تحقيق محمود مقلد أحمد الشربيني: يعاني المجتمع المصري من فجوة غذائية متزايدة تنذر بأزمة حادة خلال المرحلة المقبلة في ظل الزيادة السكانية المستمرة والتي تمثل عبئاً علي ميزان المدفوعات المصري مع تضخم فاتورة واردات الغذاء لتلبية احتياجات النمو السكاني. وتظهر الفجوة الغذائية المصرية بشكل واضح في الحبوب وبشكل خاص بالنسبة للقمح والتي تسببت في أكثر من أزمة خلال العام الماضي حيث تؤكد التقارير الرسمية أن مصر تنتج حوالي 6 ملايين طن من القمح في حين أن الاستهلاك يتجاوز 15 مليون طن، كما تظهر الفجوة الغذائية علي سبيل المثال أيضاً بالنسبة للزيوت حيث تستورد الحكومة المصرية سنوياً حوالي 1.5 مليو ن طن من الزيوت بأنواعها المختلفة تدعمها الدولة بحوالي 655 مليون جنيه. الخبراء أكدوا أن مصر يمكنها الاستفادة من تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية وانسياب السلع الزراعية بين الدول العربية لتحقيق التكامل مع مصر لعلاج الفجوة الغذائية مع الاتجاه لإقامة مشروعات زراعية بالسودان لاستغلال الأراضي الخصبة المتاحة بها. وأشاروا أيضاً إلي ضرورة تركيز سياسات الدولة علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب ودعم المزارعين بأشكال مختلفة وتشجيع الاستثمارات بالقطاع الزراعي. الاكتفاء شريف راشد المدير التنفيذي للمجلس السلعي للحاصلات الزراعية يري أن الفجوة الغذائية التي تعاني منها مصر يجب علاجها بشكل فعال من خلال التركيز في المرحلة الأولي علي الاكتفاء الذاتي في القمح والحبوب لأنها ستعمل علي تغطية جزء كبير من الفجوة الغذائية وهو ما تتجه وزارة الزراعة حالياً لتنفيذه موضحاً أن عمليات التوسع في زراعة الأراضي الصحراوية لتغطية علاج الفجوة الغذائية لا يتناسب مع محدودية الموارد المائية في مصر. ويشير إلي أن جزءا من علاج الفجوة يكمن في اتجاه المستثمرين والحكومة للتكامل مع الدول العربية الأخري بعد تطبيق منطقة التجارة الحرة وبشكل خاص مع السودان التي تمتلك المساحات الشاسعة من الأراضي الخصبة مع توافر الموارد المائية وهو ما جعل وزارتي الزراعة والري يبحثان زراعة 1.6 مليون فدان هناك. ويضيف المهندس راشد أن مراحل حل مشكلة الفجوة تشمل ايضا العمل مع المراكز البحثية لاستنباط تقاوي جيدة والعمل بتقنيات حديثة بشكل يساعد علي زيادة حجم الانتاجية وبما يكفي احتياجات الزيادة السكانية وعلي ان يوجه جزء منها للتصدير الي الخارج وهو ما يعمل علي جلب عوائد مالية جيدة يمكن الاستفادة منها في استيراد المنتجات المطلوبة من الدول العربية الاخري. ويضيف المهندس راشد ان عملية دعم المزارعين لها دور كبير في حل ازمة الفجوة الغذائية والتي تتزايد باستمرار مشيرا الي ان معظم دول العالم خاصة اوروبا وامريكا تقوم بدعم المزارعين لتفادي اية فجوة غذائية وللحفاظ علي الثروة الزراعية بالدولة. ويوضح المدير التنفيذي للمجلس السلعي للحاصلات الزراعية ان الدعم يجب ان يتم باشكال مختلفة وليس بالاموال فقط لمسايرة بنود والتزامات منظمة التجارة العالمية فمن الممكن ان تقوم الدولة بتقديم اسمدة وتقاوي باسعار مدعمة للمزارعين مع وضع حوافز مختلفة للاستثمار في القطاع الزراعي لجذب رجال الأعمال لهذا المجال بشكل اكبر خلال الفترة القادمة. ويضيف المهندس راشد ان علاج الفجوة الغذائية يتطلب ايضا اتجاه الدولة لتخفيض الجمارك علي معدات الميكنة الزراعية لان تنمية الاستثمار الزراعي وتشجيعه والاتجاه لاستصلاح الأراضي لن يتم الا من خلال هذه الخطوة والتي قد يعتبرها البعض خسارة لخزانة الدولة الا ان حجم الفجوة الغذائية يجعلنا نؤكد ان خسائر الدولة من تخفيض الجمارك علي الميكنة الزراعية اقل من خسائر الفجوة الغذائية وعدم الاكتفاء الذاتي والاعتماد علي الاستيراد موضحا ان الحل يشمل ايضا تطوير التصنيع الغذائي في مصر. التنمية د. حاتم القرنشاوي استاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة الازهر يؤكد ان الفجوة الغذائية جاءت في مرحلة كانت الدولة فيها تهتم بالقطاع الصناعي علي حساب القطاع الزراعي رغم التاريخ المصري المعروف في مجال الزراعة والذي جعل لنا اصنافا عالمية من الحاصلات الزراعية مسجلة بالاسم المصري. ويشير الي ان حل المشكلة يكمن في تنمية الاستثمارات الزراعية وجذب رؤوس الاموال لها مع تطوير نظم التصنيع الغذائي لاعادة الانتعاش والنمو مرة اخري لقطاع الزراعة المصري. ويضيف د. القرنشاوي ان علاج الفجوة الغذائية يجب ان يعتمد ايضا علي تنمية دور المراكز البحثية والابحاث العلمية في المجال الزراعي بالاضافة الي دور الدولة في الارشاد الزراعي ووضع المناهج العلمية في ذلك المجال.