لو أدرك مرشحا الرئاسة مدي الخطورة التي يتعرض لها الاقتصاد المصري من جراء السياسات الاقتصادية التي فتحت السوق المصري علي مصراعيه أمام المنافسة غير الشريفة وغير العادلة، وتركت الحبل علي الغارب للرأسمالية غير المنضبطة بجميع أشكالها وممارساتها الاحتكارية والافتراسية، لأصرا علي الفور علي وضع التعاونيات علي أولويات برامجهما الاقتصادية، ولوعدا بإنشاء وزارة للإحياء الفوري لدور الحركة التعاونية في مصر. وفي بلد مثل مصر حيث تمثل المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوالي 94% من مشروعات القطاع الخاص، حيث إن 40% من مجمل السكان تحت خط الفقر، وشرائح أخري كبيرة من أصحاب المعاشات والأرامل والمعاقين وغيرهم معرضة للهبوط تحت هذا الخط، فإن تنظيم تلك الشرائح الضخمة في كيانات كبيرة من خلال العمل التعاوني هو خطوة بالغة الأهمية علي طريق التنمية في مصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011. إن تجربة التعاونيات في مصر كان الهدف الرئيسي منها تخفيف أعباء المعيشة علي المواطنين من خلال الجهود الأهلية، حيث ظهرت تعاونيات استهلاكية أسسها موظفون بهدف شراء منتجات البقالة بأسعار مخفضة، وتعاونيات بين الصناع والحرفيين لشراء مستلزمات الإنتاج بأسعار أقل، وانتشرت فكرة الاقراض التعاوني بمعني توفير القروض الميسرة لأعضاء الجمية التعاونية وهي الفكرة التي أصبح لها انتشار واسع في العالم في الوقت الحالي. إن حركة التعاونيات بدأت تتدهور في مصر حيث سعت الدولة لضم الجمعيات التعاونية وجعلها تحت إشرافها ودمجها في الخطة الاقتصادية للدولة واعتبرتها جزءا من السياسة المركزية التي اتبعتها الحكومة آنذاك في المجالات المختلفة كما أن إلزام الدولة وقتها للفلاحين الحاصلين علي خمسة أفدنة ضمن قانون الإصلاح الزراعي بالدخول في تلك الجمعيات أسهم أيضا في اضعافها نظرا لأن فكرة العمل التعاوني تقوم أساسا علي أنه عمل تطوعي. التعاونيات في العالم في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتقرير الحملة العالمية لمواجهة الفقر وكلاهما صدرا عن الأممالمتحدة عام 2008 نجد حقائق مهمة عن التعاونيات في العالم، فقد أقر الأمين العام بان كي مون أن نحو نصف سكان الأرض يستفيدون بدرجة أو بأخري من التعاونيات التي تلعب أدوارا اقتصادية واجتماعية مهمة في مجتمعاتنا الإنسانية وأن دورها أساسي في مقاومة الفقر وتحقيق السلام الاجتماعي. وعن مساهمة التعاونيات في الاقتصاد العالمي نجد أنها مسئولة عن 40% من الناتج المحلي الزراعي في الدول التي تطبقها وترعاها وعن 16% من إجمالي الصادرات لتلك الدول وفي وثائق الأممالمتحدة نجد أن عدد أعضاء التعاونيات حول العالم نحو 800 مليون تعاوني، وقارة آسيا وحدها تضم نحو 350 مليون تعاوني، وفي كندا 40% من الكنديين أعضاء بمنظمات تعاونية وفي ألمانيا 20 مليون تعاوني، وفي فنلندا 62% من السكان أعضاء تعاونيات، وفي اليابان ثلث اليابانيين أسر تعاونية، وفي الولاياتالمتحدة 25% من المواطنين تعاونيين، وفي الهند أكثر من 239 مليون مواطن أعضاء تعاونيات، وفي الدنمارك تسيطر التعاونيات الاستهلاكية علي 37% من أسواق الاستهلاك، وفي الكويت 70% من تجارة التجزئة تسيطر عليها التعاونيات. إن الحركة التعاونية في دول العالم بجميع أشكالها وأنواعها هي جزء من المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه، حيث يتحدد دورها بمدي قوتها وقدرتها علي التأثير والتأثر، ولقد انعكست التغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية الحديثة بدورها علي الحركة التعاونية في معظم دول العالم، ففي أيسلندا بلغت التعاونيات درجة عالية من التطوير في جميع فروع الاقتصاد، حتي أنها توصف بأنها الجزيرة التعاونية، وفي إيطاليا تعتبر شبكات تعاونيات العمال هي المؤسسات الأكثر فعالية في المحافظة علي الوظائف عندما تضطر المنشآت الصناعية إلي إغلاق أبوابها وتعمل الحركة التعاونية في اليابان ودول جنوب شرق آسيا علي تطوير نفسها مع التغيرات الاقتصادية الجديدة والعمل علي التنسيق والتكامل فيما بينها لمواجهة المنافسة الضارية من القطاعات الأخري غير التعاونية، حيث تعمل اليابان علي تطوير تعاونياتها بهدف التوسع ونشر قاعدة التعاونيات الأساسية والمشتركة وتجارة الجملة والتنمية الشاملة في جميع المجالات محليا