لم يكن أحد يتخيل أن يكون مجمع فالديلوز السكني في اسبانيا خالياً بمن يحلمون بالإقامة في حياة رغدة فالمجمع الاسباني الذي هو عبارة عن حي عمراني في منطقة ريفية هادئة بالقرب من مدينة جوادا لاجارا شمال شرق مدريد افتتح في عام 2006 في ذروة ازدهار العقارات السكنية في اسبانيا وهو مصمم لاستيعاب 30 ألف نسمة ومزودا بالمدارس والمنشآت الرياضية وأنشطة تجارية وجميع المتطلبات والكماليات التي يحتاجها حي سكني في القرن الحادي والعشرين. لكن الأزمة العقارية التي انفجرت في عام 2007 قبل اعمار حي فالديلوز وغيره العديد من الضواحي السكنية الجديدة في سائر أرجاء اسبانيا إذ انعدمت مبيعات المساكن وبناؤها مع نضوب التمويل المصرفي. وراح عدد من مطوري مشروع فالديلوز منها شركة أورباليا تتقدم بطلب حماية الدائنين أمام محاكم الافلاس الاسبانية في نهاية العام الماضي ضمن مئات من الشركات العقارية وشركات التشييد ومواد البناء. وأصبحت ضاحية فالديلوز رمزاً للتخلف عن تسديد القروض السهلة وحمي المضاربة بما لديها من 1400 مقيم فقط وصفوف وراء صفوف من المنازل الساكنة جزئياً أو الشاغرة وعدد من المتاجر المتناثرة وقطع أراض سكنية غير مطورة بعد. وقال أحد المقيمين في الضاحية في صحيفة الفاينانشال تايمز: "كان كثير من الناس يشترون من علي الرسم التخطيطي أملاً في تحقيق أرباح سريعة". وتفيد تقارير الحكومة الإسبانية بأن عدد مبيعات المنازل الجديدة والقائمة في النصف الأول من هذا العام لم يتجاوز 226000 مسكن وهو ما يساوي نحو نصف مبيعات ما قبل الأزمة لنفس الفترة. والأهم من ذلك أن معدل بناء مساكن جديدة انخفض انخفاضاً حاداً إذ سيبلغ إجمالي عدد المساكنالجديدة أقل من 100 ألف مسكن هذا العام مقارنة مع 800 ألف مسكن في عام 2006 . كما هبطت أسعار المساكن 20% من سعرها الابتدائي في السنوات الثلاث الماضية بحسب تقارير الحكومة المركزية مقارنة بزيادة سنوية بلغت 17% في أسعار المساكن قبل الأزمة وفي ذروة الازدهار العقاري. وتشير الصحيفة أن الاحصائيات الرسمية لا تعكس تماماً الضغوط التي تضطر البنوك والمطورين إلي بيع عقارات بأي سعر وخصوصاً في الضواحي شبه الريفية مثل فالديلوز وفي سوق منازل العطلات والتي يعرض فيها الوكلاء خصومات تصل إلي 50% من سعرها وقد عمل هذا الخصم من جهة وضعف اليورو بالنسبة للجنيه الإسترليني وعملات أوروبية أخري علي بدء إنعاش الإقبال علي شراء مساكن العطلات. ويقول فميكتور ساجي رئيس التسويق والمبيعات في شركة تايلور ويمبي سبين في الفاينانشال تايمز: "في الواقع لم ينعدم أبداً إقبال الأجانب علي شراء المساكن وهناك دائماً استفسارات كثيرة". ويضيف أن تايلور ويمبي باعت 150 مسكناً حتي الآن هذا العام مقارنة مع 175 مسكناً العام الماضي و212 مسكناً في عام 2008 ومتوسط 400 مسكن أو أكثر من مسكن واحد في اليوم خلال فترة الازدهار وتؤمن تايلور ويمبي بأن الطلب بدأ يتعافي من جديد لدرجة أن الشركة استعجلت مؤخراً تطوير مجمع سكني مؤلف من 54 وحدة قريب من ماربيلا علي ساحل كوستا ديل سول. لكن العديد من المطورين الآخرين لم يتعافوا من الأزمة بل انهاروا بفعل الديون الطائلة. وفي الواقع بعد ثلاث سنوات من حالات الإفلاس والتخلف عن التسديد وحجوزات الرهن العقاري ومقايضات ديون بأصول وديون بأسهم وتصفية عدد من الصناديق العقارية أصبحت البنوك الإسبانية أكبر مالك عقارات ووكيل عقارات في اسبانيا. فحسب بنك اسبانيا كان لدي البنوك ما يساوي 60 مليار يورو نحو 76 مليار دولار من المنازل والمباني التجارية في كشوفات موازنتها في نهاية العام الماضي. ويقول كاجا مدريد ثاني أكبر بنك توفير في إسبانيا إن مبيعاته جيدة إذ باع 1240 منزلاً في خمسة أشهر إلي نهاية مايو بزيادة بلغت 700% عن مبيعات الفترة ذاتها من العام الماضي. غير أنه رغم تزايد المبيعات وركود أنشطة بناء جديدة يقول معظم الخبراء إن الأمر قد يستغرق ثلاث إلي أربع سنوات أخري لاستيعاب الفائض من المعروض من المساكن. وكشف بحث مسحي أجراه موقع ايدياليسنا دوت كوم علي الشبكة أن هناك نحو 690 ألف منزل جديد غير مبيع في اسبانيا. وبعد إضافة مشاريع التطوير العقاري غير المشطبة والمساكن العامة غير المبيعة قد يصل الرقم إلي نحو مليون منزل غير مبيع.