طالبت أحمد عز بترك السياسة عقب الإفراج عنه لكنه تجاهلنى بعدما فصلنا أبوالعينين اتصل بى وقال: الحزب هو اللى أذاني ساندت زكريا عزمى في بداياته وعندما كبر أنكرنى وحيدر بغدادي يبحث عن نفسه فقط أنا خارج حسابات أحمد عز، لأنى أصنف من الحرس القديم.. والفرق بينى وبينه في السياسة هو الفرق ما بين السماء والأرض هناك فرق بين أنك تكون "راجل قاعد على المكتب، وأن تكون رجل تنزل الشارع وتجلس على القهوة في الدرب الأحمر وتسمع الناس في الواقع الدكتور محمد رجب، آخر أمين عام مساعد للحزب الوطني الديمقراطي، تولى مسئولية الحزب في لحظة فارقة واستثنائية من تاريخ مصر والحزب الذي بات في ذمة التاريخ، فقد تولى رجب موقعه السياسي الأخير، وقت أن كانت ميادين مصر مشتعلة بالثورة، وفر الجميع هاربًا من غضب المحتشدين أمام مقار الحزب الوطنى التي حاصرتها النيران. الدكتور محمد رجب أكد في حواره ل"البوابة"، أن مبارك هو القائد الحقيقى لثورة يناير بغروره الذي تسبب في الثورة، ورغم أنه لم يكن راغبًا في البقاء لفترة أخرى، إلا أن القوى المستفيدة وأصحاب المصالح كان لها رأى آخر، وكشف عن كواليس الأيام الأخيرة للنظام الذي حلت ذكرى سقوطه الرابعة، كما يكشف عن تفاصيل علاقته بأحمد عز مهندس النظام، وزكريا عزمي كاتم الأسرار، وصفوت الشريف والوريث جمال مبارك.. في هذا الحوار. ■ كيف ترى رفض الرئيس السيسي في أن يكون له حزب سياسي؟ - الرئيس السيسي بالفعل يحتاج إلى ظهير سياسي، لكن لا يجب أن يعلن هو عن ذلك، كما أن المجموعات التي تتحدث عنه غير مقبولة، وإن كانت المسألة تبدو معقدة، إلا أن ما حدث أيام الرئيس السادات ومبارك قد يتكرر مع الرئيس السيسى في النهاية، ويصبح له حزب سياسي. ■ ولماذا ترى أن تجربة مبارك والسادات في السياسة، يمكن أن تنسحب على الرئيس السيسي؟ - رغم أن مبارك لم يكن راغبًا في البقاء رئيسًا للحزب الوطني، لكن كانت هناك قوى مستفيدة استطاعت إقناعه ونجحت في ذلك، وهؤلاء هم الذين دخلوا لتحقيق مصالح في الحزب، خاصة أن السياسة المتبعة في فترة حكم مبارك، كانت هي أن يكون اختيار الوزراء مشروطًا بالانضمام للحزب، وهو ما يعنى وجود علاقة بين الحكومة والحزب، والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن من المرات القليلة أو ربما النادرة التي تم فيها اختيار الوزير من خارج صفوف الحزب، كانت هي المتعلقة باختيار كمال الشاذلى الذي بدأ في الحزب كأول أمين تنظيم، وبعد ذلك دخل الوزارة، وهذا كان بإيحاء من حسنى مبارك شخصيًا..فضلًا عن عدم خروج أي وزير من الحزب بعد خروجه من الوزارة. ■ كيف تفسر ما كان يحدث داخل الحزب الوطني في السنوات الأخيرة قبل الثورة؟ - اعتبارًا من 2002 حينما دخل جمال مبارك الحزب، وأصبح واحدًا من المؤثرين في قراراته، في ذلك التوقيت بدأ الترويج لبعض المفردات التي توحى أن أداء الحزب ضعيف، وأن جمال ومعاونيه جاءوا بفكر جديد لإنقاذ الأمور، لكن هؤلاء كانوا يعملون في دائرة خاصة بعيدة عن الناس، وأنا أقول إن تنجح في إدارة شركة شىء عظيم، لكن هذا لا يعنى أن تنجح في إدارة حزب سياسي. ■ عقب 25 يناير وفى اللحظة الفارقة التي تتشكل بعدها خريطة جديدة تمت الاستعانة بك أمينًا عامًا للحزب..فلماذا وافقت في هذا الوقت؟ - عندما قامت الثورة، قررت هيئة المكتب الاستقالة، وكانوا ستة أشخاص هم الذين يديرون الحزب، وأنا كنت دائمًا أقول في الأمانة العامة: إن هيئة المكتب أخذت اختصاصاتنا في جميع الأمور. وفى تلك الأثناء جاء حسام بدراوى أمينًا عامًا للحزب، وأنا أمين عام مساعد ومحمد عابد وماجد الشربينى ومحمد كمال، وأخبرونى بهذا التشكيل الجديد للأمانة العامة وقالوا إنهم في احتياج لوجودى في هذا التوقيت الاستثنائى، فوافقت على الفور وقلت لهم: أنا مستعد للوقوف على الباب. وبعدها بعدة أيام كلمنى الدكتور حسام بدراوى، وقال لى إنه استقال بعد مشادة مع أحد الصحفيين في التليفزيون، وإن الاستقالة كانت على الهواء. فقلت لهم سأظل في الحزب، وقد كان رأيى هو بقاء الحزب الوطنى. فقد فصلنا 100 عضو وكل القيادات الرئيسية التي استدعاها النائب العام بعد محاكمة الرئيس مبارك، وقلت لمن طالبوا بذلك إن كل من استدعاه النائب العام، تم فصله، لكن كانت الموجة كبيرة، وكان لابد من تهدئه الرأى العام. وقد كان ممن تم فصلهم من الحزب رجل الأعمال محمد أبو العينين، حيث كلمنى بعدها وقال لى: الحزب الوطنى ده هو اللى أذانى، فقلت له: إحنا فصلنا كل واحد النائب العام استدعاه للتحقيق، وفى هذه المرحلة استقال أعضاء المكتب الستة الذين كانوا يديرون الحزب. ■ من الذي اتخذ قرار تعيين حسام بدراوى أمينًا عامًا للحزب الوطني؟ - أنا لا أعرف شيئًا عن ذلك، وكل ما أعرفه أن صفوت الشريف اتصل بي، وأخبرنى بأننى سأتولى الأمانة العامة للحزب، أما عن تعيين حسام بدراوى فلا أعرف عنه شيئًا أكثر مما قلته. ■ وما الذي حدث بعد ذلك؟ - أيام الثورة كانت أسوأ أيام عشتها في حياتى، فكل وسائل الإعلام أصبحت ضد الحزب، وأحرقت مقاره بما فيها الرئيسى، وكنت بين نارين إما أن أترك الحزب مثل الدكتور حسام بدراوي أو استمر. وكانت ضغوط جماعة الإخوان قوية جدًا، وأنا أعلم حقيقة جماعة الإخوان جيدًا، ونصحت المجلس العسكري ألا يتركوا الساحة لهم، وعدم حل الحزب الوطنى لأنه الوحيد "اللى فيه الرمق" ليقف أمام تلك الجماعة، وأكدت لهم أننا بدأنا عملية تنقية وتطهير له، وفصلنا أحمد نظيف ويوسف بطرس غالى وأحمد عز ومحمد أبو العينين، وأنا كنت ضد حل الحزب الوطنى، وأجريت حوارات تليفزيونية تحدثت فيها عن ذلك، وقابلت عصام العريان وقال لى «انتوا بقالكوا 30 سنة بتحكموا، سيبونا نحكم 5 سنين»، لكن حينما حصلوا على الحكم، ظهر الوجه الحقيقى وكان ما قلته للمجلس العسكري بأن لا داعى لحل الحزب صحيحًا، حيث أعطى ذلك الفرصة للإخوان الذين لم يستطع أحد أن ينافسهم. لكن المجلس العسكري كان مضغوطًا عليه، وكان بعض الحاقدين هم ممن رتبوا مسألة الحكم للتخلص من الحزب، وهنا كان يلاحظ في الحكم مسألتين، الأولى أن حيثيات الدعوة التي أقيمت لحل الحزب هي نفسها حثيثات الحكم. والثانية هي حل الحزب بعد جلستين. ■ هل كانت هناك نية لبعض أعضاء الحزب الوطنى في تشكيل تكتل وفق ما روج له حيدر بغدادى؟ - حيدر بغدادى يبحث عن حيدر بغدادى فقط، الحزب تم حله وكوادره بشر، بعضهم يرى في نفسه أنه يستطيع أن يخوض الانتخابات، ولما الدنيا "اتلخبطت"، أنا أسست حزب "المواطن المصرى"، وكان أول حزب يحصل على ترخيص بعد الثورة، ومن خلال ممارستى للعمل السياسي لسنوات طويلة، أعرف تمامًا أنه إذا لم تكن مسنودًا، فلا تفكر في تأسيس حزب مصرى، لأن إذا عندك طاقات بشرية، ولا يوجد تمويل، فلن يكون هناك تأثير، وما جرى بعد الثورة من القبض على أحمد عز أو بعض النواب لم يكن إلا محاولات لتهدئة الرأى العام، ومجاراة الواقع. ■ هل اتصلت بالمهندس أحمد عز بعد خروجه من السجن؟ - أرسلت لأحمد عز بعد خروجه من السجن، رسالة واضحة تقول له "الزم بيتك"، ولا تشعل الرأى العام مرة أخرى ضد النظام السياسي الحالى، بسبب أفعالك، فنحن عانينا في الماضى بسبب تلك الأفعال ولم يأتني منه أي رد. ■ قلت إن غرور مبارك هو سبب قيام ثورة يناير، فماذا قصدت بهذا القول ؟ - فعلًا، غرور النظام كان أحد أسباب ثورة يناير، والرئيس مبارك حينما كنت أتحدث إليه كان يشير لى "يا محمد كبّر مخك"، وحديثه خلال الجلسة المشتركة بعد انتخابات 2010 مباشرة وعبارته المشهورة "خليهم يتسلوا" كانت استهانة بالتزوير الفج الذي حدث، واستفزازا للشارع والرأى العام، وهناك واقعة أخرى حدثت في المرحلة الأولى للانتخابات، حينما انسحبت المعارضة، حيث قابلت أحد القيادات وقلت له "هل معقول يكون كل أعضاء البرلمان حزب وطنى! فابتسم وهو يهز رأسه باعتبار ذلك شيئًا عاديًا". ■ من كان وراء ما جرى في انتخابات 2010؟ - أحمد عز جملة وتفصيلًا، وهو من أقنع جمال مبارك بالخطة والتزوير المفضوح لصالح الحزب. أما صفوت الشريف فكان بعيدًا ورفع يده عن الموضوع لأسباب يقدرها هو. وأنا لم أكن أريد الدخول في صراع معها أو مع الرئيس، وسألت صفوت الشريف: إزاى النتيجة دى تطلع، فقال إن أحمد عز وجمال مبارك هما السبب. لكن الرئيس لم يكن راضيًا عن انتخابات مجلس الشعب 2010 وحاول في جولة الإعادة البحث عن أي وجوه من المعارضة. ■ هل كان يتم التزوير في الانتخابات بعلم الرئيس مبارك؟ - الحقيقة سأذكر واقعتين، الأولى في انتخابات الشورى حيث تم الاتصال بالأمين العام للحزب الناصرى أحمد حسن من جانب أمن الدولة، وقالوا له لدينا لكم هدية.. فقال مقبولة؛ ورشح لهم محمد أبو العلا على مقعد العمال، فرفضوا، ثم تم الاتفاق على الترتيب لينجح محسن عطية في تلك الدائرة. أما الواقعة الأخرى، فكانت في دائرة الجمالية والمنشية، حيث تم إسقاط مرشح الحزب أحمد سالم في هذه الدائرة بواسطة الحزب نفسه، عندما قام رئيس مباحث بأخذ مندوبيه من اللجان إلى القسم بدعوى فحص الأوراق، ثم حدث التزوير، وأنا اعترضت على ذلك، وأبلغت صفوت الشريف وقلت له: "هذا إجراء غير أخلاقى ومفيش حزب يحترم نفسه يرشح واحد ويسقطه". ■ ما رأيك في لقاءات أحمد عز مع نواب سابقين من الحزب الوطنى بعد خروجه من السجن؟ - تحمل معنى مزدوجًا، ورغم أن أحمد عز أعلن تفرغه لأعماله قبل أن تتردد الأنباء عن ترشحه، إلا أننى أرى أنه إذا أراد أن يفكر في خوض الانتخابات، فعليه أن يصبر لما بعد 5 سنوات، لأنه الآن سيفجر الغضب الشعبى الذي حدث في 25 يناير، وقلت له في رسالة على الفيس إنك لازم تعلن عدم علاقتك باللعبة دى دلوقتى. ■ هل كنت على علاقة جيدة بأحمد عز؟ - أنا خارج حسابات أحمد عز، لأنى أصنف من الحرس القديم. والفرق بينى وبينه في السياسة هو الفرق ما بين السماء والأرض. فأنا دخلت الأمانة العامة قبله ب6 سنوات، وهو دخل مع جمال وفرقته وفى أحد الاجتماعات وجدت أحمد عز اسمه قبل اسمى في الترتيب، فقلت لكمال الشاذلى إن العادة في الأحزاب المحترمة جرت على احترام الأسبقية في المواقع، ومينفعش أكون أنا داخل في سنة 2000 وهو في 2002 ويسبقنى.. فرد كمال الشاذلى أحمد ربنا إنك لسه قاعد في الحزب. ■ هل حذرت صفوت الشريف من قيام ثورة يناير؟ - أنا لم أحذره، لأنى لم أتوقع أن الأمر سيتحول إلى ثورة، ولكن في المجلس حذرته من ثورة الجياع، فهناك فرق بين أنك تكون راجل قاعد على المكتب، وأن تكون رجل تنزل الشارع وتجلس على القهوة في الدرب الأحمر وتسمع الناس في الواقع؟، وأنا قلت له "خايف أن الغضبة تتحول إلى ثورة الجياع". ■ هل جرت اتصالات بينك وبين صفوت الشريف أثناء سجنه أو بعد خروجه؟ - أنا بكلم صفوت الشريف في الأعياد، وأحيانًا أكلم زكريا عزمى في المناسبات. ■ وكيف كانت علاقتك مع زكريا عزمى؟ - أنا أعرف زكريا منذ أن كنت عضوًا باللجنة المركزية بالقاهرة في الاتحاد الاشتراكى، وكانت اللجنة المركزية مخصصًا لها 33 مقعدًا، ومؤتمر القاهرة ينتخب 66 ورئيس الحزب وقتها كان هو السادات، وله أن يختار 15 عضوًا احتياطيًا. وكان من يدير العملية الانتخابية هو سيد زكي أمين العاصمة، وفتح الله رفعت، وكان من الضباط الأحرار، وأنا كنت أدير المؤتمرات في المقر الذي كان مكان بنك فيصل واحترق. قابلت صديقى صلاح الصفتى، وكان معه واحد، وأنا طبعا كنت لابس جينز وقميص ومدلع نفسى، وكلهم قاعدين بهوات، فصلاح سلم علىّ وعرفنى بواحد قال لى الأستاذ زكريا عزمى من الرئاسة، فقلت أهلًا وسهلًا، فسلم علىّ بتحية جامدة، وقال: صلاح إحنا عايزين ندخله معاكم في قائمة اللجنة المركزية فقلت إن القائمة انتهت، فقال زكريا أنا كان بودى بس وأنا سعيد إنى اتعرفت عليك، وقتها كان بيشتغل مع حسن كامل، وكان أمين عام الرئاسة..وهو الذي طلب دخول زكريا عزمى في اللجنة المركزية، وشاءت الظروف أن حسن زكى، وكان وقتها رئيس بنك القاهرة، يقوم بإعداد قائمة أخرى ويعقد اجتماعات في البنك، فذهبت إليه في شارع عدلى أمام المعبد اليهودى، حيث خرج هو نفسه من القائمة ودخل بدلًا منه زكريا عزمى..وهذه كانت بداية عزمى في الاتحاد الاشتراكى، وبعدها انتقلنا أنا وهو إلى الحزب الوطنى. ■ وهل زكريا عزمى يحفظ لك هذا المعروف؟ - لا بالعكس عندما جاءت انتخابات مجلس الشعب قال لى: "أنا عايز انزل الانتخابات..فقلت إزاى يعنى؟" وكان وقتها نظام القائمة وقالى "سأترشح في القائمة عن دائرة الزيتون، وقال أنا لو مدخلتش دلوقتى مش هدخل خالص". المهم عملنا القائمة وأخدناه ومشيت معاه وربنا فتح عليه ومفيش مرة بعدها كنت أتكلم في أي اجتماع إلا وكان يرد عليّ: كنا انتهينا من إنشاء مجلس حقوق الإنسان، فقلت إحنا كل ما نتكلم في حته بره مصر الناس بتهاجمنا بسبب قانون الطوارئ، فأنا شايف أننا نستخدم القانون لمقاومة الإرهاب فقط، فرد عليّ زكريا عزمى قائلا: أنا مش عارف إزاى يقول زعيم الأغلبية إننا نلغى قانون الطوارئ، وعندما خرجنا من الاجتماع قال لى: ده كلام تقوله وأنت عارف أن لو اتلغى قانون الطوارئ هنضطر نفرج عن 30 ألف معتقل. وزكريا عزمى كان داخل المجلس حاجة وخارجه حاجة أخرى، وعندما تسمعه في المجلس تقول إنه يدافع عن مصالح الناس لكن داخل الحزب هو يدافع عن الوزراء. والحكومة وكان ذا وجهين وكأن له دورًا يلعبه في المجلس وخارجه. ■ كيف كانت تعقد الصفقات داخل الحزب الوطنى مع الإخوان المسلمين والمعارضة؟ - صحيح أنه كان هناك صفقات لكن كيف تمت لا أعلم لأنى لم أكن طرفًا فيها. ■ كيف ترى موضوع توريث الحكم لجمال مبارك؟ - لم يحدث على الإطلاق في وجودى أي حديث عن التوريث، ولم يكن هذا الكلام ليقال في اجتماعات، لكنها كانت مثل الروايات ولم يكن لها واقع ألمسه كحقائق. من النسخة الورقية