كل متابع لقناة الجزيرة مباشر كشف الفضيحة التي ورطت فيها نفسها، عند تغطيتها الأسبوع الماضي لجنازة الناشط السياسي التونسي شكري بلعيد الذي تم اغتياله علي يد متطرفين إسلاميين.. فقد تعمدت القناة تضليل المتفرج حيث قامت بوضع أصوات المتظاهرين أمام المجلس التأسيسي ?البرلمان الذي يصوغ الدستور? وأمام مقر حركة النهضة الإسلامية بمنطقة المروج - إحدي ضواحي العاصمة التونسية - وتم تركيبها علي صورمن جنازة الشهيد، بالمخالفة الفجة للمهنية والاحتراف والأخلاق والمبادئ وكل القيم والضمير! إنه تضليل للرأي العام العربي والعالمي، مع سبق الإصرار والترصد! كان المشهد في البداية ملتبسا علي المشاهدين، فمن المعروف لدي الرأي العام أن المشاركين في جنازة بلعيد يرفعون شعارات مناهضة للحكومة ولحركة النهضة الإسلامية ورئيسها راشد الغنوشي، فزوجة بلعيد وأسرته وزملاؤه والناشطون والقوي السياسية.. جميعهم حمّلوا الحكومة وحركة النهضة المسئولية السياسية عن اغتيال بلعيد، حتي لو لم يرتكب الجريمة أحد من أنصار النهضة أو أتباعها في الوقت الذي كان فيه المشاركون في جنازة بلعيد ينادون برحيل الحكومة كان المشاهدون يستمعون إلي أصوات مغايرة مركّبة علي الصور تنادي بشرعية النهضة، واختفت تلك الشعارات المعادية من الصور التي بثتها الجزيرة للجنازة!. ولعل هذا العمل المنافي للقواعد والأخلاق المهنية، ينبئ عن درجة التزوير والتضليل المتعمد من أجل التأثير علي الرأي العام.. لن أتساءل عن موقف المشاهدين والمتابعين للقناة بل أتساءل عن العاملين في الجزيرة، أصحاب السير الذاتية الثرية بمحطات احترافية، من مذيعين نعتبرهم قامات شامخة في العمل التلفزيوني والصحفي رصيدهم في البي بي سي وقنوات عالمية، كيف يرضون ويسكتون عما حدث، وهل ما حدث لايعد تزويرا لإراداتهم،أم أن الأموال الباهظة التي يتقاضونها كرواتب من القناة كفيلة بإخراس أي صوت، أو ضمير.. ثم كيف يبررون أن يقبل أي مهندس أو فني بالمشاركة في هذا التضليل ولماذا لم يتقدم أي إعلامي من داخل القناة أو خارجها حتي بشكوي في الأمر لفتح باب التحقيق في الواقعة، وإذا كان قد فتح فلماذا لم نسمع عنها؟ إن ما حدث أمر خطير للغاية ولا يمكن أن يمر مرور الكرام.. فسمعة الجزيرة أصبحت علي المحك . قد يقول قائل إنها ليست المرة الأولي ولا العاشرة.. وأن القناة متورطة في العديد من المغالطات المهنية . وأرد: نعم قد يكون ذلك صحيحا من خلال رصد دقيق لأسلوب عملها، لكن الفرق الذي أنبه إليه هو التزوير وهذا بالدليل يعني هي جريمة ?جناية? بالصوت والصورة، ولا يقتصر الأمر فقط علي مغالطة والتضليل وتوجيه المتفرجين والتأثير علي موقفهم لصنع رأي عام مغاير. نعم هذا الأسلوب ليس بالجديد علي قناة الجزيرة ولا يمكن إغفال إنها لعبت دورا في تلميع حركة النهضة وإضفاء المزيد من الشرعية علي صعودها، بل وكل الحركات الإسلامية في الوطن العربي بعد سقوط نظام بن علي، كما لم يعد يخفي علي أحد أن الجزيرة مستخدمة من قطر كذراع إعلامية داعمة لسلطة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي بشكل عام . وبعد هذه الفضيحة تداول عدد من المواقع الإلكترونية تسجيلا لشخص مجهول الهوية ظهر في عدد من برامج الجزيرة المسجلة من مصر، يدافع في كل مرة عن الرئيس محمد مرسي ويحمّل الإعلام المسؤولية فيما يحدث من إضطرابات بمصر. ونصيحتي لكل شخص مازال لديه ذرة شك في مصداقية الجزيرة، أن يبحث عن تلك المقاطع من هذا الفيديو.. ليعرف أنه بالإمكان الآن تأجير أشخاص ?كومبارس? لتوظيف آرائهم في البرامج بعد تحفيظهم الرسالة المقصودة، ومن شدة ?احتراف? الجزيرة وإتقانها للتزوير والنصب الإعلامي فإنها تحبك السيناريوهات بدقة لدرجة أن الكومبارس أصبحوا يعملون علي الهواء مباشرة، بعد أن كانوا يسجلون مداخلاتهم! المفاجأة لدي التوانسة ان الجزيرة التي عمدت للتضليل وحاولت التعتيم علي جنازة الشهيد شكري بلعيد، قابلها الموقف المهني والاحترافي للقنوات التونسية، بما في ذلك القناة الرسمية ?الوطنية? التي استطاعت أن تقوم بالتغطية المباشرة للجنازة بكل مصداقية وحرفية وأوضحت جيدا صوت الشعب التونسي وكلمته الحرة. وليس غريبا بعد كل هذه الممارسات من الجزيرة أن يتراجع كثيرا مستوي المشاهدة لها، ليس في تونس فقط ولكن في عدد من الدول العربية إلي أدني المستويات!