بعد أن فوجئ به يسلمه جائزة التأليف المسرحي.. الرملي: مجلس أمناء المسرح القومي تحكمه الأهواء الشخصية.. وأعترض على تركيبته بعد غياب دام عشرين عاما كاملة، يتجدد اللقاء من جديد بين الكاتب المسرحي لينين الرملي، ورفيقه الفنان محمد صبحي في مفاجأة من العيار الثقيل كانت في انتظارهما، يوم توزيع جوائز ساويرس بالمسرح الصغير بدار الأوبرا الأسبوع الماضي، حيث فوجئ الرملي بإعلان استلامه للجائزة من يد الفنان محمد صبحي، وهو ما اعتبره البعض محاولة لإعادة اللقاء الفني بينهما، وعن هذه المفاجأة قال الرملي في: بالطبع فوجئت يومها بأن من يسلمني الجائزة هو محمد صبحي، خاصة وأنه لم يكن من أعضاء لجنة التحكيم، لكنهم اتبعوا تقليدا جديدا في المسابقة بأن يصعد كل فنان على خشبة المسرح لتسليم أحد الفائزين، وكان من ضمن الحضور يسرا وعزت العلايلي وغيرهما، لكنني وجدت بالمصادفة صبحي يعلن عن فوزي بجائزة التأليف المسرحي ويسلمني الجائزة. هل تعتقد أنها كانت مقصودة لإعادة الود بينكما من جديد؟ لا أظن ذلك، وصبحي أيضا لم يكن يعلم أنه سيعلن عن فوزي ويسلمني الجائزة فالمسألة كانت مفاجأة لكلينا. هل حدث أي حوار مع صبحي بعد هذه الواقعة لإعادة التعاون الفني بينكما؟ اتصل بي صبحي هاتفيا بعد الحفل حتى يكرر تهنئته لي، وطلب أن نحدد موعدا كي نلتقي، لكننا لم نتحدث عن أي شىء يخص التعاون الفني، لأنها مسألة تحتاج ترتيبات وتجهيزات، وحتى لو تم طرح العودة، لابد أن نفكر في كيفية تحقيقها، لكن حتى الآن لم يحدث شيء، ولم نتفق على شيء يذكر سوى اللقاء العادي، واتقفنا على أن نلتقي في موعد قريب. بعيدا عن هذا اللقاء بعد افتتاح المسرح القومي مؤخرا كيف ترى وضعه الجديد؟ كتبت مقال مؤخرا عن هذه المسألة لأنني علمت بالتركيبة التي اختاروها للمسرح بتشكيل مجلس أمناء برئاسة سمحية أيوب، ويضم في عضويته ناقدين أحدهما من المعهد العالي للفنون المسرحية، وعادة أساتذة المعهد يكرهون البشر، ولا يعجبهم الممثلون سوى خريجي المعهد، وأغلبية المجلس في النهاية ممثلين، ولا أفهم ما علاقة الممثلين بوضع سياسة اختيار العروض بالمسرح القومي، لأنه كان يجب الاعتماد على مدير المسرح فقط، كما كان يحدث دائما، وجرت العادة أن يكون المخرج والمؤلف مع المدير هم من يحددون المسرحية والممثلين، لكن من الصعب أن يختار الممثلون فريق عمل المسرحية، لأنه في النهاية "عدوك ابن كارك"، وستكون لديهم آراء في زملائهم، وقد يستبعدون أشخاصاً صالحين للعمل لمجرد أهواء شخصية. قيل أنه تم تشكيل مجلس أمناء لأن المسرح القومي له خصوصية، مارأيك؟ ماذا يعنون بكلمة "خصوصية"؟ كل مسرح يجب أن يكون له مدير بدلا من كل هؤلاء، لأن المدير في النهاية شخص واحد أستطيع محاسبته عندما يقدم مسرحية جيدة أو العكس، إلى جانب أن تكاثر عدد الأصوات في اختيار العروض قد يسبب حالة من "اللخمة" في العمل، فلماذا كل هذا الزحام غير المبرر والغلبة في مجلس الأمناء للممثلين؟ وإذا قدمت مسرحية أرى فيها عبد الرحمن أبو زهرة البطل، وهو عضو في هذا المجلس، بالطبع سيقال كيف تم اختياره لبطولة العرض، كما أن الأزمة في مجلس الأمناء أنه بلا انتخاب، وهم 11 عضوا غير المدير، ولا بد أنه سيكون هناك من يعترض حتى لمجرد الأهواء الشخصية، وهذا شيء غير منطقي، وطالما جمع مجلس الأمناء مخرجين وممثلين، فوجهة نظري أنهم أشخاص لهم مصلحة بالمكان فلا يصح وجودهم من الأساس، إلى جانب أنني لا أرى أن المسرح القومي يحمل هذه الخصوصية، لأنني وجدت ممثلين تم تعيينهم بالمكان عن طريق الواسطة والمحسوبية، وبالتالي هو مثل أي مسرح آخر به مجاملات كثيرة، ويحمل نفس الفساد الإداري مثل أي مكان بالدولة، وبالتالي هو ليس مختلف كما يزعمون، وفي النهاية النجوم لن يتركوا التليفزيون من أجل المسرح كما حدث واختفى مسرح القطاع الخاص لنفس السبب، وكنت قد تنبأت بإختفائه منذ التسيعنينات. كيف رأيت عرض الافتتاح "وبحلم يا مصر"؟ لا أعلم لماذا تم اختيار هذا النص لافتتاح المسرح القومي، لأنه رغم أن المخرج عصام السيد بذل فيه جهدا كبيرا، إلا أن النص يبدو نصا تعليميا، فهو أنسب لعروض "مسرحة المناهج" لكنه ليس مناسبا لافتتاح القومي، وهو ليس أفضل أعمال نعمان عاشور. وما هو العرض الأنسب في رأيك؟ المسرحية كما ذكرت قديمة، وليست لها علاقة بالظروف التي نعيشها، لذلك كان يجب تقديم عمل يستمر، ويكون معبرا عن الواقع، وأذكر أنني في الثمانينات سبق وقدمت مسرحية "أهلا يا بكوات"، وحققت ثراء نقدي وجماهيري كبير، وتم إعادتها ثلاث مرات، وفي المرات الثلاث حققت نفس النجاح من 89 حتى 2007 كانت تتوقف وتعود، وفي كل مرة الجمهور كان يتزاحم عليها، بالطبع لا أقصد إعادة المسرحية لكنني أقدم مثالاً له علاقة بتقديم شىء مختلف وجذاب للجمهور، وله علاقة بالفترة الزمنية التي نعيش فيها، حتى أن رئيس الجمهورية وقتها كان يفكر بمشاهدتها، وأذكر أنه جاء لحضور العرض كل من حسن عبد الرحمن ووزير الداخلية زكي بدر ووزع علينا بعد العرض ميداليات الشرطة، وقال أن مصر أصبح بها حرية، ثم جاء في يوم آخر رئيس الوزارء عاطف صدقي ليشاهد الفصل الأول، وأتذكر أنه قال لي "شد حيلك وخلي بالك من نفسك"!! ذكرت أنك تنبأت باختفاء مسرح القطاع الخاص في التسعينيات، لماذا؟ لأنني كنت أرى القادم، ووقتها كانوا يحاولون إنقاذ القطاع الخاص كما يحاولون إنقاذ المريض بالتنفس الصناعي، ففي فترة ما كانوا يضطرون للبهرجة عن طريق الاستعانة بالرقص والغناء، بالإضافة إلى أربع أو خمس نجوم كبار، ومجموعة استعراضات وملابس وديكورات كبيرة، والمسارح إيجارها مكلف للغاية، فمن أين كان المسرح سيوفر أموال ايجاره على الأقل؟ حتى لو شاهده سائحون عرب، الحسبة كانت صعبة وقتها، وأصبح القطاع الخاص يقدم ك "سبّوبة"، يفتح يومين أو ثلاثة أيام فقط، حتى يكون قادرا على الاستمرار. لكن كانت لك تجربة مختلفة مع القطاع الخاص؟ أنا وصبحي كنا نقدم مسرحا فقيرا، لكنه بالطبع ليس فقيرا فنيا، فكانت المسرحيات تحمل كوميديا ومعنى وعمقا مثل "الهمجي" و"تخاريف" و"وجهة نظر" وغيرها الكثير، كانت مسرحيات قوية بها كوميديا، والتكلفة ليست كبيرة وكنا نكسب كثيرا، وهذه الطريقة التي كنت أمارس بها عملي دائما حتى مع الهواة، ودائما ما تكون لدي أفكار لمسرحيات قصيرة أخرجها وإنتاجها حتى ولو (ببلاش) لأنني أحب المسرح، وبعد انفصالي عن صبحي قدمت موسما طويلا من "بالعربي الفصيح". ألم يكن من الصعب تقديم مسرح قطاع خاص للهواة؟ أنا الوحيد الذي قدم مسرح للهواة بالمسرح التجاري، وقدمت معهم 15 مسرحية بأماكن متفرقة، كانت البداية بعرض "بالعربي الفصيح"، وخرج منها نجوم مثل منى زكي وفتحي عبدالوهاب ومصطفى شعبان الذي لعب فيما بعد بطولة مسرحية "تحب تشوف مأساة" مع الفنانة نور والمخرج خالد جلال، وقدمت هذه التجربة أكثر من مرة مع مجموعات مختلفة، كان لدي مسرح صيفي في الإسكندرية على ناصية صفية زغلول، كانت سينما وكنت أقوم بتأجيرها لمدة أربعة أشهر، وأقدم عليها مسرح، وكنت أنتج على نفقتي الشخصية، أجرت المكان خمس سنوات، وقدمت عليها "بالعربي الفصيح" للمرة الثانية، ثم قدمت عروضا لأشرف عبد الباقي وهاني رمزي، وبعدها مسرحيتين من إنتاجي للطفي لبيب وعبلة كامل، بالطبع لم أستعن بنجوم الصف الأول لأنه لم تكن لدي ميزانية لتغطية أجورهم، وبعد هذه الفترة قدمت مؤخرا عروض للهواة بسطوح قصر السينما. في رأيك هل هناك مؤشرات لتغير الوضع الفني والثقافي بمصر الفترة المقبلة؟ ليست هناك أي مؤشرات تؤكد على تحسن الفن أو الثقافة خلال هذه الفترة، في كل المجالات سواء السينما أوالتليفزيون أو المسرح لأن الأعمال الجيدة أصبحت ضئيلة للغاية، وعلى سبيل المثال العروض المسرحية اليوم أصبحت تعتمد على الخطابة أكثر من الفن "وبحلم يا مصر" أو "تحيا مصر" هذه خطبة وليست مسرحية والمسرح ليس خطبة، وشكسبير وموليير لم يسبق لهما تقديم خطب بأعمالهم المسرحية، لذلك عندما طُلب مني هذا العام كتابة كلمة اليوم العالمي للمسرح تذكرت فكرة الخطابة لأن "تحيا مصر" عبارة تردد في الشارع وليس على خشبة المسرح.