إذا كنت من المدمنين علي الشراء خاصة في المواسم والاعياد واذا اكتشفت ولعك بالذهاب إلي المحلات والمراكز التجارية بانتظام وانفاق ما تملك علي شراء سلع لا تحتاجها أو هي لديك بالفعل فاعلم انك لست سفيها ولكنك مريض وانك تحتاج الي زيارة طبيب نفسي ربما يساعدك في التخلص مما انت فيه ويريحك من انتقادات الآخرين المستمرة لك واتهامك بالاسراف وتضييع المال دون مبرر، هذه هي آخر النتائج التي تم التوصل اليها عبر دراسة اجرتها جامعة ملبورن الاسترالية استغرق اعدادها 3 سنوات وكشفت عن نتائج مبهرة فيما يتعلق بحمي الشراء التي تصيب بعض الناس وتجلب عليهم عذاب الضمير كما تضعهم في موضع الانتقاد والاتهام من اللصيقين بهم. الدراسة التي اشترك في اعدادها باحثون وعلماء في علم النفس والاقتصاد وعلوم الاجتماع والتسويق خلصت الي ان مدمني الشراء هم مرضي يعانون من خلل نفسي تماما كمدمني الكحوليات والمخدرات وانهم يكافحون بإقبالهم غير المبرر علي الشراء نوعاً من الاكتئاب يصيبهم.. تماما كالمدمنين علي الخمور العلماء الذين توصلوا الي هذه الحقيقة اطلقوا عليها اسما علميا هو "أونيومينيا" واسباب اختيار الاسم غير واضحة غير ان اعراضه تم تحديدها بدقة حيث تنتاب المريض حالة نفسية معينة تجعله يخرج من توه الي اقرب مركز تجاري ويمضي في شراء سلع تافهة أو لا يحتاج اليها ويستمر في هذه الحالة حتي يصل الي مرحلة من الانتشاء كتلك التي يشعر بها المدمن علي الكحول بعد إفراغ بضع كاسات في جوفه! ثم يعود بعد ذلك الي منزله أو يواصل عمله وهو في حالة من النشوة والرضا عن النفس وهو يحمل حصيلة مشترياته بحرص شديد رغم ادراكه انه لا يحتاج لما اشتراه. وقبل البحث الجديد كان هناك اعتقاد بأن مدمني الشراء هم من ضحايا الاعلانات وانماط التسويق المبتكرة وانهم يقعون ضحايا لأسر المراكز التجارية التي تضم عشرات المحلات تعرض آلافاً من السلع، غير ان البحث الاسترالي اكد ان مدمن الشراء ليس الا مريضا نفسيا يتعرض لاختلالات هرمونية أو نفسية تدفعه دفعا نحو الشراء، وهو علي عكس الاعتقاد السابق يخطط دائما لجولة الشراء القادمة ويعد لها بدقة وفي اغلب الاحيان يتم ذلك فور انتهائه من عملية الشراء التي قام بها للتو، وهو في هذه الحالة يشبه ايضا مدمن الكحوليات الذي يعرف تماما ويعد لجولة الشراب القادمة فور خروجه من البار، ومثل مدمني الشراب يتعرض ضحايا "الاونيومينيا" لوخزات الضمير من ان لأخر خاصة عندما يدرك ان كثيراً مما اشتراه تافه اولا لزوم له أو يملك مثيلا له، وكذلك يدرك المريض ازمته عندما تصله فواتير بطاقات الائتمان التي توضح له حجم الجرم الذي ارتكبه في حق نفسه واسرته وكم المبالغ التي ينفقها دون لزوم، وعلي عكس المتوقع فإن تعنيف الآخرين لمريض "الاونيومينيا" ذو تأثير محدود علي ضميره وعلي سلوكياته بل قد يدفعه للتطرف في إدمانه للشراء حيث خلصت الدراسة الي ان المدمن ترتفع حالته المعنوية بشدة خلال عملية الشراء أو الاعداد لها وانه يكون شديد الارتباط بالاشياء التي يشتريها ويواصل الشراء لاشباع الرغبة والاونيومينيا حالة مرضية متعددة الدرجات حيث تصيب البعض بشكل موسمي خاصة في المواسم والاعياد حيث يندفعون الي الاسواق لشراء كل ما لا يحتاجون اليه اما المرضي الاكثر معاناة فهم هؤلاء الواقعون تحت تأثير الاونيومينيا طوال الوقت اما مفاجأة البحث فكانت في نوعية المرضي حيث اثبت استقصاء احصائي مرافق للبحث ان اغلبية ضحايا الاونيومينيا هم من غير الاثرياء ومن ابناء الطبقة المتوسطة بالذات كما كشف البحث عن مفاجأة اخري هي ان مرضي الشراء من الناضجين الذين تتراوح اعمارهم بين الثلاثين فما فوق وان المراهقين نادرا ما يصابون بهذا المرض؟! اما الذي لا يعد مفاجأة بأي حال في نتائج البحث ان معظم ضحايا الاونيومينيا هم من النساء الذين يصيبهم هوس الشراء لعلاج موجات الاكتئاب التي يعانون منها. وبما ان اكتشاف المرض لا يزال في بدايته فإن العلاج غير واضح واكتفي الباحثون بنصيحة مرضي الاونيومينيا بزيارة طبيب نفسي مع التأكيد ان اللوم والعتنيف من المحيطين به ليس له أثر في ردع المريض وكبح جماحه علي الشراء غير المبرر. البحث بنتائجه يبرئ شركات التجارة والدعاية والتسويق من تهمة التسبب في تفاقم حالة مدمني الشراء غير انه لا يمكن اغفال الجوائز والعوائد التي تعود علي هؤلاء من مرضي الاونيومينيا الذين ينفقون الملايين في الاسواق دون لزوم اما المؤسسات المالية المصدرة لبطاقات الائتمان فهي الضحية لهؤلاء المرضي الذين يقعون بصفة منتظمة في أزمات مالية بسبب الشراء غير المدروس ويضعون هذه المؤسسات معهم في المشكلة ومن غير المستبعد ان تكون مؤسسات الاعتماد كانت وراء اعداد هذا البحث العجيب حتي تري كم حجم المشكلة.. ووسائل علاجها!