يستشعر الناس في بلدي - وأنا واحد منهم - أن نور النهضة يبدو انه قد بدأ يلقي بضياء جديد علينا في هذه الايام وكلنا يملأ نفوسنا الأمل في غد قريب اكثر اشراقا وضياء. فبعد ما يزيد علي عقود ثلاثة عاد الاحتفال بعيد العلم الينا علي هذا المستوي الرفيع الذي شهدناه بالامس.. وعودته تعني الكثير فهو ليس مجرد احتفال نكرم فيه العلماء والنابهين.. وليس مجرد مناسبة نلقي فيها الكلمات التي تبعث الامل في النفوس.. انه قبل ذلك كله يرسي قيمة اساسية في اطار ثقافة العصر الذي نشهده وهو ان "العلم" هو الطريق وان القاعدة العلمية والتعليمية هي الركن الركين في ثقافة النهضة.. ان يوم الثلاثاء 21 ديسمبر 2004م الموافق للتاسع من ذي القعدة 1425ه هو يوم شديد الخصوصية.. لا اقول ذلك باعتباري استاذا جامعيا ولكني اقوله باعتباري مواطنا مصريا يعتز بأن يري حرص القيادة السياسية علي تأكيد اهمية ومنزلة العلم والعلماء من خلال عودة الاحتفال بعيد العلم.. نعم الاحتفالات في حياتنا كثيرة.. ولكن عيد العلم له معني خاص لان العلم وراء اي نجاح وسر أي تقدم.. والاحتفال به يعني الاهتمام بالحاضر والمستقبل واعادة التواصل مع حضارتنا العريقة التي ساهمت في تقدم البشرية.. وبدون مبالغة فان تلك المعاني التي يحملها عودة الاحتفال بعيد العلم.. تمثل عودة الروح الي نفوسنا وعقولنا وأيامنا. ولا يعني ذلك ان ادراكنا لاهمية العلم والعلماء لم يكن موجودا وحاضرا او انه كان غائبا عنا.. ولكن وبمنتهي الصدق فان ذلك رغم انه كان موجودا ومازال فان عودة الاحتفال بعيد العلم قد اعاد الامل الي نفوس كاد يتسرب منها واعطي دافعا للعمل والاجتهاد لدي العلماء والباحثين والطلبة النابهين من ابناء هذا الوطن العزيز. ولقد صاحب الاحتفال بعيد العلم تركيز الضوء علي اهمية وضرورة القاعدة العلمية والتعليمية كأساس لبناء النهضة.. في اطار رؤية متكاملة تنظم جميع محاور تلك القاعدة وتمكن لها.. ولقد كنا ونحن طلاب في بداية مراحل التعليم نتأثر الي ابعد مدي بطلاب سبقونا في مراحل التعليم وتم تكريمهم بشكل او بآخر.. كما انه يؤثر فينا والي ابعد مدي ايضا ما كان يشرحه لنا اساتذتنا ونحن في تلك السن المبكرة من قول أمير الشعراء أحمد شوقي: بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك علي جهل وإقلال بل انني اتذكر معلما كنا نحبه بشدة لانه وقف بيننا يشرح لنا ما قاله أحد شعراء العرب: سأطلب علما أو أموت ببلدة يقل فيه قطر الدموع علي قبري فإن نلت علما عشت في الناس سيدا وإن مت قالوا بالغ في الغدر وكان يقول لنا ان هذا الانسان العربي تنبه قديما الي انه لن يتواني عن طلب العلم وان دون ذلك حتي ان يموت غريبا في غير بلده.. فان نال علما عاش كريما بين الناس وان مات سيلتمس له الناس الغدر هكذا تغذينا علي حب العلم وأهله والداعين اليه وظل ذلك منقوشا في نفوسنا ومحفوظا في ضمائرنا. ولا أريد ان استرسل في "أهمية العلم" لان طلب العلم فريضة ولكن ما يجب ان نستدعيه في اطار تعرضنا لموضوع "ثقافة العصر" هو ان الاهتمام بالعلم والعلماء والباحثين والنابهين من الطلاب هو احد معالم تلك الثقافة وأهم محاورها. وللخروج من ثقافة الفقر فان هناك كما سلفت اليه الاشارة متطلبات ثلاثة هي القاعدة العلمية والتعليمية والقاعدة المعلوماتية والقاعدة المعرفية. ومازال حديثنا في اطار المطلب الاول وهو القاعدة العلمية والتعليمية وقد ورد في كلمة الرئيس مبارك في الاحتفال بعيد العلم بالامس اهدافا ومحاور وآليات تتعلق ببناء تلك القاعدة وصيانتها وتطويرها. الهدف: * تحقيق نهضة شاملة تتأسس علي العلم وتقوم علي جد واجتهاد العلماء والباحثين. * وضع مصر في مكانتها العلمية اللائقة وتحقيق آمال وطموحات شبابها واجيالها الجديدة. * خلق قاعدة اكثر اكثر اتساعا للتفكير والبحث والاجتهاد والابتكار.