لم يكن هناك أفسد من برنامج الخصخصة المصري، والحقيقة أن في "العالم اليوم"، كانت هناك مساحة من الحرية للكتابة عن بعض التجاوزات الصعبة، والتي نستطيع أن نجزم من خلالها أن أكثر من 90% من عقود بيع شركات القطاع العام بها تجاوزات قد تصل إلي الفساد في البعض أو عدم الالتزام بعقود البيع وبالتالي يعتبر العقد باطلا. ومن القضايا التي أثارتها "العالم اليوم" كانت قضية الاسكندرية للأسمنت وما سنسرده هناك اجتهادات ولكنها وقائع حدثت بالفعل، وهناك ردود منشودة من الشركة القابضة بدأت القصة في التسعينيات حينما قامت الحكومة ببيع شركة الاسكندرية للأسمنت إلي شركة بلوسيركل الانجليزية بسعر 85 جنيها للسهم الواحد، وكان وزير الخصخصة أو وزارة البيع وقتها برئاسة عاطف عبيد. وذهب عاطف عبيد وجاءت حكومة نظيف وتولي برنامج الخصخصة أو البيع الدكتور محمود محيي الدين، والذي أعطي برنامج الخصخصة اسما جديدا هو برنامج ادارة الأصول المملوكة للدولة، ولكنه لم يكن أفضل من سلفه بل في عهده تم بيع 13 بنكا وحدثت فضيحة الاسكندرية للأسمنت. وبدأت عملية النصب الكبري من شركة بلوسيركل الانجليزية بحماية من وزارة الاستثمار ورغم رفض الهيئة العامة لسوق المال، حيث قامت الشركة الانجليزية بإنشاء شركة أخري تحت اسم بلوسيركل مصر ونقلت لها خط الأسمنت الثالث الجديد بالقيمة الدفترية وليس السوقية، وبما أن الحكومة كانت قد باعت ما يقارب من 88% من أسهم الشركة لم يتبق في يد الدولة وصغار المستثمرين إلا حوالي 12% وبما أن قانون سوق المال يسمح باعتراض 5% علي قرارات الجمعية العمومية فقد اعترض المساهمون علي نقل خط الأسمنت إلي بلوسيركل مصر وأقرت الهيئة العامة لسوق المال برئاسة عبد الحميد ابراهيم الاعتراض، وأصدرت قرارا بالغاء قرارات الجمعية العمومية. فما كان من الشركة الانجليزية إلا أن ضربت بالقانون عرض الحائط ولم تنفذ ونقلت ملكية الخط، أما النكتة الكبري والفضيحة فكانت بيع الحكومة لباقي حصتها بسعر 30 جنيها للسهم عام 2004 وسعر طن الأسمنت 360 جنيها، بينما كان بيع السهم بسعر 85 جنيها في التسعينيات وسعر طن الأسمنت 115 جنيها، وعندما نشرنا في "العالم اليوم" تفاصيل الفضيحة رد علينا رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية عادل الموزي بتوجيهات من وزير الاستثمار محمود محيي الدين وكان الرد أن الحكومة اضطرت للبيع لأنه ليس بالإمكان أحسن مما كان لأن الشركة الانجليزية لا تصرف أرباحا، ولا تعطي المساهمين حقوقهم والردود منشودة في "العالم اليوم" للتاريخ لأن بعضهم لم يكن يتوقع أن يوما مثل ثورة 25 يناير ومحاسبة الفاسدين سيأتي. ولكن هل تعرفون كم ضيعت عملية بيع النسبة الباقية علي الدولة حتي لو باعت باقي الحصة بسعر 85 جنيها للسهم؟! ضاع علي الدولة أكثر من 200 مليون جنيه والسبب تهاون وزارة الاستثمار ورئيس الشركة القابضة، ان ما حدث هو إهدار صريح لأموال الدولة وهذا بلاغ للنائب العام للتحقيق في عملية بيع الاسكندرية للأسمنت. من المسئول عن بيع باقي الحصة البالغة 12% بسعر 30 جنيها للسهم عام 2004 بعد بيع أغلبية أسهم الشركة بسعر 85 جنيها في التسعينيات، هل من تحقيق!! [email protected]