الذى لا يختلف عليه اثنان, أن الثورة الليبية تختلف عن الثورة التونسية والمصرية , فمما لا شك فيه أن الدور الغربى فى الثورة الليبية كبير وواضح وعلني , بل يفتخر به الغرب ويتفضل به على أهل ليبيا . وبما أن الغرب لا يقدم شئ بدون مقابل ولا ثمن , وأن العلاقات الدولية لا تقوم على الحب ولكن تقوم على المصالح المشتركة أو المطامع الاستعمارية , فإن الغرب لن يترك ليبيا لأهلها هكذا يخططون مستقبلها دون أن يكون للغرب دور يلعبه فى رسم مستقبل ليبيا فى المرحلة المقبلة وربما لعقود طويلة . لقد تعمد حلف الناتو أثناء الثورة أن يؤكد للثوار أنهم بدون خدماته وضرباته الجوية لن يفلحوا فى القضاء على القذافى وكتائبه , وهذا الكلام أكده الجنرال عبد الفتاح يونس , ففى اللقاء الصحفى الشهير له , ذكر أن الناتو لا فائدة فعليه منه , فهم يرسلون له البيانات والتقارير عن قوات القذافى وتحركاتها , ورغم ذلك الناتو كان يتأخر متعمدا أو لا يتدخل لوقف تقدم قوات الكتائب التى كانت تغير على بنغازى وتتحكم فى سير المعارك فى أكثر من موقع من الكر والفر هنا وهناك دون خوف من قصف طائرات الناتو , وقد كشف يونس قبل موته حقيقة الدور الغربى وحلف الناتو و قد دفع حياته ثمنا لهذه الحقيقة , حين قال - أن لم يقدم الناتو مساعدة حقيقية فعليه أن يغادر ويترك الليبيين يحسمون المعركة بدونه . وبعد أن رسخت لدى الليبيين عقيدة أن للغرب فضل كبير فى حسم المعركة لصالح الثوار ضد القذافى بما يغلق الباب مستقبلا على أي شخص أو قوى سياسية قد تحاول يوما أن تتنكر للدور الغربي أو تقف فى وجه التدخلات الغربية فى ليبيا مستقبلا , نرى أن الغرب قد بدء حملته مبكراً لتشويه حق الليبيين فى ثورتهم , وبدء يخطط لكرازى جديد فى حكم ليبيا كبديل للقذافى , فالغرب يخشى أن تقع ليبيا فى يد قوى إسلامية قد تكون همزه الوصل المخيفة للغرب بين مصر والجزائر . فليبيا قد تصبح القنطرة الرابطة بين أقوى قوى إسلامية فى المنطقة قد تهدد مستقبل أوربا كلها وحضارتها إذا أتحدت مصر والجزائر . وكذلك يخشى الغرب من اى قوى وطنية حرة تحكم ليبيا وتحررها من التبعية للغرب ,وتحرمه من ثروات ليبيا الطائلة. لهذا فمن الملاحظ أن الإعلام الغربي قد بدء يركز على أشكال الثوار الليبيين ذو اللحية الكثيفة وفى أيديهم الأسلحة المتنوعة، ويلمح أن هناك أسلحة دمار شامل بيولوجية وكيميائية قد تقع فى يد هؤلاء الثوار الإسلاميين , وهذه المناظر هى المادة الإعلامية التى سوف تستخدمها الآلة الإعلامية الغربية لتشويه الثورة الليبية بحجة أنها قوى إسلامية متطرفة وتابعة للقاعدة . لهذا فإن النظام الجزائري العميل للغرب وخاصة فرنسا قام بعمل تفجير راح ضحيته 18 عشرا شخصياً , فى إشارة إلى وجود متسللين من القاعدة دخلوا للجزائر أو خلايا متطرفة نائمة قد تلقت دعم من الثوار الليبيين , وبالتالي هذا يسهل شحن العالم ضد ثوار ليبيا الحقيقيين بما يتيح للغرب وحلف الناتو سرقة الثورة الليبية بكل سهولة، و بحجة حمايتها من القوى الإسلامية المتطرفة التى ربما قد وقعت فى يديها أسلحة دمار شامل . وهذا ما قالته وزيرة خارجية أمريكا كلينتون من أن على الثوار التصدي للقوى المتطرفة !!!! فمن تقصد كلينتون بهذه الإشارة ؟ ففى حوار مع قناه بى بى سى العربية، بدأت الحملة الإعلامية من عملاء الغرب حيث يشنون حملة ضد الجماعة الإسلامية المقاتلة فى ليبيا وقائدها عبد الحكيم بلحاج , وهو رجل قد قاتل فى أفغانستان ضد الاحتلال الروسى، ثم عاد وكون جماعته لمقاومة القذافى، وقد قامت هذه الجماعة ثلاث محاولات لاغتيال القذافى . وبالرغم من أن الجماعة الإسلامية ليس لها أى علا قة بالقاعدة , بل هى أقدم من القاعدة وقد تم حلها , وبالرغم من أن هذه الجماعة انتقدت كثير من مواقف القاعدة , وليس لهذه الجماعة أى حالة تفجير عشوائي لا فى داخل ليبيا ولا خارجها , إلا أن الغرب يريد تشويه صورتها الآن وسلب حقها فى الجهاد ضد القذافى , رغم أن عبد الحكيم بلحاج هو قائد الثوار الذين حرروا طرابلس من يد القذافى وكتائبه بطريقة سريعة وبأقل الخسائر . بيد أن الغرب لا يقبل أن يكون له شريك إسلامي فى الثورة الليبية قد يقف حائلا دون تحقيق مطامع الغرب فى ثروات ليبيا الضخمة, والتى تبلع 65 مليار برميل من أنقى أنواع النفط , وأكثر من 150 مليار دولار أرصده في الخارج. وعليه فإن على القوى الليبية المختلفة سواء كانت إسلامية أو غيرها من محبين إلى ليبيا ومخلصين لهذا العشب العظيم أن يدركوا جيدا المخطط الغربي لسرقة ثورتهم المجيدة ودماء الشهداء الذكية التى بذلوها لأجل تحرير ليبيا من الطاغية, وكذلك محاولات الغرب سرقة ثروات ليبيا التى ردت لهم. محمد عبد الغنى