مع بداية العام الجاري عادت بعض البنوك للتشدد في شروط تمويلها وإقراضها للافرد، حيث رفعت من الحد الأدني المطلوب لراتب المقترض، وزادت الفائدة وطالبت بانقضاء عام أو ستة أشهر علي الاقل، علي بدء عمل الموظف وتحويل راتبه إلي البنك الممول، بالاضافة إلي إلزام طالب التمويل باحضار تعهد رسمي من مؤسسته، بابلاغ البنك بتسريحة أو استقالته أو انتقاله، ثم تحويل راتبه ومستحقاته وتعويضاته جميعها إلي البنك، وذلك علي الرغم من أن واقع الحركة الاقتصادية عامة وسيولة البنوك خاصة زادت بشكل كبير وملحوظ، وبينما يعيد بعض المصرفيين أسباب هذا الاستمرار في التقييد إلي تقليل نسبة المخاطرة علي البنوك، في ظل عدم استقرار الموظفين ببعض قطاعات العمل، يذهب البعض الآخر بقراءته إلي حاجة البنوك إلي عوائد كبيرة وسريعة وآمنة يوفرها اقراض شريحة معينة تتمتع بملاءة مالية كبيرة. يقول محمد يوسف الخبير المالي إن البنوك قامت ببعض التغييرات علي المنتجات المقدمة للافراد، مثل زيادة الحد الأدني للراتب وزيادة أسعار الفائدة، نظرا لزيادة المخاطر من عدم استقرار الموظفين في بعض القطاعات الاقتصادية مثل الإنشاءات والعقارات والمبيعات، وبالتالي تم تعديل سياسة الإقراض من اجل تقليل نسبة المخاطر المحتملة علي البنك في حال تعثر السداد أو التسريح. تابع قائلا: إن دراسة السوق المحلية وفق التعديلات السابقة أظهرت أن شريحة كبيرة من العاملين في الدولة تنطبق عليهم هذه الشروط. وأضاف: هذه الشروط فرضت من قبل البنوك نتيجة الظروف الاقتصادية الحالية، ففي الوقت الذي يفقد فيه الموظفون وظائفهم أو أنهم مهددون بذلك، ارتفعت تكلفة القروض وزادت درجة المخاطر وهذا يتطلب مراجعة سياسات الإقراض وتبني سياسات محافظة لمواجهة أحوال السوق والوضع الاقتصادي السائد. وفي مقابل 1500 و2000 جنيه أقل راتب ممكن للحصول علي قرض من البنوك التجارية نجد البعض الاخر تشترط 3000 جنيه كحد أدني للاقراض، وكل البنوك لا تتنازل عن حقها في تحويل راتب العميل اليه وانقضاء ستة أشهر علي بدء عمله في المؤسسة، كأقل تقدير ثانيا بالاضافة إلي أن بعض البنوك باتت تشترط تعهدا رسميا من الشركة أو المؤسسة بعدم تحويل راتب العميل إلي أي بنك آخر دون إحضاره براءة ذمة من البنك. شريحة معينة ويفسر أشرف البيومي الخبير المصرفي ببنك تنمية الصادرات تلك الإجراءات بأنها نتاج اتجاه البنوك إلي الاستثمارات الاكثر ربحا، فقامت بتقليص اقراضها وحصرة بشريحة معينة تتمتع بملاءة مالية قوية قادرة علي تحمل الفوائد الكبيرة للقروض. أما المصارف الاسلامية فأوضاعها الائتمانية الجيدة نسبيا ساعدتها علي الاستمرار في استراتيجيات تمويلها دون تغيير يذكر، وبما ينسجم مع الابعاد الاجتماعية لعملها. وفيما يتعلق بذلك التعهد الرسمي الذي تلزم بعض البنوك به المؤسسات والشركات عند طلب احد موظفيها أي نوع من انواع التمويل الشخصي، فيري بيومي أنه يصب في صالح الموظف بالدرجة الأولي، حيث ينمي هذا الاقرار أو التعهد لدي الشركات الاحساس بالمسئولية تجاه موظيفها المقترضين والمهددين بالتسريح لمجرد رغبة الشركة بتقليص نفقاتها، كما أنه يضع الشركة في مساءلة قانونية أمام البنك عند انتقاصها من تعويضات وحقوق الموظفين المسرحين أو المستقيلين لديها. وبرأي أشرف عبدالمنعم الخبير المصرفي أن البنوك التجارية اضطرت في البداية علي الرغم من ارتفاع سيولتها إلي رفع فوائد القروض والحد الادني للرواتب، إلي حدود حصرت الاقراض والتمويل بشريحة صغيرة من موظفي القطاع العام والخاص تستطيع تحمل الفوائد المرتفعة علي القروض.. وعلي الرغم من ان تكاليف القروض بدأت بالانخفاض تدريجيا، لا تزال البنوك تستهدف في اقراضها الشخصي تلك الشريحة التي تتمتع بملاءة مالية قوية لسببين الأول هو أن حاجتها لعوائد مالية كبيرة وسريعة يحققها لها اقراض هذه الشريحة، والثاني رغبتها بالمحافظة علي نشاطها بأدني درجات المخاطرة الممكنة في الوقت الحالي. وبحسب عبدالمنعم لا تزال البنوك تعامل بحذر فيما يتعلق بالقروض الشخصية خوفا من عمليات تسريح عمالة أو تعثر في السداد. وأوضح عبدالمنعم أن شروط الإقراض والتمويل الآن لا تنطبق إلا علي نسبة صغيرة لا تتجاوز 30% من حجم العاملين في الدولة، وهي فئة تضمن للبنوك في اقراضها استعادة رأس المال أولا، وتحقيق عوائد كبيرة ثانيا لافتا إلي أن حجم الطلب علي القروض من قبل افراد هذه الشريحة ذاتها عامل اساسي في توسع أو تضييق البنوك في عمليات الاقراض. وتوقع تخفيف البنوك من قيودها هذا العام، نتيجة لتحسن حركة الاسواق استجابة للمؤشرات والتوقعات الكثيرة التي توحي بانتعاش الاقتصاد المحلي ونموه بالاضافة إلي حاجة البنوك إلي التوسع في الاقراض الشخصي في ظل تباطؤ سوق تمويل المشروعات والأعمال.