يخطيء من يتصور أن الازمة المالية العالمية قد انتهت فهي أشبه بالزلزال المدمر الذي عادة ما تكون له توابع قد يفوق بعضها في قوته الهزة الاصلية. واذا كانت البنوك هي الضحية البارزة لهذه الازمة في عام 2009 فإن الضحايا المنتظرة في عام 2010 هي الحكومات وربما تكون بلدان بأكملها وتقول مجلة "الايكونوميست" ان قادة أوروبا يكافحون من اجل تماشي أكبر كارثة مالية قد تواجهها منطقة اليورو منذ انشائها قبل 11 سنة ومنذ أيام كانت العيون تتركز علي اليونان التي تناهز قيمة ديونها حسب تقديرات جورج كرامر الخبير في كوميرز بانك 290 مليار يورو "398 مليار دولار" أي اكبر من ديون بنك ليمان برذارز قبل انهياره مباشرة. صحيح أن قادة دول منطقة اليورو قد قرروا الوقوف إلي جوار اليونان لحمايتها من الافلاس ولكن خطتهم في هذا الشأن ليست واضحة حتي الآن. ويبدو أن هذا الغموض أمر متعمد حتي لا تسرع دول أخري في ذات المنطقة إلي طلب المعاملة بالمثل فأسواق السندات تشعر بالقلق ازاء قدرة دول مثل اسبانيا وايرلندا والبرتغال علي الوفاء بما عليها من ديون وتدعو تلك الدول حتي وهي لا تزال غارقة في الركود إلي زيادة معدلات الضرائب وخفض معدلات الانفاق. والحقيقة أن أوروبا ليست هي وحدها مصدر قلق المستثمرين فما لحق بالسياسات المالية والنقدية من تغير في اماكن أخري من العالم وهو أيضا أمر مثير للارتباك.. ففي يناير الماضي قررت الصين تقييد الائتمان خشية حدوث تسريع للتضخم أو فقاعات في أسعار الاصول وقرر البنك المركزي الهندي زيادة الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك لديه أما البرازيل فقد غيرت خطة انفاق الحافز المالي لتصبح أيضا مما كانت عليه وفي العالم المتقدم بدأت البنوك المركزية الكبري تستمر تدريجيا في إجراءات توفير السيولة العاجلة التي كانت تقدمها في ذروة الازمة فسياسة "التسهيل الكمي" القائمة علي طبع النقود لشراء الاصول المالية المتعثرة قد توقفت أو جري الحد منها. وأوضح أن هذه الإجراءات جميعا قد ضربت أسعار الاصول ودفعت البورصات اخيرا إلي التراجع بحدة واحدثت انخفاضا مفاجئا في أسعار المواد الخام وزادت من سرعة التقلبات وقد هبط المؤشر العالمي لأسعار الأسهم