يقول د. عبد الحميد الغزالي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة انه يجب ان نشير في البداية الي ان البنوك الاسلامية جاءت لرفع هذا الحرج واحلت المشاركة في الربح والخسارة محل نظام المداينة بفائدة وذلك في جانب الخصوم من خلال عقد المضاربة الشرعي، وفي جانب الأصول من خلال صيغ الاستثمار الاسلامي القائمة علي عقود الشركة، وعقود البيوع، عقود الايجار من مشاركات قصيرة وطويلة الأجل ومضاربات قصيرة وطويلة الأجل وبيوع مرابحة وسلم واستصناع وبيع آلي وايجارة تشغيلية وايجاره تمليكية اي تنتهي بالتمليك. واعتبر الغزالي ان البنوك الاسلامية هي الصيغة المثلي لتمويل عملية تنمية مستدامة في البلاد النامية بصفة عامة والبلاد الاسلامية علي وجه الخصوص حيث انها فعلا شركات استثمار حقيقي طويل الأجل، أي انها تقوم بانشاء مشروعات انمائية وهذا ما اكدته دراسات المنظمات الدولية المتخصصة وهي البنك والصندوق الدوليين. ثالثا: يجب ان نشير الي ان هذه الظاهرة نشأت في جو معاد لها حيث تنافس في السوق المصرفي البنوك الربوية ومع ذلك نجد ان كثيرا من البنوك الحديثة قد انشأت فروعا لها للمعاملات الاسلامية ليس ايمانا بالفكرة بداية ولكن استغلالا لها بل ان بعض البنوك الامريكية الكبري قد انشأت بنوكا اسلامية كاملة كما حدث في البحرين مثل بنك سيتي بنك، بنك تشيسي وهذا خير دليل علي جدوي المصرفية الاسلامية. رابعا: ان البنوك الاسلامية لا يجب ان نقومها كظاهرة تقويما نهائيا لقصر المدة التي عاشتها حتي الآن فأقدم بنك اسلامي لا يزيد عمره علي حوالي 30 عاما بينما البنوك الحديثة يصل عمرها الي اكثر من 400 عام ومع ذلك فان هذه الظاهرة تقبل التقويم وبصفة عامة نجد ان ايجابيات البنوك اكثر من سلبياتها والدليل علي ذلك انتشارها السريع من حيث العدد حيث وصلت في هذه الفترة القصيرة الي 300 بنك تعمل خلال شبكة تقدر بالآف الفروع وعدد المتعاملين معها بالملايين وحجم عملياتها بالمليارات دولار كما دخلت في جميع الانشطة الاقتصادية الزراعية والصناعية والخدمية المختلفة ومع ذلك فان هذه الظاهرة تعرضت وتتعرض لمشكلات نبعت من الممارسة وأود ان اشير بداية انها مشكلات تمثل ارهاصات نجاح وليست عوامل فشل وهذه المشكلات تتمثل في ان هيكل الاستخدامات في هذه البنوك لا يعكس الطبيعة طويلة الاجل لهذه الظاهرة بوصفها شركات استثمار حقيقي طويل الاجل حيث نجد أن اكثر من 90% من هذه الاستخدامات في صورة استثمارات قصيرة الاجل اي مرابحات ولهذا اسبابه الفنية والمصرفية حيث ان بيوع المرابحة هي اقرب الصيغ الاسلامية للتمويل الربوي وحيث ان جزءا كبيراً من العاملين في البنوك الاسلامية قد جاءوا من السوق المصرفي وأقرب الصيغ الي فهمهم هي بيوع المرابحة. هذا من ناحية ومن ناحية اخري فان البنك الاسلامي يعمل في كثير من التجارب وفقا لنظرية البنك الوحيد الذي لا يساعده البنك المركزي اذا وقع في أزمة سيولة ومن هنا كان اعتبار السيولة مهما في بداية نشأة هذه الظاهرة حتي يكتسب ثقة المتعاملين من ناحية ولا يلجأ الي التمويل الربوي من المركزي من ناحية اخري وهذا يؤكد انه قد آن الآوان لكي يقدم البنك الاسلامي علي معالجة جادة لمشكلة كيفية استخدامه لموارده قصيرة الأجل في استثمارات طويلة الاجل وذلك من خلال ودائع استثمارية طويلة الأجل، صناديق استثمار لمشروعات بعينها، صكوك استثمار اسلامية الخ. كذلك من أهم المشكلات التي تعرضت لها البنوك الاسلامية انها لجأت الي السوق المصرفي للحصول علي موظفيها خاصة الطبقة الادارية الوسطي والعليا ومن هنا حدثت بعض التجاوزات ذات الشبهة الشرعية خاصة في تطبيق بيوع المرابحة ولذلك يجب ان نؤكد علي أهمية التدريب المستمر والمكثف لجميع العاملين بالبنوك الاسلامية وذلك لضمان التطبيق الصحيح والآمن لصيغ الاستثمار الاسلامي. بالاضافة الي ان الرقابة الشرعية في هذه البنوك عادة اما تقتصر علي شخص واحد كمستشار شرعي أو عدد من الاشخاص كهيئة رقابة شرعية وفي كثير من الاحيان تعين من قبل مجلس الادارة ولا يسمح لها الا بالتدقيق في عينة من المعاملات بينما يجب ان تكون الرقابة الشرعية علي شكل هيئة بحجم مناسب من الشرعيين والفنيين وبحيث تكون مستقلة عن مجلس الادارة وتكون رقابتها قبلية اي تراقب نصوص العقود الشرعية قبل تطبيقها ثم بعدية اي بعد تطبيق هذه العقود وتكون شاملة وليس علي أساس عينة وذلك لضمان التطبيق الصحيح لشرع الله في المعاملات.