توقع المواطن المصري حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار "خاصة أسعار السلع الأساسية" وذلك بعد تطبيق التعريفة الجمركية الجديدة، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد حدث العكس وشهدت الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع الغذائية، ومما يزيد الوضع سوءاً أننا علي أبواب شهر رمضان فهل تستمر الأسعار في الارتفاع أو ستحدث المفاجأة ويتنازل التجار والصناع عن جشعهم ويراعون ظروف محدودي الدخل. كل التقارير الرسمية تشير إلي ارتفاع أسعار كل السلع خاصة الغذائية خلال العام المالي 2003-2004 فوزير التخطيط الدكتور عثمان محمد عثمان صرح بأن الأسعار تخطت حدودها المعقولة نتيجة لتحركات سعر الصرف والمضاربات حيث بلغ متوسط الزيادة في الأسعار 7.11% مقابل 6% فقط العام الماضي، فبلغت نسبة الارتفاع في أسعار السلع الغذائية 21% وفي الأقمشة والملابس 13% أيضاً أسعار الياميش هذا العام ارتفعت نتيجة لنقص المعروض منها في بلد المنشأ، فالتجار أكدوا أن الكمية المطروحة هذا العام أقل من العام الماضي بنسبة 50% بسبب تخوف التجار من ظروف السوق، فأسعار البندق مثلاً وصلت إلي 55-60 جنيهاً للكيلو مقابل 37 جنيهاً العام الماضي أي أن الزيادة وصلت إلي 50% كما يباع اللوز بسعر 55جنيهاً مقابل 50 جنيهاً العام الماضي. فإلي متي يستمر ارتفاع الأسعار وإلي متي يظل محدودو الدخل فريسة لجشع التجار الذي لم تستطع العديد من جمعيات حماية المستهلك وقانون حماية المستهلك الذي سيعرض قريباً أمام مجلس الوزراء التصدي له. "العالم اليوم" التقت بالخبراء في محاولة للبحث عن حل جذري لمشكلة ارتفاع الأسعار حتي لا تتكرر تجربة الدولار الذي استقر والأسعار لم تستقر فهل تفشل التخفيضات الجمركية في ضبط الأسواق. .. وعن المستهلك هلال شتا رئيس شعبة المصدرين باتحاد الغرف التجارة يري أن موضوع ضبط الأسعار بالأسواق يعود إلي عدة عوامل تتحكم وتؤثر فيه منها وعي المستهلك والتاجر ودورهما في عمليات الانضباط والتوازن بالأسواق فلو أن المستهلك لم يخضع لجشع التجار المخالفين لأجبرهم علي تخفيض أسعارهم بشكل معقول ومناسب لآليات التخفيضات الجمركية فليس من المفترض أن تظهر آثار قرارات التخفيض الجمركي في الأسواق بشكل سريع لأن التجار والمستوردين لديهم مخزون من مختلف السلع تم شراؤها ودفع الضريبة الجمركية المرتفعة عليها قبل التخفيض وليس من المنطقي أن التاجر يقبل بالخسارة وعلي المستهلك أن يدرك ذلك، حتي يأتي الوقت الذي ينفد فيه المخزون، ويبدأ البيع وفقاً للتعريفة الجديدة وحتي بلوغ تلك المرحلة من الضروري العمل علي عدة محاور لتحقيق الانضباط بالسوق وهي تدعيم ثقافة المستهلكين للأحجام عن شراء أي سلع مبالغ في أسعارها وهذا بالطبع يكون بشكل أكبر في السلع الكمالية والمعمرة وكذلك لابد من تدخل منظمات الأعمال من الغرف التجارية والصناعية وجمعيات رجال أعمال للعمل علي توعية التجار بعدم المبالغة في وضع زيادة في هوامش الربح بالأسواق وعدم رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه وأن تتدخل تلك المنظمات بسلطانها لدي التجار للتعامل من خلال ميثاق شرف لإيقاف أي تاجر غير ملتزم. ويشير شتا إلي أن الحكومة لا يمكنها التدخل لضبط الأسعار في ظل الاقتصاد الحر إلا من خلال استيرادها للسلع الأساسية ودعمها أو من خلال دعمها لجمعيات حماية المستهلك والجمعيات الأهلية ومنحها صلاحيات أكبر تجعلها أكثر قدرة لحماية المستهلكين بشكل فعلي وإحداث التوازن بالأسواق. كما يمكن للحكومة أن تعمل علي تنشيط عمل المجمعات الاستهلاكية وإقامتها في أكثر من مكان ويمكن الاستفادة من تجربة بعض المحلات العالمية عندما دخلت لشراء المجمعات الحكومية وعملت علي تشغيلها بشكل متطور ونافست بشكل قوي في الأسواق بأسعار منخفضة وفي نفس الوقت حققت أرباحاً كبيرة والحكومة يمكنها اللجوء لمثل تلك الحلول لعلاج مشكلة ارتفاع الأسعار بالأسواق. ويضيف شتا أن الحكومة يمكنها المنافسة وتحقيق الانضباط بهذه المجمعات والتي يجب أن تعمل بنظام إدارات القطاع الخاص وليس النظام الحكومي القديم وبهذا تحقق الأهداف المرجوة في ظل عدم مخالفة حرية الأسواق وتعمل علي تضييق الفجوة بين العرض والطلب.