مثلاً: إذا نظرت في المرآة ووجدت قرداً فلا تحاول أن تلفت وراءك.. توهماً أن هناك قرداً، الحقيقة أن الذي تراه في المرآة هو أنت.. ولكن هناك عدداً كبيراً من المرايا في حياتنا.. هناك مرآتك أنت ومرآة الصديق ومرآة العدو. أي إنك سوف تري الصورة في عيني من يحبك ومن يكرهك ومن يتمني لك ألا تكون.. ثم الصورة التي يجب أن تري نفسك عليها، فأي هؤلاء أنت! أنت في عيني الأم أجمل وأعظم المخلوقات، ولا تلمسها، فهي أم، وأنت قرد مسلسل في عيني من يكرهك ومن لا يحب في الدنيا شيئاً أعظم وأردع من اختفائك.. ثم صورتك كأجمل رجل وأذكي وأغني وأحق الناس جميعاً بأن تنفرد بكل شيء في هذه الدنيا، هذه صورة من رسم خيالك وأحلامك وجفونك أيضاً.. لقد حدثنا المفكر الأمريكي أوموند ويلسون عن فتاة كان يعرفها، وكانت لها في شقتها غرفتان واحدة كل ألوانها وردية وفي نوافذها زهور وطيور.. فكانت هذه الفتاة إذا احتاجت إلي شحنة شجاعة وصلابة وعزيمة.. ذهبت إلي غرفتها وتمرغت علي سريرها وفتحت ذراعيها واحتضنت الدنيا كلها وخرجت أنيقة تزفها عصافيرها إلي لقاء الجيب. وكانت إذا غضب أو ثارت أو قررت الانتقام أو قطع علاقتها بأحد ذهبت إلي غرفتها الكئيبة الألوان الحزينة المعالم إلي المرآة المدشدشة وراحت تنفض التراب من فوق كل شيء. وبذلك تزداد قزماً ورغبة في الانتقام وتحس أن أظافرها مخالب وأن حراراتها غليان. يقول المفكر الكبير أوموند ويلسون ليست هذه قصة خيالية ولكنك وحدك تستطيع ذلك في أي يوم.. وهو يفضل المرآة الوردية لأن الحياة تستاهل أن نعيشها!