ما حدث خلال الأيام الماضية من أحداث كترشح اللواء عمر سليمان وزيارة مئة من شباب الأقباط والمفتي للقدس ومن قبلها قتل العشرات في استاد بورسعيد وحريق العشرات من الأفدنة الزراعية بسيوة وحريق شركة السويس للنفط، لا يمكن أن تكون أحداثا عفوية أو قدرية وإنما الأصابع التي تحركها هي أصابع مبارك وأعوانه وترزية أحداثه، ولكن كل هذه الوقائع والأحداث لم تنطل على التيارات السياسية ولا على الشعب، ورحم الله الفنان أحمد زكي الذي جسد كل هذه الألاعيب في فيلم "الهروب"، حيث استغلت السلطة الحاكمة آنذاك هذا الشخص الصعيدي الفقير لتعمية الناس والتغطية على مشاكل اقتصادية وأحداث سياسية كبرى، وكانت الصحف ووسائل الإعلام تشترك في التعمية إما بسوء نية من القائمين عليها وإما بحسن نية من الصحفيين والإعلاميين الذين كانوا يعتقدون أن ما يحصلون عليه هو "خبطة" صحفية لم ينلها زميل لهم من قبل وخصهم وحدهَم المصدرُ المقربُ أو المصدرُ المطلعُ بها، وحجبها عن صحفيين آخرين لزوم الفرقعة الإعلامية، وإسراع هؤلاء الآخرين للحصول على ما فاتهم من أحداث وعلى الجديد في القضية. كان الله في عون اللواء عمر سليمان والدكتور علي جمعة مفتي مصر فيما تكبداه من خسارة في أوساط الشعب المصري وأوساط النخبة والهجوم واسع الانتشار من بعض الصحفيين والتيارات السياسية عليهما وعلى الشباب القبطي الذي حج إلى القدس، ونقول للسيد اللواء عمر سليمان والدكتور علي جمعة أن قصدكما كان شريفا من وجهة نظركما ووجهة نظر من وجهكما للسير في هذا الطريق، وهو كما تم الاتفاق معكما أن ما تفعلاه هو خدمة لمصر وعيون مصر، وأن تحمل الهجوم والسخرية ستكون لفترة بسيطة من أجل هذه الخدمة الجليلة، وأظنكما تذكرتما مسلسل "رأفت الهجان" ومسلسل "دموع في عيون وقحة"، وبطلاه الفنان محمود عبد العزيز والفنان عادل إمام والجهود الخرافية التي قاما بها من أجل أمهما مصر وشعبها، ولكن.. اللعبة باتت موضة قديمة ولم يشربها لا الشعب ولا النخبة، وإنما المطلوب من المجلس العسكري الآن هو الشفافية والوضوح وإعلام الناس بالحقيقة التي يريدونها وهو وجود رئيس للجمهورية يريدانه إما في شخص عمرو موسى أو أحمد شفيق. والوضوح والشفافية ليس عيبا بدلا من الضغوط على الناس بأزمات ومشكلات هي في حكم المصيبة التي تأتي على مقدرات البلد وهم "مش ناقصين" أزمات أو مشاكل، منذ عهد حسني مبارك ومن بعد الثورة التي تأملوا فيها الخير، وكأن لسان حالهم يقول كما قال قوم موسى بعد أن بغى عليهم فرعون "قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون". لا نريد للمجلس العسكري أن يكون خصما للناس على طول الخط وأن يُري الشعب من نفسه خيرا وأن يدرك أن الوقت يمر بسرعة كبيرة، وأمامه فرصة ذهبية للتنصل من الفلول التي عاثت في مصر فسادا أيام المخلوع وتريد أن تعيث فيها فسادا بعد خلعه، وإنصاف الناس منهم ومن أفعالهم المشينة في حقهم طوال ثلاثين عاما وأظن أنها كافية لهم جدا. [email protected]