جدد الدكتور عبد الله النجار، اعتذاره للمفكر الراحل زكي نجيب محمود في ندوة المحور الرئيسي التي عقدت أمس الخميس بالقاعة الرئيسية، في معرض الكتاب، حيث قال النجار في ندوة تجديد الخطاب الديني تحت عنوان (الجهاد في الإسلام.. متى ولماذا؟): منذ ثمانينيات القرن الماضي كتب الفيلسوف زكي نجيب محمود حول الانتماء، وذكر أن الانتماء يتكون من ثلاث حلقات متداخلة الأصغر هي الانتماء للوطن وتتسع لتشمل العروبة أو القومية، وأخيرا الديانة التي تضم بلادا متعددة. وكانت وجهة نظر زكي نجيب محمود تقضي بأن يجيب المواطن على سؤال الانتماء بقوله أنا مصري ثم أنا عربي إلى أن يتوسع فيقول أنا مسلم. ويضيف: أذكر وقتها أنني عارضت هذه الفكرة وكتبت مقالات في مجلة (الأزهر) تحت عنوان الانتماء وكنت أرى عكس ما قاله زكي نجيب محمود، فالإنسان يبدأ بالدائرة الأوسع وإذا سأل المصري عن انتماءه يقول أنا مسلم، وضممت هذه المقالات في كتاب (الانتماء في ظل التشريع الإنساني) ونشر في اوائل الثمانينيات، ونحوت فيه منحى المناطقة وكانت فكرتي هي أن إعلاء شأن الاسلام يدفعنا للحفاظ على الوطن. يصمت قبل أن يقول: بعد المدى الطويل كتبت من أسبوعين مقالا في جريدة روزا اليوسف بعنوان (أخطأت وأجاد الدكتور زكي نجيب محمود) بعد أن وجدت الإسلام يتخذ كستار لنقض القيم والتنكيل بالدماء والتمثيل بالجثث والاستيلاء على الأعراض.. ويوضح: منذ عقدين قرأت عن مصطلح ظهر في أمريكا حول تشيؤ الإنسان وتساءلت هل الإنسان يمكن أن يتحول إلى شئ يتحرك بالريموت كنترول ولم أكن أتصور ذلك لأن القاعدة الفقهية هي أن الإنسان لا يصلح أن يكون تحت اليد أو للبيع، بينما ما يحدث الآن من الجماعات المتشددة يثبت ذلك. كل أثرياء العالم لا يمكنهم شراء ما في إنسان (واحد) من نعم.. ورأينا كم يعاني البشر من الأمراض المختلفة، والتكلفة المادية للعلاج الإنسان يعجز أن يشتريه كل أثرياء العالم.. وقد خلق الله للإنسان العقل ليختار بين الخير والشر، ولم يشأ أن يأتي إليه هذا الإنسان أو يؤمن به كرها ولكن بعد اقتناع، فالله سبحانه وتعالى ليس بحاجه الى داعية يمسك الكرباج أو يقتل، إن الله ينهى عن هذه الاساليب الحمقاء فالله عزيز.. (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). وينتقد عبد الله الدعاة الذين يذهبون إلى بلدان مختلفة ويتفاخرون بما تحقق على أيديهم من معجزة الهداية.. بعضهم ذهب الى البلد الفلاني ويقول: ألقيت محاضرة عصماء فتكالب الناس واسلموا على يدي، وهذه مغلاه حمقاء لان الله غني عن هذه المبالغات والاستجداء ولو كان الامر كذلك لقطع الله الطريق منذ البداية وكان بمقدوره ان يؤمن الناس جميعا بدون اختيار .. إن الله لا يقبل الايمان لحظة خروج الروح.. الله يريد الإسلام عن قناعة، بينما الكثير من الحمقى يظنون ان الدخول الى الاسلام بالعصا وهذه اهانة للدين ليس هناك أخلص من رسول الله صلى الله عليه وقال له ربه (لست عليهم بمسيطر) و( إنك لا تهدي من أحببت). أعجب لهؤلاء الحمقى الين يحملون البنادق والقنابل حتى يرهبوا الناس للدخول في الاسلام والجهاد في الاسلام ليس هو العنف.. ما يحدث من قطع الرقاب ليس من الإسلام والله لا يريد ان يخضع الناس خضوعا مظهريا، هذا طريق جهول لا يوجد جهاد اسمه جهاد ابتدائي التعريفات التي وردت في الجهاد تثبت أنه يقع لرد اعتداء .. كان النبي يقول لأصحابه اصبروا إني لم أؤمر بالقتال إلى أن أذن له الله وبدأت مسيرة الغزوات. ويشير عبد الله النجار إلى ما وصفه بالخطأ المنهجي في الأعمال الدرامية الدينية التي تذاع فليس لها هم إلا موضوع الجهاد والتركيز على قطع الاعناق وكأن المسلمين ليس لديهم إلا إشهار السيوف والخيول واللغة الغليظة مع ان الجهاد استثناء وليس أصل لان الدعوة تصل بالمحبة. ويلفت: سافرت إلى دول كثيرة وتعجبت مما يحدث فيها حين وجدت إسلاما ومساجد ودعوة وتساءلت متى وصل الاسلام الى هذه المناطق وعرفت إنه وصل بالإقناع والأخلاق الحميدة للمسلمين فالإسلام يؤخذ من السلوك والقدوة والمسلم كتاب يتحرك على وجه الأرض .. ومن يرفعون شعار الإسلام ويزهقون الأرواح الان يسخر من أفعالهم حتى الشيطان والإسلام منهم بريء. ويتطرق الدكتور النجار إلى تعريفات الجهاد فيقول إنها عند الحنفية فرض لعين اذ هو ليس افسادا في نفسه إنما لدفع الشر عن النفس لاعادة العزة.. والمالكية يقولون إنه دفع عدو المسلمين.. الشافعية يرون أنه القتال في سبيل الله لنصرة الإسلام.. والحنابلة يذكرون أن القتال لدفع المشركين اذا هجموا ممن يقدروا عليهم بشروطه. وقال ابن القيم في (ذاد المعاد الجهاد) إنه إما بالقلب او باللسان او باليد ليكون ردا للمعتدين .. ويقول ابن حزم إن الجهاد دفع العدو وغزوه في عقر داره وحماية أمور المسلمين.. وعند الزيدية يعرّف بأنه بزل الجهد في قتال الكفار ومن خلال التعريفات نجد أن المسألة تتلخص في أن الجهاد في الاسلام ليس اعتداء أو دفع ابتدئي او السيطرة على البلدان واحتلالها لان هذا اسلوب العصابات. وهناك اشكالية في الجهاد تنبع بين اساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم هل هي علاقة السلام أم ان العلاقة هي الحرب لتظل قائمة الى يوم الدين حتى ترتفع راية الاسلام في كل الدنيا .. وجمهور العلماء يرى إنها للسلم وللتواصل والتعارف الانساني ومما يدل على ذلك الايات القرآنية التي جاءت في مشروعية الجهاد.. وطالما ليس هناك اعتداء فنحن مع غيرنا من غير المسلمين. أما الجزية فقد كانت مقررة بدلا عن الجهاد لان الاسلام لا يريد ان يقحم غير المسلمين لخوض حرب دفاعا عن دين لا يؤمنون به وكان حافظ القران يعفى من الجهاد وحرف معناها حتى صارت نوعا من الاذلال والله يخبرنا (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فهل الله ينتقم ممن خيرهم.. حاشا لله. وانتقد د. عبد الله النجار كثير من الكتب المنشورة التي تحمل مغالطات في هذا الشأن ولا ترقى لمستوى العقل ورأى أنها مثل العرض الصيني للآراء الفقهية فالأحكام تدور مع علتها.. وهذه الكتب مليئة بالكلام الغث ولا يجوز ان ينشر على الناس ولا يجب وضع اي كلام ونترك الحرية لاختيار ناس يبحثون عن الاراء العفنة لان ذلك خطر ويجب ان يكون هناك تدقيقا للآراء الفقهية القديمة لأنها تخص العصر الذي كانت فيه يجب ان يكون هناك عقل.. الآيات التي جاءت تدل على الجهاد المطلق هي من باب المطلق المقيد فلا يجب أن تكون العلة هي الكفر ومحاربة البلدان التي لا ترتفع فيها راية الإسلام .. ويتحدث الباحث ماهر فرغلي عن الوحدة الإنسانية التي يجب أن تقدم على الوحدة الاسلامية ويستشهد بقوله تعالى: (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) ويهاجم مفهوم الجهاد عند المجرمين الخونة ويقول: هناك جهاد للنفس وجهاد للشيطان ومفهوم الجهاد عندهم هو القتل وأدبيات الجماعات تركز على الحتمية، بينما كان للرسول مواثيقا مع اليهود في المدينة هم يؤمنون بحتمية أن الحكام مرتدون وكفرة وأنهم في دار الحرب ويقتلون الفقراء ويزعمون ان الجيوش تمتنع عن الشريعة التي لا تطبق والغريب ان خليفتهم البغدادي مختفي .. ويضيف: الخلافة بهذا المفهوم مسيئ لكل الدين يجب تنقية كتب التراث لأنه ليس مقدسا وهذا دور العلماء الفتوى تتغير بتغير الأزمان.. ويلتقط منه الدكتور عبد الله النجار طرف الخيط ليقول: : موضوع الخلافة فتنة العصر لان الخلافة بعد ملك بني امية اصبح ملكا وإثارة فكرة الخلافة الهدف منها احداث نوع من الفتنة لابادة مسلمين ليس لديهم من الارادة لفعل ذلك والهدف تسليم ارضهم لتعود للخلافة العثمانية.. تركيا سنة 1923هي من نبذت الخلافة وحين اتى كمال اتاتورك قال لا نريد ان ننتمي للخلافة الاسلامية وهرولوا الى اوربا للحاق بها وتنفيذ مطالب الاتحاد الأوربي وهم الآن يتجهون للخلافة ويعلمون علم اليقين أن الأمة الإسلامية ضعيفة. لا يجب ان نقف عند الشكل نستطيع الوحدة الاسلامية كبديل وما يترتب عليه من المفاسد يفوق المصلحة لقد تركنا هذه المسائل المهمة من علم وصناعة واتجهنا للخلافة، نحن لا نملك ان نطعم انفسنا فكيف تقيم وحدة اسلامية قرارها بيد عدوك؟ اولى بك اقامة نهضة اسلامية وبناء اقتصاد فاليد العليا خير من اليد السفلى .. محذرا من أفكار تتهم المجتمع بالانحراف ووصفه بأنه ليس لديه اخلاق والقول بأن المجتمع كافر، ويعلق ماهر فرغلي: مشكلة الجماعات ان التنظيم عندها اهم من الدولة ويمتلكون مشروعا خياليا ويسخر من البغدادي زعيم تنظيم داعش الذي يتحدث عن ولاية خراسان وكأنه يجوز له تقسيم العالم الاسلامي الى ولايات مثلما حدث من تقسيم في الدولة العباسية وهو مشروع فاشل رغم انه يلهم بعض الشباب الأوروبيين ..بالضحك عليهم..