثون في الأرض فسادا وقتلا وتدميرا. وفي مقاله بصحيفة المصري اليوم وتحت عنوان (سيناء الجريحة) يرى الكاتب عمرو الشوبكي، أن هناك مشكلة في سيناء، وهناك خطاب إعلامي وسياسي وممارسات عمّقت من جراح أهالي سيناء، حتى أصبحنا أمام مشكلة حقيقية معرضة للتفاقم مادمنا لم نمتلك رؤية سياسية واجتماعية لحل مشاكلها، ومادام هناك من يدعو لدكّ سيناء وتهجير أهلها ويصفهم ب«الخونة والمتآمرين». ورأى أن الحقيقة أنه في الوقت الذي يطالب فيه البعض بأن تكون سيناء قاعدة لانطلاق مشاريع مصر التنموية والسياحية، ويعجز عن استيعاب ما يقرب من مليون مواطن داخل النسيج المجتمع المصري، ويصب «جام فشله» على أهلها، فالسؤال الذي يجب أن يُطرح، ما الذي جعل جزءًا من البيئة الاجتماعية في سيناء يغير موقفه من الدولة المصرية، وكيف انتقل دعم قطاع واسع من أهالي سيناء للجيش والدولة المصرية أثناء الاحتلال الإسرائيلي إلى موقف فيه كثير من الريبة والخوف لدى البعض، والمرارة والعلاقة الثأرية لدى البعض الآخر، بما يعنى أن العيب ليس في «جينات» أهالي سيناء الذين اختاروا أن يقفوا مع الدولة المصرية ضد ترهيب وترغيب إسرائيل منذ أكثر من 40 عاما، وعادوا وأصبح لقطاع منهم موقف سلبي من هذه الدولة؟. وكما رأى أن الاعتراف بأن هناك بيئة حاضنة للإرهاب في سيناء لا يعنى اعتبار أهلها إرهابيين، فالبيئة الحاضنة في الحالة المصرية هي بيئة جزئية وليست شاملة، وهى مرتبطة بجملة من الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي لم يحاول أهل الحكم منذ عهد مبارك حتى الآن حلها، ولو بشكل تدريجي. وأوضح أنه في كل بلاد العالم التي دحرت الإرهاب، بما فيها مصر في الثمانينيات، بدأنا بالسؤال الكبير، هل هناك بيئة حاضنة للإرهاب؟ وكيف يمكن تجفيف منابعه الفكرية والمادية؟ هذا السؤال حاولنا أن نجيب عنه في حربنا الأولى ضد الجماعات الجهادية في الثمانينيات والتسعينيات بالعمل على تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب حين لم تكن هناك بيئة اجتماعية تُذكر حاضنة له، وكان البعد العقائدي هو المسيطر (الانحراف في التفسير الدينى) على هذه الجماعات، وليس الشعور بالظلم السياسي أو التهميش الاجتماعي كما هو الحال الآن (وجعل هناك بيئة حاضنة للإرهاب)، ولعب الأزهر في ذلك الوقت دورا مهما، وتحاور علماؤه مع الجهاديين والتكفيريين داخل السجون وخارجها، ونجحت الدولة في كسر شوكة الإرهاب. وأختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن سيناء ليست جزءًا حسب الحاجة من مصر نغني لها ولأرض الفيروز حين تجلب لنا السياحة والعملة الصعبة وتحتضن مشاريعنا الكبرى، وحين تمر بمحنة - بسبب سياسات الحكم الخاطئة - يصب بعضنا جام غضبه على أهلها ويتهمهم بأسوأ الاتهامات، وينسى أو يتناسى أنه فشل في حل مشاكلهم، بل ربما كان سببًا في تفاقمها.