الحملة ضد الفساد وكيفية استرداد أموال المصريين المنهوبة من الفاسدين، هي في اعتقادي أهم من المطالبة بحكومة من التنكوقراط وإستبعاد حكومة الفريق أحمد شفيق، بل أخطر من التعديلات الدستورية التي تمت مؤخرا، لأن عنصر الوقت في صالح الفاسدين، فتركهم دون ملاحقة أو محاسبة قد يجعلهم يلتقطون أنفاسهم، ويحاولون تصحيح اوضاعهم حتي ولو بالتزوير، ولاسيما أن الأيام القليلة الماضية شهدت العديد من عمليات إتلاف المستندات وحرق الاوراق وحمل كراتين مليئة بالمستندات والأوراق المهمة والهدايا الثمينة من مكاتب العديد من المسئولين الذين تحوم حولهم الشبهات، مما قد يعرض بعض قضايا الفساد مستقبلا للحفظ لعدم توافر الأدلة، وبالتالي ينجو الفاسدون بفعلتهم وتضيع الأموال المنهوبة، أو تستقر في ملاذها الآمن خارج مصر خاصة في سويسرا، ويخسر الشعب المصري مليارات الدولارت. وقضايا الفساد التي تتكشف يوميا، والحجم الهائل من الأموال المنهوبة، والتي سرقت بطريقة شبه رسمية من المصريين علي مدي سنوات طويلة، تتطلب من أجل التحقيق فيها وحصر تلك الأموال، وضبط باقي الشبكة العنكبوتية من الفاسدين، آلاف من رجال النيابة العامة، خاصة إن تلك الشبكة تضم بعض كبار المسؤلين ورجال الأعمال، الذين وفقوا أوضاعهم علي الكسب الحرام أحيانا، مستغلين مناخ الاستبداد وغياب الرقابة تقريبا عن الكبار، وتمتعهم بزواج المال والسلطة الذي كان سائدا في عهد النظام السابق . وعلي اعتبار أن الأموال التي سرقت ونهبت نهبا منظما وهربت للخارج هي في الحقيقة أموال الشعب، وتخفيفا للأعباء التي تقع علي كاهل القضاء المصري خاصة رجال النيابة، وايضا تزايد مسئوليات المجلس العسكري، فإن الأمريتطلب تعاون منظمات المجتمع المدني مع الجهات المختصة، وبشكل شبه رسمي، من أجل سرعة كشف قضايا الفساد من جانب، وفي نفس الوقت المساهمة في كشف الأموال المنهوبة، قبل تسريبها وتوزيعها بين العديد من الدول، وتعرضها للضياع، وأخشي أن يقوم بعض المسئولين ورجال الأعمال من الهاربين وايضا من الذين مازالو ا داخل مصر "وعلي رأسهم بطحة" بتسييل بعض الاموال المهربة وشراء ذهب ومعادن نفيسة واصول وعقارات وسندات خارج مصر، أو يضاربون في البورصات العالمية، ويغسلون أموالهم بالتالي ويؤسسون شركات وهمية بأسماء لأصدقائهم ومعارفهم، كل ذلك من أجل المحافظة علي الاموال الحرام التي حصدوها دون عرق أو إنتاج . ومن هنا يأتي دور المجتمع المدني والجهود الشعبية، في المساهمة في كشف الفساد والفاسدين وإسترداد الاموال المنهوبة، لا بالتعاون مع جهات التحقيق فقط والجهات المعتية في الداخل، ولكن بالتعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في الخارج، وتلك المنظمات خاصة المعنية بحقوق الإنسان وملاحقة سارقي أموال الشعوب، تستطيع وفق قوانين بلادها رفع دعاوي قضائية علي "الحرامية" الهاربين، ولاسيما في الدول التي ليس بيننا وبينها اتفاقية لملاحقة وتبادل المجرمين، وأيضا التي لا يستطيع مصري إقامة دعوي أو استصدار مذكرة توقيف في حق حرامي أموال شعب هارب. ولكن السؤال: أين منظمات المجتمع المدني المصرية التي تستطيع عمل ذلك سواء داخل وخارج مصر؟ لقد خنق النظام السابق المجتمع المدني المصري للأسف الشديد! وللحديث بقية حمدي البصير