تحولت اليمن إلى ملعب ل«المناورة السياسية» بين عدد من الأطراف الإقليمية والدولية على رأسها: واشنطن وطهران وموسكو من ناحية، والرياض ودول الخليج والقاهرة من ناحية أخرى. تبدو تحركات الجانبين أشبه بالتحرك على رقعة شطرنج في اتخاذ مواقف والتراجع عنها، واتخاذ خطوات فعلية في اتجاه التحرك العسكري مع الاستمرار في خط الحل السياسي، والتلويح بهذا أو ذاك حسبما تقتضيه تحركات الطرف الآخر من اللعبة. مصر.. مشاركة في العاصفة ودعوة ل«حل سياسي» كانت القاهرة قد أعلنت في 26 مارس الماضى مشاركتها في عاصفة الحزم خلال بيان لمؤسسة الرئاسة بمشاركة عناصر من القوات المسلحة المصرية من القوات البحرية والجوية بعد استيفاء الإجراءات الدستورية، لاستعادة الاستقرار والشرعية في اليمن. وفى بيان الرئاسة لم تشر القاهرة إلى نيتها الدفع بقوات برية مكتفية بالإشارة إلى قوات البحرية والجوية، رغم أن بيان وزارة الخارجية الذي سبقه بساعات والذي حمل تصريحات لوزير الخارجية سامح شكرى أشار إلى قوات برية إذا لزم الأمر، وهو ما تم التراجع عنه في بيان الرئاسة. تزامن ذلك مع بدء تحرك 4 بوارج حربية مصرية عبرت قناة السويس، متجهة إلى اليمن دعما للعملية العسكرية وتأمينا لمضيق باب المندب وضمان استمرار حركة الملاحة. 3 إبريل غادر الفريق محمود حجازي القاهرة، متوجها إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مؤتمر رؤساء أركان الدول العربية. 4 إبريل عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى اجتماعا عاجلا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لمناقشة تطورات العمليات العسكرية ومجمل الأوضاع في اليمن، وفى هذا الصدد أكد الرئيس أن مصر لن تتخلى عن أشقائها من الدول العربية، ليس فقط في الخليج الذي يعد أمنه خطا أحمر وجزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصري، ولكن أيضا في كل الدول العربية. لوح السيسى خلال كلمته عقب اجتماعه بالمجلس العسكري باتخاذ الإجراءات الدستورية للبدء في إرسال قوات برية، مؤكدا أننا لن نتخلى عن الدفاع عن أشقائنا في الخليج، مستدركا بقوله إننا نسعى إلى حل سياسي يجنب الجميع المشاكل، وهو ما كشف عن ميل مصر إلى حل سياسي يسبق أي تحرك عسكري. تزامن ذلك بإجراء القاهرة مشاورات مع عدد من العواصم العربية من بينها مسقط لطرح مبادرة للحل السياسي تتضمن انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء، وتسليم القواعد العسكرية والأسلحة التي أستولت عليها. من جهة أخرى فإن تحركات وزير الدفاع الفريق أول صدقى صبحى، أشارت بقوة إلى التدخل البرى بالتنسيق مع باكستان والمملكة العربية السعودية. 6 إبريل توجه الفريق أول صدقي صبحي، إلى باكستان على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، في زيارة استغرقت عدة أيام لمقابلة وزير الدفاع الباكستانى وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة قبل أن يتوقف ترانزيت في سلطنة عمان ويلتقى وزير الدفاع العمانى. 9 إبريل توجه صبحى، بعد انتهاء زيارته الناجحة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد إلى المملكة العربية السعودية، وحضر اللقاء رئيس هيئة التسليح للقوات المسلحة اللواء عبدالمحسن موسى الشبراوى وقائد القوة المصرية المشاركة في التحالف العميد رفيق رأفت عرفات. وبينما أعلن المتحدث باسم الجيش المصرى، العميد محمد سمير، أن مشاركة القوات المسلحة المصرية في عمليات التحالف مقتصرة على عناصر من القوات البحرية والجوية، مشددا على عدم وجود قوات برية لبلاده حتى الآن ضمن القوات المشاركة في عملية «عاصفة الحزم»، كشفت القاهرة عن الاتفاق مع السعودية على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث تنفيذ مناورة إستراتيجية كبرى على أراضى المملكة العربية السعودية بمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج، الأمر الذي يوحى باستعداد القوات المصرية على الحدود السعودية لدخول اليمن في أي لحظة. الولايات المتحدة.. تدعم الضربات الجوية وتدعو لحل سياسي شاركت في لعبة الشطرنج على أرض اليمن، فرغم أن الولايات المتحدة أعلنت دعمها لعملية عاصفة الحزم عبر تقديم مساعدات لوجستية ومخابراتية، إلا أنها عادت تدعو إلى ضرورة الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. 8 إبريل أكد أنطونى بلينكين نائب وزير الخارجية الأمريكى أن واشنطن تعجل بتوريدات الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وقال بلينكين: إن السعودية تبعث برسالة قوية إلى الحوثيين وحلفائهم بأنه لا يمكنهم السيطرة على اليمن بالقوة. ومع الأنباء المتواردة عن أن التدخل البرى باليمن أصبح قرارا وشيكا، بدا تراجع ملحوظ في الموقف الأمريكى، وقالت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن سامنثا باور، في جلسته المنعقدة 14 إبريل، مضيفة أن الانتقال الشرعى للسلطة في اليمن لا يمكن أن يحدث إلا عن طريق مفاوضات سياسية واتفاق بين جميع الأطراف مرتكزا على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. إيران.. ارتبطت حدة الموقف الإيراني في التدخل بأزمة اليمن بالاتفاق النووى الذي أبرمته مع القوى العربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والذي يسمح لإيران بتملك برنامجها النووى، بما يوحى بتسويات نفوذ بالمنطقة بين الولايات المتحدةوإيران. في 9 إبريل توجهت سفن حربية تابعة للجيش الإيرانى إلى خليج عدن ومضيق باب المندب وأفادت وكالة أنباء فارس الإيرانية بأن المجموعة 34 الاستطلاعية التابعة للجيش الإيراني، وتضم الفرقاطة اللوجستية، وشهر، والمدمرة البرز، توجهت إلى خليج عدن ومضيق باب المندب، لتوفير الأمن لخطوط الملاحة البحرية الإيرانية، وصون مصالح إيران في المياه الدولية الحرة، وصرح قائد القوة البحرية للجيش الإيرانى، الأدميرال حبيب الله سيارى، بأن مهمة المجموعة البحرية تستغرق نحو 3 أشهر. 11 إبريل طلب نائب وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبد اللهيان، من الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون العمل على وقف الضربات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن على الفور، وقال في تصريح لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إرنا، إن المسار العسكري في اليمن محكوم عليه بالفشل. 12 إبريل قال عبد اللهيان: إن «أعداء المنطقة يحاولون تقسيم وإضعاف السعودية، والاعتداء علي اليمن وتبعاته نقطة بداية لهذه الخطة المشؤومة. حزب الله.. يد إيران مع «الحوثيين» ضد السعودية دخل حزب الله اللبنانى على خط الأزمة اليمنية مهاجما المملكة السعودية وعملية عاصفة الحزم، ووصف أمين عام حزب الله حسن نصرالله العملية العسكرية في اليمن ضد الحوثيين بالعدوان على اليمن. ويأتى هجوم حزب الله كونه الضلع اللبنانى الأقرب إلى إيران ضمن المكونات اللبنانية التي اتخذت موقفا مؤيدا للمملكة السعودية من بينها تيار المستقبل وقوى 14 آذار. السعودية.. العمليات العسكرية أولًا والحل السياسي لاحقًا تؤكد السعودية من خلال تصريحات دبلوماسييها والمتحدث العسكري الرسمى باسم قوات التحالف، أنه حتى الآن لا تقتضى الأمور التدخل البرى، مكتفية بالضربات الجوية الموجهة إلى معاقل الحوثيين، ولكن ما يجرى من استعدادات غير ذلك، حيث تسعى السعودية للدفع بقوات برية للاشتباك مع القوات الحوثية. 26 مارس وصل رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادى، إلى مطار قاعدة الرياض بالمملكة العربية السعودية. 27 مارس أكد وزير الخارجية اليمنى رياض ياسين أن هناك فرصة للحوار مع الحوثيين لكن بشروط، بينها الاعتراف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادى، وهو ما فتح الباب أمام حل سياسي ومفاوضات مع الجانب الحوثى. 28 مارس انطلقت فعاليات القمة العربية بشرم الشيخ، وهى القمة تم الاتفاق فيها على تشكيل قوة عربية مشتركة في نهاية فعاليات القمة العربية، مما أعطى إشارات قوية بالتدخل البرى في اليمن وتراجع أي مؤشرات لحوار سياسي. سرعان ما تراجعت مؤشرات التدخل البرى من خلال تصريحات السفير السعودى في الولايات المتحدة عادل الجبير بأن الرياض تركز على استخدام الضربات الجوية لمحاربة الحوثيين في اليمن ولم تفكر في إرسال قوات برية هناك. وهو ما أكده أيضا أحمد العسيرى، المتحدث الرسمى باسم قوات التحالف، المشاركة في عملية عاصفة الحزم، في الأول من إبريل، إذ قالت السعودية إنها لن ترسل قوات برية إلى اليمن للقتال ضد الحوثيين إلا إذا لزم الأمر. التصريحات السعودية الجازمة بعدم النية لتدخل برى تعارضت مع التحركات الفعلية على الأرض، حيث قال وزير الدفاع الباكستانى 6 إبريل إن السعودية طلبت من باكستان جنودا وطائرات لعملياتها ضد الحوثيين. علي عبد الله صالح.. المخلوع يحذر من المستنقع اليمني يعد الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح أحد العناصر الفاعلة في المعادلة اليمنية، حيث تسيطر القوات الموالية له على عدد من القواعد العسكرية والإستراتيجية المهمة والتي تحالفت مع القوات الحوثية وضمنت لها سيطرة كاملة على المحافظات الجنوبية والغربية. وكان صالح قد دعا إلى وقف العمليات العسكرية واستئناف الحوار بين أطراف الأزمة في بلاده، قبل أن يشن هجوما عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى على السعودية والدول الحليفة لها قائلا «الجرح موجود فلا تعمقوا الجرح. ابحثوا لكم عن حل للخروج من مستنقع اليمن.. اليمن ليس كأى قطر آخر، إذا أردتم توجيه رسالة لإيران يجب ألا تكون عبر تدمير اليمن». باكستان.. حياد يصدم المملكة.. و«شريف» يؤكد الدعم شهد الموقف الباكستاني الداعم للسعودية في عمليتها العسكرية باليمن انحرافا كبيرا عن بداية الأزمة، فباكستان كانت المرشح الأول إلى جانب القوات المصرية للمشاركة في العملية البرية باليمن إلا أنها عادت لتعلن أنها على الحياد وملتزمة بالدفاع عن الأراضى السعودية ضد أي اعتداء دون مشاركة قواتها في أي تدخل برى ضد الحوثيين. وكانت باكستان أعلنت في 30 مارس أنها سترسل قوة عسكرية إلى المملكة العربية السعودية، للمشاركة في عمليات التحالف المناهض للحوثيين في اليمن. 10 إبريل صوت البرلمان الباكستانى بالإجماع لصالح قرار يحث الحكومة على التزام الحياد في النزاع الدائر في اليمن، كما دعا الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار في اليمن، لكنه أكد دعمه التزام الحكومة الباكستانية بحماية أراضى السعودية. التغيرات في الموقف الباكستانى دفعت وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية إلى مهاجمة باكستان، وقال أنور قرقاش، إن قرار البرلمان الباكستانى الذي ينص على الحياد في الصراع اليمنى ويعرب عن دعمه الصريح للسعودية، متناقض وخطير وغير متوقع من إسلام أباد: «الموقف الملتبس والمتناقض لباكستان وتركيا خير دليل على أن الأمن العربى من ليبيا إلى اليمن عنوانه عربي، واختبار دول الجوار خير شاهد على ذلك». واصفا إياهم بالحياد المتخاذل. تركيا انقلب الموقف التركي الداعم للعملية العسكرية في اليمن بقيادة السعودية بعد اللقاء الذي جمع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ونظيره الإيرانى حسن روحانى، ليخرج بعدها أردوغان مطالبا بضرورة الوصول إلى حل سياسي ووقف عاصفة الحزم. وأعلن الرئيس الإيرانى حسن روحانى، أن إيرانوتركيا متفقتان على ضرورة إنهاء الحرب في اليمن وتشجيع عملية سياسية لإيجاد حل للأزمة في البلاد. وكانت تركيا قد أعلنت في 26 مارس الماضى تأييدها للعملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد جماعة الحوثى في اليمن وطالبت الجماعة و«داعميها الأجانب» بالكف عن التصرفات التي تهدد السلام والأمن بالمنطقة. وصرح وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو، في 3 إبريل الجارى، بأن بلاده تريد حلا سياسيا للأزمة اليمنية لكنها عرضت تقديم دعم لوجستى للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي ينفذ الغارات الجوية في محاولة لوقف تقدم المسلحين الحوثيين، قبل أن يتراجع الموقف التركي بغتة في ميل واضح اتجاه إيران. الحوثيون.. مغازلة مصر ب«باب المندب» في 4 إبريل بعث المتحدث باسم جماعة «أنصار الله» الحوثى في اليمن برسالة طمأنة إلى مصر بخصوص مضيق «باب المندب» الإستراتيجي. وقال المتحدث محمد عبد السلام، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي يسيطر عليها الحوثيون، إنه «سبق أن أوضحنا للقيادة المصرية والشعب المصرى الشقيق أن اليمن حكومة وشعبا أبديا استعدادهما للدخول في نقاشات مباشرة لإزالة المخاوف إن وجدت فيما يخص مضيق باب المندب وتأثيراته على الملاحة الدولية». إلا أن ذلك لم يمنع الحوثيين من الاستمرار في التقدم عسكريا على الأرض والاستيلاء على قصر مقر الحكم بعدن، والسيطرة على مطار عدن والقواعد العسكرية المتحكمة في مضيق باب المندب ومحاولة اقتحام محافظات الضالع وشبوة وأبين. 8 إبريل أعلن وزير خارجية الإمارات أن الحوثيين رفضوا الحل السياسي. روسيا.. ترفض الحرب وتحذر من نزاع طائفى حافظت روسيا على موقفها الرافض للعملية العسكرية باليمن منذ البداية، وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أكد أهمية الوقف الفورى للقتال في اليمن، وذلك خلال اتصال هاتفى أجراه مع نظيره الإيراني حسن روحاني. وأفادت الرئاسة الروسية بأنه خلال تبادل الرئيسين الاراء حول تصعيد الوضع الأمنى في الجمهورية اليمنية، أشار الجانب الروسى إلى ضرورة تفعيل الجهود، بما في ذلك جهود الأممالمتحدة، لبلورة حلول سلمية للنزاع في البلاد.ودعا وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف كل أطراف النزاع في اليمن إلى وقف العنف، مشددا على ضرورة تجنب تحول النزاع إلى مواجهة بين السنة والشيعة. وامتنعت روسيا عن التصويت على مشروع القرار العربي بشأن اليمن الذي تبناه مجلس الأمن لطلبها تضمين القرار حظر تسليح قوات الرئيس هادى وهو ما لم يتم الأخذ به. وتبنى مجلس الأمن الدولي مشروع القرار العربي بشأن اليمن تحت الفصل السابع والذي يحظر تزويد الحوثيين بالأسلحة ويفرض عقوبات على قادتهم ونجل الرئيس السابق. وأيد 14 من أعضاء المجلس المشروع، في حين امتنعت روسيا عن التصويت. من النسخة الورقية