كاد مشهد الهجوم علي الكاتدرائية أن يصيبني بالجنون، أخذت أهمس كأني الجريح مذكرا الأغبياء أبناء الترامادول بأنهم يهدمون ركنا أساسيا من دين الإسلام ويقطعون جذورًا تربطهم بالأرض المصرية، فمصر هي أول أرض في الكون أهدت البشرية فكرة الإيمان بالسماء والحساب والثواب والعقاب، وهي التي أورثتنا جميعا حكاية إيزيس وأوزوريس، وكيف ذبح ?ست? شقيقة أوزوريس وفرق أعضاءه علي أجزاء الأرض المصرية، فجمعتها إيزيس لتتحول إلي حمامة، ترقد علي جسد الزوج لتحمل منه بحوريس الذي يأتي إلي الكون حاملا القدرة علي الدفاع عن الحق والخير والجمال، ومن يرقب المشاهد الباقية علي جدران المعابد الفرعونية لإيزيس وحوريس سيجدها تطابق التصور المسيحي لعلاقة العذراء مريم البتول بابنها حامل النور الهادي، ألا وهو المسيح عيس بن مريم. أصرخ مجروحا من رؤية الهجوم علي الكتدرائية، وأتساءل: ألا يعي هؤلاء أن الإسلام يتطلب الإيمان بمريم والمسيح كشرط للإيمان بدين محمد صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء؟ ولكن من قال إن أبناء الترامادول لهم دين وهم من أسقطوا عقولهم تحت أقدامهم، وجمدوا مشاعرهم تحت سياط القبول بخديعة من يبيعون زيف الدين وقشوره؟ ولكن مشهدا آخر يرد لقب ثقته في المصرية، حين خرج الأقباط ليشاركوا المسلمين في رد الهجوم الأرعن علي مبني مشيخة الأزهر الشريف، لحظة التآمر علي الشيخ المحترم بغير حدود الدكتور أحمد الطيب؛ بدعوي مسئوليته عن الطعام الفاسد بالمدينة الجامعية. وكأن الهجوم علي الكاتدرائية هو انتقام من اليقظة المصرية الفطرية لمعني أن تكون مصريا. ومن المؤكد أن الأمور التي تتابع مثل هجوم شخص من جماعة المتأسلمين ضد الجيش المصري وما تلا ذلك من تحذير واضح بأن أي تجريح للجيش وقادته سيجد الرد المناسب، فضلا عن التحذير المحدد بأن أي مساس بالتراب الوطني في سيناء أو حلايب وشلاتين أو قناة السويس سيجد من القوات المسلحة قدرة علي التصدي. وطبعا جاء تسريب حكاية تقرير تقصي الحقائق إلي صحيفة الجاديان، كان بفعل فاعل يرغب في إعادة تحريض جمهور الثوار ضد الجيش في لعبة عارية ومكشوفة. أثق أنا كاتب هذه السطور أن الهدف من كل تجميد مبارك للحياة السياسية المصرية، كامتداد لإطلاق عثمان أحمد عثمان لمسلسل التأسلم السياسي، فضلا عن أن الغرب بقدراته علي اختراق الواقع المصري يرغب ببساطة في إعادة الهيمنة المطلقة علي قناة السويس بوضعها في أيد غير مصرية. فهل يستكمل المتأسلمون رحلة تسليم اقتصاد مصر ولقمة عيشها لمعونات الغرب وسيطرة رءوس الأموال العابرة للقارات علي ما بقي من مفاتيح الكرامة المصرية، وليكن هناك الطعن الواضح في أسس المصرية تراثا ودينا كآخر مفاتيح الاستسلام؟ أذكر الجميع أن مريم البتول هي مريمنا نحن المصريين، وهي من ابتذل الغرب تمثالها في كنيسة المهد ببيت لحم برصاص المدافع الرشاشة إبان هجوم الإسرائليين علي الكنيسة، وهو هجوم يتفق مع الهدف الذي هاجم به أبناء الترامادول الكاتدرائية المصرية بالعباسية.