"ورفعنا النقاب وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرًا أبدًا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد زعلول متشوقين إلى طلعته". كانت هذه كلمات هدى شعراوي بعد أن قامت بخلع الحجاب علانية أمام الناس مع زميلتها "سيزا نبراوي" عام 1921 أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول. وكتبت تقول في مذكراتها: "ورفعنا النقاب أنا وسكيرتيرتي سيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرًا أبدًا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته وكانت هدى شعراوي قد توسطت إلى المجمع اللغوي في القاهرة والمجامع العلمية العربية بأن تحذف نون النسوة من اللغة العربية. فكان لهدى شعراوي تاريخ من النضال من أجل تحرير المرأة ففي 16 مارس سنة 1919م بدأ كفاح هدى شعراوي السياسي عندما خرجت على رأس مظاهرة نسائية من 300 سيدة مصرية للمناداة بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، وشهد هذا اليوم التاريخي استشهاد أول شهيدة للحركة النسائية، والتي أشعلت حماس بعض نساء الطبقات الراقية التي خرجن في مسيرة ضخمة رافعات شعار الهلال والصليب دليلًا على الوحدة الوطنية، وينددن بالاحتلال وتوجهت هذه المسيرة إلى بيت الأمة، ومنذ ذلك التاريخ والمرأة المصرية تحتفل بالسادس عشر من مارس، بعد اختياره ليكون يومًا للمرأة المصرية. في 16 من مارس عام 1923م أسست هدى شعراوي جمعية باسم الاتحاد النسائي المصري بهدف رفع مستوى المرأة الأدبي والاجتماعي للوصول به إلى حد يجعلها أهلًا للاشتراك مع الرجال في جميع الحقوق والواجبات وتسعى الجمعية بكل الوسائل المشروعة لتنل المرأة المصرية حقوقها السياسية والاجتماعية. وحرصت هدى على صيانة المرأة من الظلم الواقع عليها فطالبت برفع سن الزواج للفتاة إلى 16 سنة على الأقل، وقد تحقق لها ما أرادت في عام 1923م. وطالبت بفتح أبواب التعليم العالي للفتيات،وبإشراك النساء مع الرجال في حق الانتخاب، وبسن قانون يمنع تعدد الزوجات إلا للضرورة، وأيضًا طالبت برفع الظلم والإهانة اللذان يقعان على المرأة فيما يدعي بدار الطاعة. وحضرت هدى شعراوى أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923م، وكان معها نبوية موسى وسيزا نبراوي صديقتها وأمينة سرها، وهن أول ثلاث سيدات لأول مرة يمثلن مصر في مؤتمر دولي ولما عادت هدى من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي كونت الاتحاد النسائي المصري سنة 1927 وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947. ومن أهم إنجازات جمعية الاتحاد النسائى المصرى إنشاء دار التعاون الاصلاحى في ابريل عام 1923 كمدرسة مستقله لتعليم النساء مبادىء الصحه والدين، وبعض الصناعات اليدوية، وعلاج المرضى مجانا،ونادي قصر الدوبارة للاتحاد النسائى، أول ناد نسائى اسسته السيدات المصريات في سنة 1925م، وكانت السيدة هدى شعراوى رئيسة اللجنة التنفيذية لهذا النادي. وإقامة مشغل للفتيات وسوقا خيريا لتسويق منتجات المشغل،وعدد من الحفلات الخيرية للمساعدة في اعانة الطفل، وتحقيق سلامته،وانشاء مصنع لأعمال الخزف وجميع أنواع الصيني، وخصص لتعليم المئات من أبناء الفقراء والأيتام،وملجأ للفتيات اليتيمات يتلقين فيه العلوم والصناعات. كما أصدرت مجلة المصرية سنة 1925 باللغتين الفرنسية والعربية للتعريف بأحوال المرأة المصرية وتطورها تلك المجله التي تعد من أرقي المجلات النسائية في هذا العام. كما ساعدت الاقتصادي الكبير طلعت حرب في جمع رأس المال في إنشاء بنك مصر، أول بنك مصري وطني، بفضل جهودها على صعيد الأصدقاء والمعارف، من الطبقات الراقية وقت ذاك، إلى جانب تبرعها بميلغ كبير من رأس المال المطلوب لإنشاء هذا البنك. كانت السيدة هدي شعراوي أول من فكر في إقامة دار لحضانة الأطفال يقوم عليها مشرفات لرعاية أطفال العاملين صحيًا وإحتماعيًا كما كانت عضوا مؤسسا في "الاتحاد النسائي العربي" وصارت رئيسته في العام 1935، وفي مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي لعام 1935م أنتخبت هدى شعراوي نائبة لرئيسة الاتحاد النسائي الدولي وكانت أول شرقية تنال هذا المنصب الدولي المشرف. وبعد عشرين عامًا من تكوين هذا الاتحاد قامت بعقد ما سمي بالمؤتمر النسائي العربي سنة 1944م، وقد حضرت مندوبات عن الأقطار العربية المختلفة، واتخذت فيه قرارات وفي مقدمتها المطالبة بالمساواة في الحقوق السياسية مع الرجل وعلى الأخص الانتخاب،و تقييد حق الطلاق،والحد من سلطة الولي أيًا كان وجعلها مماثلة لسلطة الوصي، وتقييد تعدد الزوجات إلا بإذن من القضاء في حالة العقم أو المرض غير القابل للشفاء، والجمع بين الجنسين في مرحلتي الطفولة والتعليم الابتدائي. ولم تنتهي مسيرة هدي شعراوي بوفاتها فلا زال اسمها علامة مشرفة على قوة المرأة ونضالها واستمرارا لخطاها ومسيرتها.