الليلة تدق الأجراس، قصة الاحتفال بعيد ميلاد المسيح ومتى احتفل به لأول مرة؟    انخفاض مؤقت وسريع في سعر الطماطم.. الحق اشتري    حريق هائل بمنطقة صناعية في تولا الروسية بعد هجوم أوكراني بمسيرات (فيديو)    بهدف تعطيل المرحلة الثانية…بدء الإعمار داخل الخط الأصفر ورقة ضغط صهيونية على حركة حماس    مصرع 2 وإصابة 6 آخرين فى حادث سير ببنى سويف    سقوط الغرب وصعود الشرق، تنبؤات نوستراداموس لعام 2026 بعد فك شيفرة "السرب العظيم من النحل"    الصين وروسيا تتهمان الولايات المتحدة بممارسة التنمر وسلوك رعاة البقر ضد فنزويلا    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والكبرى بالقاهرة 21    أمريكا وإيران تتبادلان الانتقادات في الأمم المتحدة بشأن المحادثات النووية    زفاف جيجي حديد وبرادلي كوبر في 2026    تنسيق مصري إماراتي لإطلاق برامج شبابية مشتركة وماراثون زايد الخيري في مصر    8.46 مليار مشاهدة في أسبوع، رقم قياسي جديد لمسلسل Stranger Things 5    بعد زحام الركاب، بيان هام من هيئة سكك حديد مصر بشأن منظومة حجز تذاكر القطارات    أمريكا تحظر دخول 5 أشخاص بينهم قيادات ألمانية لمكافحة الإساءة عبر الإنترنت    شقيقة ميسي تتعرض لحادث سير خطير في الولايات المتحدة    اليوم، نظر استئناف النيابة على براءة سوزي الأردنية من التعدي على القيم الأسرية    التعليم العالي: نعمل مع اليونسكو للاعتراف المتبادل بالشهادات المصرية دوليًا    «شباب بلد» بوابة جديدة لتمكين الشباب المصري بالتعاون مع الأمم المتحدة    «الأرصاد» تحذر من طقس الأربعاء.. أجواء شديدة البرودة وشبورة كثيفة    قناة ON تستعد لعرض مسلسل «قسمة العدل»    كنت شاهدا، سام مرسي يرد على تقرير مثير ل "ذا أتليتيك" حول تحكم صلاح في منتخب مصر    كفتة العدس بالشوفان في الفرن، بروتين نباتي صحي بدون دهون    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    عودة مسرحية "نور فى عالم البحور" إلى خشبة المسرح القومي للأطفال    بطولة ياسمين رئيس وأحمد فهمي.. نهى صالح تنضم لمسلسل «اسأل روحك»    يعرض 7 يناير.. نيللى كريم وشريف سلامة يتصدران بوستر «جوازة ولا جنازة»    تركيا: طائرة «الحداد» طلبت هبوطًا اضطراريًا بسبب عطل كهربائي    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    أخبار × 24 ساعة.. بعثة صندوق النقد: الاقتصاد المصرى حقق مؤشرات نمو قوية    ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    حسين الشحات يتحدث بعد ارتداء شارة قيادة الأهلي لأول مرة    أمم إفريقيا - بونجاح: درسنا السودان جيدا.. وعلينا المبادرة بالهجوم    لاعب زيمبابوي السابق: أحرجنا منتخب مصر ومرموش كان كابوسًا    بمساحة 177 فدانًا.. الزمالك يحصل على أرض بديلة قرب القرية الذكية    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    البياضية والزينية تتألقان باحتفالين جماهيريين في عيد الأقصر القومي (صور)    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    الجيش الأردني يخوض اشتباكات مع عصابات تهريب على الحدود السورية    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    تفاصيل فوز مصر بمعقد في الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية.. فيديو    وزارة العمل: قانون العمل الجديد يضمن حقوق العمال حتى بعد الإغلاق أو التصفية    دفنوه في أحضان أمه، أهالي معصرة صاوي بالفيوم يشيعون جثمان الضحية الثامنة لحادث الطريق الإقليمي    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    أبرز تصريحات وزير التعليم عن اهتمام القيادة السياسية بالملف التعليمي    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    "القومي للبحوث" يحصد المركز الأول فى مؤشر سيماجو للمراكز والمعاهد البحثية 2025    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلى البلوشى تكتب: عدسة مكبرّة تطارد " هاروكي موراكامي "
نشر في الأيام المصرية يوم 12 - 01 - 2011


إنسانية هاروكي موراكامي * :
الكاتب قبل أن يكون تركيبة كتابية من قصص وروايات ونصوص شعرية ومسرحية ومقالات هو عبارة عن كتلة بشرية ، مجموع " إنسان " لديه مخزون ذاتي وحس وروح وحياة أخرى بكافة تفاصيلها خارج قصاصات أوراقه ، سيرة كتبه وأبطاله .. لكن ثمة شامة تميزه عن شخصياته ، شيء منه في كل عمل ينذره للعامة ، مكانة تخص تاريخه ، فلا يتحرر الكاتب من تاريخه أثناء الكتابة مهما بذل من جهد ، فثمة ضوء ساطع تنتشله من زاوية الظل لتجد نفسها على حين ومضة في صورة جماعية مع أبطال شخصياته ، إنهم تمكنوا بنجاح من جرّه إلى حيث هم يحلقون حالمين ، متألمين ، مغتبطين كيفما بلغت حدة تلك الانفعالات ، إنها بالحياة وحدها تضج فيهم ، والكاتب الياباني " هاروكي موراكامي " الذي ولد في عام 1949م ، وله حوالي اثنتي عشرة رواية .. لا تكاد تخلو رواياته تلك عن لمحة من لمحات شخصيته وكيانه ، والمعروف عن الكاتب أنه طفل وحيد لأبوين درسا معا تاريخ الأدب الياباني ، وتتبدى هذه الصفة في روايتيه " الغابة النروجية " و" جنوب الحدود غرب الشمس " فالبطل في كلا الروايتين طفل وحيد ، لكن تظهر عقدة الطفل الوحيد على نحو فاغر في روايته الثانية ففيها يقول البطل " هاجيمي " معترفا بتلك العقدة : " كرهت مصطلح " طفل وحيد " ، شعرت كلما سمعته بأنني أفتقد شيئا – كما لو أنني لست إنسانا كاملا _ كان مصطلح " طفل وحيد " يشير إلي بإصبع اتهام ويقول لي : " ثمة شيء ينقصك ، يا صديق " ..
كما تتكاثف تلك العقدة في هيئة أمنية في روايته " الغابة النروجية " فالبطل " واتانابي" حينما يصحب صديقة صديقه " ناغاساو" والتي تدعى " هاتسومي " إلى ناد ويراها تمارس لعب البليارد يعترف لها : " أنت تعرفين ، حين كنا نلعب البليارد قبل قليل ، خطر على بالي شيء ، لقد كنت طفلا وحيدا لأبوي ، لكني لم أشعر مرة خلال الزمن الذي كبرت فيه أنني متوحد ، أو لم أرغب في أن يكون لدي إخوان أو أخوات ، كنت سعيدا بكوني وحدي ، ولكن فجأة ، وألعب البليارد ، داهمني الشعور بالرغبة في أن تكون لي أخت صغرى مثلك ، رائعة فعلا وجذابة " ..
درس " موراكامي " في جامعة " واسيدا " بطوكيو وكان تخصصه " دراما " كبطل شخصيته " واتانابي " في " الغابة النروجية " الذي كان يدرس " تاريخ الدراما " ، ولم يكتف بهذا الجانب المثيل بينهما ، بل إن " موراكامي " اعترف أنه اشتغل في محل لبيع أشرطة الكاسيت و لهذه المهنة الأولية في حياته تأثير جم ّ ؛ فبطله " واتانابي " أيضا كان يعمل في دوام جزئي في محل لبيع الأشرطة هذا أولا ، ثانيا اكتسب الكاتب خبرة حافلة في موسيقى المعازف الغربية والكلاسيكية منها خاصة ويظهر هذا جليا للعيان من خلال أسماء رواياته والتي تحمل أسماء معازف غنتها فرق ذات شهرة مخضرمة كفريق " بيتلز " أو " الخنافس " ..
تزوج الكاتب من صديقته التي كانت تدرس معه في جامعة طوكيو وتدعى زوجته " يوكو " ويبدو أن الكاتب في روايته " جنوب حدود غرب شمس " يصف زوجته بشكل ضمني ، تلك الفتاة التي قابلها في طوكيو وانجذب كلاهما للآخر وتزوجا ، والحافل في المسألة أن " موراكامي " يذكر في روايته هذه فضل والد زوجته عليه ؛ فهو الذي أعانه على فتح بار في أولويات حياته قبل أن يكون كاتبا والذي تركه فيما بعد ؛ كي يتفرغ للكتابة ، وقد عبر عن هذا من خلال بطله " هاجيمي " الذي يفتتح بارا بفضل والد زوجته وتتحسن ظروفه المالية بشكل كبير ، وهنالك خيط مماثل رابط بينهما في كون البطلين في كلا الروايتين شغوفين بالقراءة ..
يعرف عن " موراكامي " بأنه عدّاء ماهر ، وقد شارك في حوالي 25 مراثون جري ، وهذه الرياضة يمارسها يوميا بعد أن يستيقظ في الساعة الرابعة فجرا يعتكف خلالها على الكتابة حتى تأذن الشمس بالشروق ، فيبدأ متعته في الجري لمسافات طويلة ، في " كافكا على الشاطئ " الصبي " كافكا تورو " يمارس رياضات شتى كالجودو والجمنازيوم ، كما أنه يمارس الجري لمسافات طويلة والسباحة ، كما شخصية " جندي العاصفة " في روايته " الغابة النروجية " الذي يعكف كل صباح بهمة عالية على ممارسة تمارينه الرياضية ..
وأخيرا نجد في افتتاح روايته " الغابة النروجية " عبارة يقولها البطل بينما هو في الطائرة : " كنت في السابعة والثلاثين ، مشدودا إلى مقعدي ، حين كانت الطائرة العملاقة 747 تمخر عباب الغيم الكثيف .."
والجدير بالذكر هنا أن رقم " سبعة وثلاثين " مهمة جدا في حياة " موراكامي " ؛ فشهرته ككاتب أينعت في حدود هذه السن ، ليأتلق في بقية مشواره الكتابي في متاهات الأدب الغامضة والسحرية ..
( 2 )
سيرة الموت :
ثمة موت يحوم حول رواية " الغابة النروجية " منذ البدء ، فالبطل " واتانابي " يعيد ذاكرته إلى الوراء ، إلى حيث كان في السابعة عشر من عمره ، تتجسد أهميتها في لقاء أهم شخصيتين في حياته هما " كيزوكي " و" ناوكو " ومثل هذه الذاكرة القابعة في زمنها الغابر لا تستدعى إلا في حالات نادرة جدا ، من ضمنها مناسبة " الموت " ..
ولسيرة الموت معنى خاص عند " موراكامي " في طفولته تحديدا من خلال والده فهو يسرد حديثا عنه قائلا : " لقد توفى والدي بعمر التسعين عاماً ، و هو كان معلماً متقاعداً و راهباً بوذياً غير متفرغ و عندما كان في الجامعة يتابع دراساته العليا في كيوتو سيق إلى الجيش و أرسل للقتال في الصين ، و عندما كنت طفلاً ولد بعد الحرب فقد كنت معتاداً على رؤيته كل صباح قبل الإفطار يقوم بصلاة طويلة و خاشعة في ركن العبادة البوذي في منزلنا ، و قد سألته مرة عن سبب قيامه بذلك ، فأخبرني أنه كان يصلي للناس الذين ماتوا في الحرب، لقد كان يصلي لكل الناس الذين ماتوا كما قال، للحلفاء و الأعداء على حد سواء، و عندما كنت أتأمل فيظهره الراكع أمام ركن الصلاة كان يبدو لي أنني أشعر بظلال الموت تحوم حوله.
توفى والدي، و أخذ معه ذكرياته، الذكريات التي ما عاد بإمكاني أن أعرفها، و لكن حضور الموت الذي كان يتربص حوله بقي في ذاكرتي أنا، و هو أحد الأشياء القليلة التي بقيت لي منه و واحد من أهمها.."
وعلى هذا النحو تماهى مفهوم الموت عند " موراكامي " حتى يكاد يغدو اعتقاده الخاص هو أن الوفاء الأحياء للأموات الراحلين يلبس الحي صفة الموت ، ومذ ولادة لحظة الوفاء تلك يعد الشخص ميتا .. كما تواثق هذا المعنى في روايته " الغابة النروجية " ف " كيزوكي " ينتحر في سن السابعة عشر دون أسباب واضحة ، ثم ما تلبث حبيته " ناوكو " بدورها تنحر في غابة مظلمة ، بعدما استبد بها معنى الموت في حالتين : أولاها تمثلت في موت أختها مشنوقة حينما كانت طفلة صغيرة ، والحالة الأخرى عند وفاة حبيبها " كيزوكي " ، وبوفاته لم تجد أمامها سوى حقيقة الموت ، المعنى المضاد لحقيقة الحياة .. " يوجد الموت لا بوصفه نقيض الحياة ، بل بوصفه جزءا منها " .. يقولها البطل " واتانابي " كفلسفة لموت " كيزوكي " ..
، الموت هنا يقلب حياة شخوصه رأسا على عقب ؛ فموت المحبين هنا يوازي فقدان المآل من الحياة ..
والمغزى نفسه يعزز في روايته " كافكا على الشاطئ " في شخصية الآنسة " ساييكي " فهذه المرأة التي تعدت الخمسين جسديا ، في روحها تتحرك فتاة ذات الخمسة عشر عاما ، تلك الفتاة التي ارتبطت بعلاقة حب مع صديقها في السن نفسه وحينما رحل عنها ميتا ، بقيت ذكراه حية ، قوية جدا ، وغائرة ، لدرجة أن الفتاة الخامسة عشر لم تغادرها رغم العقود التي مرت ؛ لهذا كانت تترقب لحظة موتها من القدر بصبر نافذ وكأنه احتفالية .. " حين نحيا حياتنا ، فنحن نغذي الموت " كما يؤكد يقين بطله في " الغابة النروجية " وعصارة هذه العبارة على ما يبدو كانت تسري في دم كل من " ناوكو " و" ساييكي " ..!
( 3 )
أبطاله الذكور :
يبدو جليا أن أبطاله الذكور معلقين بين عالمين أو بالأحرى فراغين ، مذ بدء شخصيات رواياته الذكور ، ولكن يبدو أن بطله في روايته الأخيرة جسد مفهوم هذا الفراغ كما يعترف على لسان بطله " كافكا تورو " في روايته " كافكا على الشاطئ " : " إنني عالق بين فراغين ، لم أعد أميز الخطأ من الصواب ، لم أعد أعرف ما الذي أريده حتى ، أقف وحيدا وسط عاصفة رملية رهيبة ، لا أقدر على الحراك ، ولا على رؤية أطراف أصابعي .." ..
والواضح أن " موراكامي " ككاتب يرسم لهم الطريق ، ثم يحولهم إلى كائنات حية يحشوها بالحياة ، يتخذ هو مقعده من على بعد ويتفرج كمخرج حاذق على ممثليه دون أن يضع تحت أيديهم نصوصا كاشفة للأدوار ، لقد جعلهم يرتجلونها للجمهور ، وكأن لسان حاله تثبت حقيقة واضحة لهم : الدرب أمامكم مفتوح ، فهلموا واختاروا حيواتكم منها ..
لكن دون أن يفوته وضع أبطاله أمام حقيقة أخرى كبيرة بأن " في حياة كل شخص نقطة لا عودة ، وفي حالات نادرة توجد نقطة يمكنه التقدم منها ، وحين نصل لتلك النقطة كل ما علينا فعله أن نتقبل الحقيقة بهدوء ، وهكذا نظل أحياء " .. تحديدا وعى أبطاله الذكور هذه الحقيقة الماثلة ؛ ف " كافكا تورو " يظل حيا رغم ما جابهه من أحداث عظام في حياته بغرابتها وبؤسها المؤرق ، كما شخصية " واتانابي " رغم اختياره العيش على هامش الحياة وكأنه من عالم آخر نائيا عن البشر من حواليه ، إلا أنه لم يقض على حياته بعد انتحار " كيزوكي " و" ناوكو " اللذين تعلقا بهما حد الحياة نفسها ، و" هاجيمي " عزم أن يكف عن الانتظار ولغة الترقب والبدء من جديد مع زوجته بعدما يئس من حبيبته " شيماموتو " ..

" مهما ابتعدت فلن تحل المسافات شيئا " " موراكامي " بعبارته هذه التي جرت على لسان بطله " كافكا تورو " يضع رجاله نصب هذه الحقيقة الأخرى التي تضاف إلى حقائقه الأخرى سالفة الذكر ؛ فالبطل القائل هذه العبارة ينأى عن أبيه الغريب الأطوار ويغادر قريته إلى مكان آخر ، لكن ابتعاده هذا كلما تضاعف كلما تقارب مكانيا بذاكرته التي رفضت الانصياع لحقيقة ابتعاده الجسدي ، وابتعاد " واتانابي " حينما انتحرت صديقته التي أحبها " ناوكو " بالترحال كسندباد من مكان إلى آخر لم تفلح من تغيير ذاكرته وكيانه شيئا ذال بال ، و" هاجيمي " بقي عقله وقلبه رغم المسافات وخصوصيات الزمان والمكان متشبثا بقوة مع " شيماموتو " حينما كانا تلميذين في الصف السادس ، مستدعيا بذلك كافة تفاصيل وذكريات تلك المرحلة وظل هكذا في وقت ممتد من الزمن حتى أدركه اليأس من الترقب كما ذكرنا آنفا..

يبدو أن أبطال " هاروكي موراكامي " معلقين على هامش مجتمع ناء ٍ ؛ رغم شساعة تفاصيل الحياة من حولهم ؛ فهم يغلب عليهم طابع الوحدة والانعزال ، والأهم صداقاتهم نادرة ، أي أنهم من ذاك النمط الذي يسوّر نفسه بجدار لا يدعو أحدا إلى داخله ..!

* صدر بالانجليزية كتاب موراكامي عن سيرته في الجري بعنوان " عن الذي أتحدث عنه كلما أتحدث عن الجري " ساردا فيه فضل الجري على كتابة رواياته ..
* حوّلت رواية " الغابة النروجية " إلى فيلم من إخراج الياباني " آن هانغ تران " ..

ليلى البلوشي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.