تؤكد د ستامتينا يوانيدو مستشارة الحكومة اليونانية لشئون الاتصال الاجتماعي خلال متابعتها للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليونان، تعرضها لظاهرة يستنكرها الرأي العام اليوناني وهي حوادث اعتداء الجماعات اليمينية المتطرفة علي المصريين والأجانب في بعض المدن اليونانية (أثينا وسالونيك وباترا). ولكن من المهم في هذه المرحلة معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلي زيادة هذه الحوادث المؤسفة في الفترة الأخيرة. نظراً لطول مدة إقامتي بالعاصمة اليونانية أثينا ومن خلال متابعتي لواقع الحياة اليومية للمواطن اليوناني ومعرفتي بهمومه الاجتماعية والاقتصادية أعتقد أن الموضوعية تقتضي النظر في عمق الوقائع وتوضيح الأسباب التي أدت إلي تزايد هذه الحوادث المؤسفة من قبل جماعات متطرفة يدينها غالبية المواطنين في اليونان. في التسعينيات من القرن الماضي تأثرت اليونان ومنطقة وسط أثينا بالذات بالموجة الأولي من موجات الهجرة الحديثة إلي أوروبا. وبالرغم من توافد أعداد كبيرة من الأجانب في تلك الحقبة، إلا أن المجتمع اليوناني استطاع في بادئ الأمر أن يوجد آليات لاحتواء هذه الأعداد من المهاجرين وكان لذلك نتائجه الإيجابية في ظل ظروف اقتصادية كانت مواتية في ذلك الوقت. مثال علي ذلك كان مركز "موزاييك" في منطقة كيبسيلي بأثينا وهو أحد المراكز المتعددة التي أنشئت لمساعدة المهاجرين في الاندماج داخل المجتمع اليوناني وتقديم الخدمات القانونية والثقافية لهم مثل تعليم اللغة اليونانية ومعاونتهم في ايجاد فرص العمل المناسبة..الخ ولكن منذ عام 2005 تزايدت موجات الهجرة إلي اليونان من بلاد آسيا وأفريقيا، مما أثرعلي التركيبة الاجتماعية وشكل الحياة في العاصمة أثينا وفي وسط المدينة بالذات، حيث تركزت إقامة المهاجرين فيها بنسبة 40% طبقا لتقرير بلدية أثينا لعام 2010. وقد تزامنت هذه الموجة من الهجرة مع ظهور الأزمة الاقتصادية العالمية والتي كان تأثيرها بالغا علي اليونان، فأدت هذه التغيرات إلي ظهور سلسلة من المشاكل الاجتماعية الخطيرة، منها علي سبيل المثال زيادة معدلات البطالة حيث بلغ عدد العاطلين في الربع الأول من عام 2010 ضعف عددهم لنفس الفترة من عام 2008 طبقا لتقرير الاتحاد العام للعاملين باليونان. وتفاقمت المشاكل بوجود عدد كبير ممن لا مأوي لهم، فنشرت جريدة "كاثيميريني" اليونانية تحقيقاً بتاريخ 12نوفمبر 2011 تحذر فيه من هذه القنبلة الموقوتة حيث قدر عدد الأشخاص الذين يعيشون بلا مأوي في أثينا بنحو 20.000 شخص. كل ذلك أدي بالضرورة إلي تفاقم مشكلة الجريمة فقد تنوعت أشكالها وزادت معدلاتها بشكل غير مسبوق. طبقا لتقرير الشرطة اليونانية عن معدلات الجريمة فقد تضاعفت معدلات السرقة بالإكراه في الفترة من عام 2000 إلي 2009 وزادت السرقات بنسبة 50% لنفس الفترة. في السنوات الأخيرة اتخذت الجريمة أشكالا وأساليب لم تكن معروفة في المجتمع اليوناني، وتطورت أنواع من الجريمة المنظمة التي لم يقتصر نشاطها داخل حدود اليونان. فزادت الجرائم التي يرتكبها الأجانب بمفردهم أو بالاشتراك مع اليونانيين وتنوعت أشكال الجرائم الاقتصادية ذات الطابع الإقليمي أو حتي الدولي والتي صارت تهدد الاقتصاد اليوناني والعالمي. وقد ذكرت مصادر من الشرطة اليونانية أن 65% من الجرائم التي تم ضبطها خلال عام 2010 قام بها أجانب بزيادة قدرها 50% عن عام 2009. ومن أنواع الجريمة المنظمة التي زادت بشكل خطير هي عمليات تهريب المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود اليونانية بهدف الاستغلال المادي أو الجنسي، وعمليات تهريب السلاح وحتي الأطفال، وقد لوحظ أيضا تزايد جرائم التزوير وتجارة المواد الفاضحة حيث إنها مكملة لعمليات التهريب. وقد انتشرت داخل اليونان تشكيلات اجرامية تضم مواطنين من نفس البلد يقومون حتي باستغلال بني وطنهم. ففي عام 2006 دخل من حدود اليونان الشرقية 13.000 مهاجر غير شرعي، إضافة إلي 10.000 آخرين تم تهريبهم عن طريق البحر.