الواقع المر لشركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام يجعلنا نقول إن ما يحدث خلال الفترة الأخيرة يعد طفرة في برنامج الخصخصة في هذا القطاع، فبيع مصنع أجا التابع لشركة إسكو نهاية العام الماضي، والمراحل النهائية لتنفيذ عمليات بيع شركة الشرقية للكتان ب 24 مليون جنيه ومصنع الغزل المصري ب 39 مليوناً يعد بمثابة حلم بدأ يتحقق. ويشهد علي وجود هذه الطفرة تاريخ برنامج الخصخصة نفسه الذي لم يتم فيه سوي تنفيذ 9 عمليات بيع فقط بقيمة اجمالية 899.2 مليون جنيه في هذا القطاع منذ بدايته عام ،1991 الأمر الذي يستدعي البحث وراء أسباب عدم إقبال المستثمرين علي شراء شركات الغزل والنسيج مثل اقبالهم علي شراء الشركات في قطاعات أخري بالرغم من اشتراكهم جميعاً في مشكلات العمالة الزائدة والمعدات المتهالكة وإن زادت في قطاع الغزل والنسيج لأسباب تاريخية وأخري اقتصادية. "الأسبوعي" ومن خلال هذا الموضوع حاول رصد المشكلات المتعلقة بهذه الشركات التي وضعها قدرها في سوق في غاية التعقيد.. فالأمر لم يقف أمام مشكلة العمالة أو الآلات فقط.. ولكن الخبراء أكدوا من خلال مناقشتنا لهم ان المستثمرين يعتبرون الإقبال علي هذا القطاع مخاطرة بكل المقاييس وهو ما عكس ضآلة عمليات البيع.. فالبنوك ترفض اقراض مشاريع الغزل والنسيج ووضعتها في القائمة السوداء منذ منتصف السبعينيات وأيضًا السياسة القطنية والتي اعتبروا وجودها نوعاً من المقامرة عند الدخول للاستثمار في هذا القطاع هذا بالإضافة إلي الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها هذا النشاط.. إضافة غياب الثقة بين القطاع العام والخاص. وفي محاولة للخروج بصورة متكاملة لهذا الموضوع وقبل الخوض في آراء الخبراء سوف نستعرض الحالة التي وصلت إليها هذه الشركات من خلال العناصر الثلاثة التي يتكون منها برنامج إدارة الأصول.. إذا افترضنا مجازاً وجودها منذ بداية البرنامج عام 1991 وهي "الهيكلة" و"الحوكمة" و"البيع". الهيكلة أوقفت الحكومة منذ بداية التسعينيات ضخ أي استثمارات في قطاع الغزل والنسيج انتظارآً لقيام المستثمرين الذين سيشترون الشركات بضخ استثمارات فيها، ولكن ما حدث هو أن السنوات توالت دون أن تنجح عمليات البيع سوي في بعض العمليات التي لا تذكر وبقيت الشركات في حوزة الحكومة، ومع ذلك لم تقم بضخ أي استثمارات فيها مما أدي إلي وصول الشركات إلي مرحلة خطيرة تهدد استمرارها بل ووجودها. إدارة جديدة تولت إدارة جديدة في عام 2001 الشركة القابضة واستشعرت الخطر فطالبت بالحصول علي بعض الاستثمارات لضخها في الشركات القابلة للإصلاح وكانت مركزة علي مراحل الغزل والصباغة والتجهيز وبلغت التكلفة المطلوبة 105 ملايين دولار بالإضافة إلي 300 مليون جنيه، ولكنها لم توفق إلا في الحصول إلا علي 20 مليون دولار فقط، وذلك طبقاً لما ورد في جمعية "القابضة" العمومية بداية العام الحالي. وبدأت وزارة الاستثمار منذ توليها المسئولية في يوليو العام الماضي ببعض الإجراءات في محاولة منها لاحتواء الأزمة.. فعلي النطاق العام لجميع الشركات التابعة لقطاع الأعمال ومنها شركات الغزل والنسيج البالغ مديونياتها التاريخية للبنوك 4.12 مليار جنيه في تسوية هذه المديونيات مع البنوك دون رهن للأصول، وأيضاً وضع تصور لمديونياتها مع بعض الجهات الأخري البالغة 5 مليارات جنيه مثل التأمينات والبترول والكهرباء وتم الاتفاق علي الالتزام الكامل لكل الشركات بسداد ما عليها من فواتير الكهرباء وتدفع كل ما عليها اعتباراً من يناير 2004. وهذا مما أكدته الجمعية العمومية للقابضة للغزل والنسيج أيضاً وخلال الأسابيع الماضية تم تفعيل الاستفادة من المنحة الأوروبية البالغة 80 مليون يورو لتخفيض جزء من العمالة التي تثقل كاهل الشركات. الحوكمة ولعل ما يوضح وضع شركات الغزل والنسيج عن قرب هو استحداث مبدأ الحوكمة الذي يتضمن الشفافية وهو ما بدأ في نشر وزارة الاستثمار لمحضر الجمعية العمومية للشركة القابضة أيضاً التي تضم في محفظتها 29 شركة تبلغ استثماراتها 983.5 مليار جنيه وحجم عمالتها 400 ألف عامل. وكشف المحضر عن وجود 6 شركات تمثل أجور عمالتها 73% من حجم الإيرادات وهي شركات: (كفر الدوار البيضا الحرير البوليستر وولتكس مصر حلوان) حيث بلغت إيرادات هذه الشركات في العام المالي الماضي 397.3 مليون جنيه وفي المقابل بلغ إجمالي أجور عمالتها 290.3 مليون جنيه.