يوم شم النسيم كل عام يضطرني لأن أجلس بالبيت مع أسرتي الحبيبة. ولكن هذا العام كنت أشد التصاقاً بالبيت وذلك لأسباب: 1-لا أخرج لأتمشى. وإلا فسيتهمونني بأنني أشارك في احتفالات الكفار!؟. 2-خوفاً من الزحام. ولكن هذا العام ازدحمت الأفكار والأخبار والأحداث وهاجمتني وطاردتني حتى داخل رأسي!؟. 3-تجنباً للغيظ من تصرفات البعض والانتهاكات السمجة في الشارع. فإذا اعترضت ينظر البعض إلي بأنني لا أراعى أنها أجازة وللأجازة أخلاقها الاستثنائية الخاصة!؟. 4-أتذكر ما قاله المفكر السوري جودت سعيد: أن من علامات انطماس الفطرة أن تأكل أشياءً ميتة وتتلذذ بأشدها عفونة كما يفعل المصريون بأكل الفسيخ!؟. 5-أعرف أنه من الممكن ان أستدعى لمركزي لأن هناك حالات خطرة وطارئة من النزلات المعوية الحادة. وماذا أفعل في قدري أنني طبيب أطفال ومظلوم مع مرضاه الحلوين!؟. 6-مشاركة لمصابي وشهداء ثورات الربيع العربي. 7-تجنباً لرائحة الفسيخ التي لا أدخله في بيتي ولا نقبله ولا نقبل رائحته. روائح أشد خطراً: ولكن هذا العام امتلأت الروائح الخبيثة التي تأتيني من كل جانب وتطاردني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي؛ والتي منها: (1)رائحة ما تبقي من الطغاة خاصة طاغية سوريا وما يصنعه بأحبابنا المستضعفين في سوريا!؟. (2)رائحة أخبار المسرح السياسي ولاعبيه الآن وتصريحاتهم وسلوكياتهم!؟. (3)رائحة الخلافات بين القوى السياسية والتخاونات المتبادلة والاتهامات الفجة!؟. (4)رائحة التعليقات سيئة السمعة التي يرسلها البعض خاصة من يخالفوننا في الرأي على صفحات (الفيس بوك) و(التويتر) و(المواقع)!؟. (5)رائحة محاولات عودة الفلول وأذناب الفلول!؟. (6)رائحة المادة (28) سيئة السمعة والفخ الدستوري الذي يهدد مستقبل ثورتنا. ذلك الحبل الذي شاركنا في صنعه لنخنق به أنفسنا ومستقبلنا. (7)رائحة ألاعيب العسكر وما يقال وراء الكواليس من تربصهم بالدستور لضمان مستقبلهم الآمن الضاغط والمؤثر في أوراق اللعبة الثورية والمستقبل السياسي. (8)رائحة تلك البرامج الفضائية وما تبثه ليل نهار في عقول العامة فتصبحهم على رأي وتمسيهم بما يخالفه. (9)رائحة أولئك الضيوف الدائمون والمقررون علينا في اليوم أكثر منم مرة وكأنهم مضاد حيوي كريه وله من الآثار الجانبية المدمرة الضارة والتي تغطي على ما يفيد منها. (10)رائحة أولئك الذين يتسللون إلى مواقع قيادية ويتصدرون المشهد الدعوي والسياسي والأعلامي بالنفاق والتزلف والوشايات!؟. (11)رائحة الاختيارات داخل مؤسساتنا وأمتنا ومشهدنا السياسي. والتي تبنى على أساس الولاء والانتماء والثقة لا على الخبرات والكفاءة!. ألستم معي؛ أن هذه الروائح أشد خطراً على صحتنا وأشد فتكاً بمستقبلنا وأشد ألماً في بطوننا من .... هذا الفسيخ المسكين!؟. د. حمدي شعيب زميل الجمعية الكندية لطب الأطفال (CPS) خبير تربوي وعلاقات أسرية