انخراطهم في صراعات السلطة زاد من تأزم الوضع الاقتصادي وجعل مجتمع الأعمال مغلفا بحالة من ?الإحباط? تناول تقرير بحثي اقتصادي حديث الأوضاع الاقتصادية في ظل الحكم الاسلامي، لدي دول الربيع العربي، في كل من مصر وتونس، وإن القي الضوء بصورة أكبر علي الوضع الاقتصادي والاستثماري في مصر علي وجه الخصوص، تحت حكم الإسلاميين وصدمتهم برؤية واقع جديد عجزوا عن مواجهته والتعامل معه. وقال تقرير بحثي لمؤسسة ?فاينانشيال تايمز? الاقتصادية البريطانية، تحت عنوان?نهضة تعاني نقصاً في التمويل?، ألقت من خلاله الضوء علي المصاعب الاقتصادية التي تواجه القادة الإسلاميين الذين يفتقدون للخبرة في كل من مصر وتونس. وأشار التحليل إلي الوعود المتكررة للتغيير والازدهار الاقتصادي التي أعلنها الإسلاميون في الشرق الأوسط، الذين أصحبت أحزابهم هي المستفيد الرئيسي من سقوط الأنظمة الديكتاتورية خلال الاضطرابات التي وقعت في العامين الماضيين. ويقول التقرير، إنه بالرغم من كل هذه الوعود، فإن الإسلاميين الذين يتولون السلطة في مصر وتونس لم يثبتوا قدرتهم علي الوفاء بها، حيث إنهم بدأوا يكتشفون أن إدارة شئون الحكم أمر أصعب بكثير من قتال الأنظمة الاستبدادية، ليس أقلها حينما يتعلق الأمر بالاقتصاد، وبدأ يتجلي أيضًا أن النظريات التي تتحدث عما يمكن أن يقدمه الإسلام في المجال الاقتصادي محدود في الممارسة الفعلية إلي حد ما. ويضيف التقرير بأن الإسلاميين الذين كافحوا من أجل تعزيز المكاسب السياسية والمنخرطين في صراعات السلطة يعانون من تراجع الثقة، فالعديد من المظالم التي اشعلت الغضب الشعبي لا تزال قائمة، إن لم يكن ازدادت سوءا، والفقراء تزايد فقرهم، ومجتمع الأعمال تعصف به حالة من الإحباط. ويشير التحليل إلي المصاعب الاقتصادية التي تعانيها مصر من بينها تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وانخفاض الاحتياطيات الأجنبية لمستويات أقل من الحد الأدني المطلوب للاستيراد لمدة ثلاثة أشهر، بالإضافة إلي سوء الأوضاع الأمنية واستمرار أعمال العنف وهو ما يعيق ظهور استثمارات جديدة. وعن الوضع في تونس، يتحدث التحليل عن المصاعب الاقتصادية التي تواجه هذا البلد خلال فترة التحول الديمقراطي والشباب العاطلين عن العمل الذين كانوا القوة المحركة للثورة لا يزالون يشعرون بالاستياء من أوضاعهم ويصبون جام غضبهم علي الحكومة. ويتحدث التحليل عن انعدام الخبرة لدي الإسلاميين في البلدين، مشيراً إلي استمرار التساؤلات بشأن ما إذا كانت الأحزاب الإسلامية التي قضي قادتها سنوات عديدة في السجون يمتلكون الكوادر لإدارة المؤسسات الحكومية، وهذا يسهم في حالة الغموض التي تخيف المستثمرين. كما حذر التقرير من تداعيات الانهيار الاقتصادي في مصر علي القارة الأوروبية، وقالت إن الربيع العربي قد يتحول لعاصفة أوروبية، مشيرا إلي أن من يذهب إلي مصر يري بوضوح حجم الكارثة الاقتصادية هناك، فأكثر من نصف سكان البلاد لا يحصلون علي خبز يكفيهم يومهم، فضلاً عن التفكير في الغد أو المستقبل. وتوقع التحليل أنه مع حلول الصيف، ربما يتدفق اللاجئون المصريون علي أوروبا بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث، وأضاف أن وقوع هذه الكارثة ليس بعيداً، فهناك الآن شح في العملات الصعبة، والحكومة عاجزة عن زيادة مواردها، دون فرض أعباء جديدة علي مواطنيها الفقراء. وأشار التحليل إلي أن الحكومة المصرية طلبت المساعدة من أوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج، لكن خوف هذه الدول من عجز مصر عن السداد، جعلها لا تبدي الاهتمام الكافي، وقال ويجب أن تفهم دول العالم أن الشعب اليائس يمكن أن يتصرف بطريقة خطيرة، فالشخص الذي لا يكسب إلا نصف ما يكفيه يومياً لشراء طعامه سيأخذ النصف الآخر بأي وسيلة، واعتبر التقرير أن الأزمة الاقتصادية في مصر أكثر خطراً علي أوروبا والولايات المتحدة، من أزمتيهما الماليتين الحاليتين، ودعا دول الخليج لإعادة النظر ومساعدة مصر فوراً، لأن عاصفة انهيار أكبر دولة عربية ستطالهم.