تناولت اليوم صحيفة "نيويورك تايمز" زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى للهند التي يختتمها اليوم، وقالت: إن أوباما عندما هبط في نيودلهي في زيارة تستمر ثلاثة أيام، كان يحمل معه قائمة طويلة من القضايا التي ستطرح للمناقشة، مثل الطاقة والتجارة، ولكن عندما جلس للحديث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، هيمن موضوع واحد على الخمس وأربعين دقيقة الأولى من المحادثات، ألا وهو: الصين. وقالت الصحيفة: إن أوباما ومساعديه إندهشوا لاكتشافهم أن تقييم مودي لصعود الصين وأثره على الوضع الاستراتيجي في شرق آسيا كان متسقا بشكل وثيق مع تقييمهم، ومثلما فعلوا، بدا مودي عليه شعور متزايد بعدم الارتياح إزاء جهود الصين الرامية لبسط نفوذها في جميع أنحاء المنطقة كما أبدى حرصه على اتباع نهج موحد للتصدي لها. وأضافت الصحيفة أن رئيس وزراء الهند وافق على التوقيع على بيان مشترك مع أوباما يلوم بكين على إثارة النزاع مع جيرانها على السيطرة على بحر الصين الجنوبي، واقترح إحياء شبكة أمن موسعة تشمل الولاياتالمتحدةوالهند، واليابان وأستراليا، وأعرب عن اهتمامه بلعب دور أكبر في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، حيث يمكن للهند هناك أن تساعد في تحقيق التوازن أمام التأثير والنفوذ الصيني. ونبهت الصحيفة إلى أن هذه المناقشات بشأن الصين جاءت في خضم جهد أوسع لتعزيز العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالهند، ففي اليوم الثاني لزيارته للهند، جلس أوباما لمدة ساعتين باعتباره الضيف الرئيسي في العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة عيد جمهورية الهند والذي استعرض العتاد العسكري لهذا البلد وكان في الأساس روسي الصنع. وأشارت إلى أن أوباما استضاف أيضا اجتماعا للمديرين التنفيذيين الأمريكيين والهنود للحديث عن توسيع نطاق التجارة بين البلدين، إذ يبلغ حجم تجارة الولاياتالمتحدة مع الهند سنويا نحو 100 مليار دولار، وهو جزء صغير من حجم تجارتها مع الصين البالغ قيمتها 560 مليار دولار، ووضعت إدارة أوباما هدفا لزيادة حجم التجارة مع الهند إلى 500 مليار دولار في السنة. ونقلت الصحيفة عن مسئول رفيع في الإدارة الأمريكية، أن محادثة أوباما مع مودي بشأن الصين كانت "مختلفة حقا اختلافا نوعيا" عن المناقشات التي جرت في الماضي مع الزعماء الهنود"، وقال المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا؛ لأن الأمر يخص محادثات خاصة "حقًا أدهشني أنه يتبنى وجهة نظر مماثلة لوجهة نظرنا". وقالت الصحيفة: إنه لسنوات، حاول الرؤساء الأمريكيون جذب الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، إلى شراكة أكثر متانة، جزئيا لمعادلة قوة الصين المتصاعدة، وكان للهند تاريخ طويل من الشك والتنافس مع الصين، التي تحالفت مع العدو اللدود لنيودلهي وهو باكستان خلال الحرب الباردة، ولكنها ظلت مصرة لفترة طويلة على أن تكون فاعلا مستقلا في الشئون العالمية وقاومت التحالف مع الولاياتالمتحدة ضد جارتها العملاقة. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن مودي، ليس مستعدا فحسب بل حريص على إعادة صياغة علاقة الهند مع الولاياتالمتحدة في وقت تصعد فيه قوة الصين اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. وقال كيه. شانكار باجباي، وهو سفير هندي سابق في الولاياتالمتحدةوالصين: "لقد كان هناك كثير من الغموض في الهندوالولاياتالمتحدة بشأن الصين، أما الآن، فقد صار الجانبان أكثر وضوحا بشأن مصالحهما الخاصة وأفضل فهما لأن تلك المصالح متماثلة". وقالت الصحيفة: إنه إذا ثبت صحة هذا القول، فإنه قد يكون مؤشرا على حدوث تغيير أهم من أي صفقات بعينها أو بيانات تم توقيعها خلال زيارة أوباما للهند، وفي الواقع، يأمل المسئولون الأمريكيون أن يكون بإمكان القوتين القيام معا بما هو أكثر بكثير مما يمكن أن تفعله الولاياتالمتحدة وحدها لكبح جماح طموحات الصين والحفاظ على ترتيب ما بعد الحرب للوضع في المنطقة. ونوهت الصحيفة إلى أن إمكانية ميل الشراكة الهندية - الأمريكية ضد الصين قد أثار غضب العملاق الصيني هذا الأسبوع ما جعله ينتقد بشدة زيارة أوباما إلى نيودلهي، وقد استنكر تعليق لوكالة أنباء شينخوا، الرسمية الصينية، ما وصفه ب "تقارب سطحي"، وأعاد إلى الأذهان أن الولاياتالمتحدة منعت مرة السيد مودي من السفر إلى هناك وأن الإثنين كانا يتشاجران منذ عام واحد فقط بسبب اعتقال دبلوماسي هندي متهم باستغلال مديرة منزل في نيويورك. ومضى تقرير شينخوا، إلى القول بأن هذه الزيارة "رمزية أكثر من كونها واقعية، نظرا للخلافات القائمة منذ زمن طويل بين الدولتين الكبيرتين، والتي قد تكون في ضخامة المسافة التي تفصل بينهما." وأضاف بأن "ثلاثة أيام بالتأكيد لا تكفي لأن يصبح أوباما ومودي أصدقاء حقيقيين، نظرًا للخلافات الشديدة بينهما في قضايا مثل تغير المناخ، والنزاعات الزراعية والتعاون في مجال الطاقة النووية".