معظم الناس تتأثر سلبا بسلوك الجماعات المحتجة عندما تقرر الاعتصام في الأماكن الحيوية ، مضي وقت طويل نسبيا حتي استوعب الناس فكرة الاعتصام في ميدان التحرير وخاصة حين يحرص المعتصمون علي سيولة المرور وعدم تعطيل مصالح الناس والتخفيف من ازعاج سكانه الدائمين من أصحاب الشقق والمحلات والمكاتب . اختلف الأمر بالنسبة لمنطقة العباسية فالاعتصام فيها يسبب حساسية لدي السكان نظرا لطبيعة الشريان المروري المتجه الي مناطق القاهرة ووجود جامعة عين شمس ومستشفاه الكبير ومنشئات مهمة تخص وزارة الدفاع المصرية فضلا عن مبني الوزارة ذاتها . المشكلة تكمن في امكانية انفجار الشغب بين المختلفين داخل مقر الاعتصام أو بين المعتصمين وبين المتضررين من الاعتصام ليس لأسبابه السياسية وانما لأسباب أخري تتعلق في معظمها بأسلوب المعيشة في المنطقة وما يجره علي السكان من متاعب وخاصة في منطقة مكتظة بالسكان مثل منطقة العباسية . مع التسليم بحق التظاهر والاعتصام ومع تجدد الأسباب التي قد تدعو للاعتصام سواء كانت سياسية عامة أو فئوية خاصة فالمتوقع أن تستمر المشاحنات والمشادات والمشاجرات حول منطقة الاعتصام اذا لم تتوافر شروط مناسبة للاعتصام تخفف من امكانية التصادم بين المعتصمين من ناحية وبين المارة وبين سكان المنطقة من ناحية أخري ، وليس من بين تلك الشروط بالطبع التسلح استعدادا للمواجهة . أسباب الاحتكاك بين المعتصمين وبين غيرهم متعددة لا تقتصر علي وجود الجماعات المناوئة سياسيا لدعاة الاعتصام وانما مايسببه الاعتصام من ازعاج واستفزاز لجماعات أخري تعتبر نفسها صاحبة حق في الوطن لما قد يلجأ اليه المعتصمون من ترديد شعارات معينة تصطدم بعقائد آخرين أو استخدام ألفاظ بذيئة في مكبرات الصوت أو اللجوء الي تفتيش المارة بغير سند قانوني . الاعتصام الأخير عند وزارة الدفاع بدأ باستبعاد مرشح من الانتخابات الرئاسي لسبب رأته اللجنه مقبولا ورآه غير مقبول فبدأ في شحن أنصاره متجهين الي وزارة الدفاع واستقر بهم المقام في محيط الوزارة أمام جامعة عين شمس بعد اعتراضهم بغلق الطريق المؤدي الي الوزارة ومن هنا بدأت فرص الاحتكاك غير المقبول من أي مواطن مصري بالاعتداء علي وزارة الدفاع او أي منشأة عسكرية في مصر، وأدي ذلك إلي سقوط مجموعة من الشباب الذي لم يقرأ المشهد السياسي جيدا . مع استمرار المصادمات لم يعد للاعتصام معني ولا هدف سوي الرغبة في إرهاق الوطن وإشعال النيران ثم تراق الدماء البريئة ليصبح العنف سيد الموقف ، ويصبح الجميع ضد الجميع في مباراة لاستعراض القوة غير المتكافئة بالطبع ، فقوة الجيش لا محل لاستدعائها ضد أبناء الوطن ، كما أن قوة الخصوم السياسيين أو سكان منطقة الاعتصام تؤدي الي حالة من الفوضي لا يفوز فيها سوي البلطجية .