لا يمكن القول أبدا أن الحكومة المصرية الجديدة برئاسة هشام قنديل حكومة حزبية ، فقد ضمت الحكومة 35 وزيرا منهم 8 من حكومة الجنزوري هم المشير حسين طنطاوي وزيرا للدفاع ومحمد كامل عمرو وزيرا للخارجية وممتاز السعيد وزيرا للمالية ونجوي خليل وزيرة للتأمينات والشؤون الاجتماعية ومحمد إبراهيم وزيرا للآثار ونادية زخاري وزيرة للبحث العلمي ومصطفي حسين كامل وزيرا للبيئة وإبراهيم علي صبري وزيرا للإنتاج الحربي . كما ضمت التشكيلة الوزارية 4 وزراء ينتمون لحزب " الحرية والعدالة " الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ، ووزيرا من حزب الوسط ، ووزيرا من حزب النهضة . من هنا لا يمكن القول بأن الوزارة وزارة الاخوان ولا غيره من المشاركين فيها ، فوجود أربعة وزراء من حزب الحرية والعدالة في التشكيل لا يعني انها وزارة اخوانية اذا وضعنا في الاعتبار ان ثورة 25 يناير أسقطت الاقصاء فلم يعد ممكنا استبعاد أي شخص من مركز قيادي حتي منصب الوزير بسبب انه ينتمي الي جماعة سياسية حصلت علي الشرعية بعد الثورة . كما لا يمكن القول بانها وزارة اخوان لأن الرئيس الذي كلّف بتشكيلها وهو د. محمد مرسي ينتمي ثقافيا أو تنظيميا الي جماعة الاخوان ، لأنه أصبح الرئيس عبر صناديق الانتخاب ولأن من مهام منصبه دستوريا أن يختار رئيس الحكومة ويعين الوزراء . لذلك أعتقد أن الصورة النهائية التي خرج بها التشكيل الوزاري جاء مطابقا لما أعلنه رئيس الوزراء هشام قنديل وعكست تشكيلتها توازنا دقيقا بين وزراء سابقين سبق أن عينهم المجلس العسكري، وشخصيات من داخل الجهاز الحكومي، وبين وزراء من التيار الإسلامي الذي ينتمي إليه الرئيس محمد مرسي ، كما ان بقاء المشير طنطاوي وزيرا للدفاع ينفي وجود صراع علي السلطة بين الرئيس وبين المجلس العسكري أو يشير الي تجميده علي الأقل اذا كان موجودا . من هذا المنطلق نستطيع القول أنه علي خلاف كل التوقعات التي أطلقتها وسائل الدعاية السياسية ، خرج التشكيل بصورة متوازنة كما وعد رئيس الوزراء وهذا في حد ذاته يكفي من وجهة نظري لمنحه فرصة نظرا لوفائه بالوعد مما يعطيه مصداقية لتنفيذ الوعود الأخري التي تندرج في برنامجه . قال د. قنديل ان الأمن والاقتصاد سيكونان أهم أولويات حكومته وأشار الي أنه اختار أعضاء حكومته لتحقيق أهداف الثورة المتمثلة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، أما كيف تتحقق تلك الوعود فهو ما يجب أن يشرحه رئيس الوزراء في برنامج متكامل يوضح الرؤية والاستراتيجية ووسائل تطبيقها ، وكل كلام يقال قبل طرح ذلك البرنامج ، الذي ارجو أن يكون قريبا ، هو من قبيل الثرثرة السياسية الفارغة التي تملأ الأجواء بالضجيج دون أن تقدم شيئا حقيقيا .