جاء إعلان هيئة الثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول عن مخطط لإنشاء مدينة عالمية متكاملة لصناعة الذهب في مدينة مرسي علم باستثمارات تقدر بنحو 500 مليون دولار ليعيد من جديد الحياة إلي إنتاج الذهب في مصر بعد توقف عمليات الاستخراج التجاري عام 1958 والتي كانت تعتمد علي مناطق محددة غنية بالخامات تقع علي السطح أو بأعماق بسيطة للغاية. ونظرا لعدم وجود الإمكانيات التكنولوجية التي تتيح الإنتاج في المناطق العميقة أو تركيز ومعالجة خامات الذهب وهو ما جعل إنتاج مصر في المائة عام الماضية لا يتجاوز 7 أطنان من الذهب الخالص لكن مع توافر التكنولوجيا المناسبة حالياً ووجود الشريك الذي لديه القدرة علي التمويل فإن اكتشافات الذهب أصبحت تتوالي بمناطق عديدة بالصحراء الشرقية والغربية لكي تضيف المزيد من احتياجات مصر من الذهب. والجدير بالذكر أن فكرة إنشاء المدينة بمشاركة عدد من رجال الأعمال المصريين والعرب والأجانب تأتي ضمن استراتيجية وزارة البترول الجديدة والتي تستهدف من خلالها توفير أوجه الدعم لنشاط البحث عن الثروات المعدنية بصفة عامة والذهب بصفة خاصة لتحقيق الاستغلال الاقتصادي الأمثل لثروات مصر التعدينية وزيادة القيمة المضافة لها وتوفير فرص عمل جديدة من هذا القطاع الواعد الذي يعد رافداً جديداً للدخل القومي. وسوف تعتمد المدينةالجديدة بمرسي علم علي ثلاثة مواقع مهمة تقع في الصحراء الشرقية أول جبل السكري والذي يعد من أكبر مناجم الذهب المكشوفة علي المستوي العالمي ويقع علي بعد 25 كيلو مترا جنوب غرب مدينة مرسي علم وتستغله شركة مشتركة بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية والشركة الفرعونية لمناجم الذهب الاسترالية سنتامين وتبلغ استثماراته 320 مليون دولار، والموقع الثاني منجم حمش والذي يقع علي مسافة 100 كيلو متر غرب مدينة مرسي علم وتستغله شركة مشتركة بين الهيئة وشركة مانزهولدينجز القبرصية والتي نجحت بالفعل في إنتاج أول سبيكة ذهبية بدرجة نقاوة 99،99% وتبلغ استثمارات المشروع نحو 40 مليون دولار. أما الموقع الثالث فيقع بمنطقة وادي العلاقي علي بعد 250 كيلو مترا جنوب شرق أسوان وتستغله شركة جينبسلاند الاسترالية. العاملون بالقطاع والخبراء اختلفت أراءهم بين مؤيد ومعارض.. ففي الوقت الذي أكد فيه بعضهم صعوبة تنفيذ الفكرة حيث يتوقعون إحجام المستثمرين المصريين عن الذهاب نظراً لبعد مدينة مرسي علم عن منطقة الأسواق المستهلكة وبالتالي صعوبة التواصل مع التجار والمستهلكين لمعرفة أذواقهم وهذا شرط مهم في هذه الصناعة التي تعتمد علي الموضة وأذواق المستهلكين، وأيضا صعوبة نقل المجوهرات لهذه المسافة الطويلة لأن الأمر هنا سيتحمل نسبة مخاطرة عالية ومن ثم قد تكون الفرصة سانحة للمستثمر الأجنبي فقط بشرط حصوله علي امتيازات. وعلي الجانب الآخر أبدي البعض ترحيبهم بالفكرة حيث أكدوا أنها فرصة لتجميع صناعة الذهب في منطقة واحدة وبالتالي زيادة المنافسة وقد تكون فرصة لعودة مصر للريادة في المنطقة العربية من خلال عودة التصدير مرة أخري والذي توقف منذ فترة طويلة لأسباب بيروقراطية خاصة أن السوق المحلي لا يستوعب زيادة في الإنتاج بسبب وجود فائض حالياً وبالتالي الحل الوحيد هنا التصدير. رفيق العباسي رئيس شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الصناعات يوضح أن منطقة مرسي علم قد تكون صالحة لعمليات التنقيب وتنقية الذهب حتي يصبح ذهبا خاما ولكن الأمر الذي يصعب استيعابه هو تحويل هذه المدينة لمنطقة صناعية خاصة بالذهب والمجوهرات فالأمر يبدو صعباً، مضيفاً أن إنشاء مدينة لصناعة المجوهرات وتستلزم توافر عدة شروط أهمها قرب المدينة من الأسواق المستهلكة، حتي يتم عرض الأشكال والتصميمات الجديدة علي المحلات مؤكداً أن هذه الصناعة تتحكم فيها الموضة ومن ثم يجب أن تكون قريبة من المدن التي بها قوي شرائية في القاهرة والإسكندرية لأن الأمر ليس فقط معدات ثقيلة ومشروعا يتم إنشاؤه في منطقة بعيدة فأنا كصانع يهمني أن أكون قريبا من التاجر والمستهلك لمعرفة رأيهما بشكل مستمر هذا إلي جانب وجود مشكلة أخري تتعلق بالعمالة وصعوبة نقلها لهذه المنطقة البعيدة. يشير عباس إلي أن إقامت مثل هذه المدينة من الناحية العملية أمر في غاية الصعوبة حيث لا تتوافر العوامل المساعدة لصناعة الذهب والمجوهرات في هذه المنطقة، متسائلا ما الميزة التنافسية التي تجعله يذهب لهذه المنطقة هو وعمالة فمتي الخامات التي تتميز بها المنطقة والتي يتم استخراجها من الأرض لن يتم منحها لنا بأسعار مميزة حيث سيتم عرضها في السوق العالمي وبالأسعار العالمية وبالعكس سأتحمل تكلفة إضافية تتمثل في توفير مساكن للعمال، مشيراً إلي أن الخامات المساعدة لهذه الصناعة لها مستوردون معينين ومخازن خاصة مما يعني ضرورة نقلهم في حال الذهاب