"العالم اليوم" تحاول حل "لغز" تآكل 50% من حصيلة الاحتياطي النقدي لمصر في عام الثورة! محمد نصر الحويطي الفارق "المريب" بين قيمة الاحتياطي النقدي بنهاية ديسمبر من العام قبل الماضي 2010 ونهاية ديسمبر من العام المنصرم 2011 يشعرك بلا شك ولا مداراة بأن هناك مؤامرة أُحيكت لسرقة مخزون مصر من الدولار ذلك الذي طالما تباهي به الاقتصاديون والمسئولون والخبراء المصرفيون طوال الأعوام الماضية، فتآكل 18 مليار دولار في عام الثورة لا يؤكد فقط دعوات البعض بأن الثورة لم تحقق غايتها في القضاء علي الفساد وتعديل مسار الاقتصاد المصري، بل يزيدنا يقيناً بأن البيروقراطية والتعتيم وعدم الافصاح عن الحقائق بشكل كامل مازال قائماً وكأن الثورة ما كانت ولم يسقط النظام! حاولت جاهداً ان أصل الي معلومات من خلال الموقع الالكتروني للبنك المركزي أو حتي من خلال بعض المسئولين هناك عن أسباب تبخر الاحتياطي النقدي وهذا التراجع الهائل في قيمته من نحو 36 مليار دولار في ديسمبر من العام 2010 إلي نحو 18 مليار دولار بنهاية ديسمبر من عام 2011 غير أنني فشلت في أن أحصل علي حجم التراجع المنشور في بيان لا يتضمن سوي سطر واحد بلا تفاصيل، وهذا ما يزيد من شكوكي وشكوك الكثيرين مثلي ويزيد كذلك من فضولي ودهشتي لأطرح تساؤلا هو ذاته الذي يجول في خاطر كل اقتصادي متخصص يعي جيداً هول الصدمة في هذا تراجع الاحتياطي الذي ظللنا سنوات نجمع فيه ليتبخر بهذه السرعة دون ان يفصح المسئولون عن الحد الأدني من المعلومات عن أسباب ذلك...فما الأسباب الحقيقية في تراجع هذا الاحتياطي.. وفيما تم استخدامه؟ بعض الاقتصاديين حاولوا تفسير ذلك التساؤل سالف الذكر فكال كل منهم بمكياله في الأمر وحاول أن يضع اسباباً لهذا التراجع الواضح في قيمة الاحتياطي المصري من الدولار، منهم من رأي أن المسألة عادية جدا خاصة وان عام الثورة تزامن مع بعض الاستردادات الخاصة بأذون الخزانة والسندات المستحقة لمستثمرين أجانب الي جانب احتياجات البلاد من السلع المستوردة التي تستهلك عملة صعبة، ومنهم من أرجع الأمر إلي حالة التأخر التي دبت بقطاعات السياحة والتصدير فأسهمت في تقليص الداخل من الدولار في وقت زاد فيه الانفاق من ذات سلة العملة الصعبة، وآخرون اعترفوا بكل صراحة بأن هروب المستثمرين الاجانب من مصر هو السبب الحقيقي في هذا التآكل الواضح لاحتياطيات مصر من الدولار لا سيما ما تم "تهريبه" بشكل مقنن من أموال بعض رجال الاعمال المصريين الذين ارادوا إخراج جزء من مدخراتهم في مصر الي بعض الدول الاخري خوفاً من مستقبل يراه بعضهم مظلماً عليهم!! وعزا اقتصاديون استمرار تراجع الاحتياطات الدولية إلي انخفاض معدلات السياحة بنحو 32% عن العام الماضي والاستثمار الاجنبي المباشر وقيام مصر بسداد ديونها فضلا عن تراجع الإنتاج من الدولة والصادرات إلي الخارج وزيادة واردات مصر من الخارج الأمر الذي يشكل ضغطا علي سعر صرف الجنيه، الأمر الذي يدفع البنك للتدخل لدعم العملة فضلا عن قيام مصر بتسديد ديونها. وحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار تراجع الاحتياطي الأجنبي سيدفع العديد من المؤسسات الدولية لخفض تصنيفها الائتماني لمصر فضلا عن عدم قدرة البلاد علي سداد ديونها أو قدرتها علي دعم عملتها وارتفاع تكلفة الإقراض من الخارج وقيام البنك الدولي بتعديل شروطه. الخبراء توقعوا استمرار نزيف احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال الأشهر الثلاثة القادمة، بمعدل إجمالي يبلغ نحو 6 مليارات دولار، بسبب سداد مصر لقسط مستحق خلال شهر يناير الجاري، بقيمة 700 مليون دولار، لدول نادي باريس، فضلاً علي استمرار تراجع إيرادات قطاع السياحة، والتي تعد أكبر مورد للعملة الصعبة للاقتصاد المحلي، متأثراً بالأحداث السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير. بعضهم أكد أن الموارد الدولارية لمصر تأثرت بشكل حاد بتخارجات المستثمرين الأجانب من الاستثمار في أذون وسندات الخزانة، بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار، خلال الشهور الماضية مع الاضطرابات السياسية، وضبابية المشهدين السياسي والاقتصادي، لكنهم بدوا متفائلين بعودة الاستقرار السياسي وأنه سوف يعمل علي طمأنة المستثمرين الأجانب والسياح علي حد سواء، وعودتهم إلي السوق المصرية، ويعمل علي تحسين مستويات السيولة الدولارية لمصر مرة أخري. الخبير المصرفي أحمد آدم يقول أن اعلان المجلس العسكري أن نهاية يناير القادم ستشهد انخفاضاً حاداً في الاحتياطيات الدولية لمصر وستبلغ 15 مليار دولار منها 5 مليارات دولار التزامات واجبة السداد وهو ما يعني أن حجم الاحتياطيات المتاحة ستبلغ فقط 10 مليارات دولار، وهو امر يعتبره آدم في منتهي الخطورة إن لم يتم تداركه.