لقد بذل بول شولير وهو أحد النجوم السابقين في وادي السيليكون الأمريكي جهودا مضنية خلال السنوات الخمس الأخيرة لكي يدفع شركة كويست إيراكرافت كومباني إلي الوقوف علي قدميها وما إن بدأت جهوده تؤتي ثمارها حتي دخلت صناعة الطائرات المدنية كلها في دورة ركود مؤلمة وتقول مجلة "تايم" إن كويست هي شركة لصناعة الطائرات المروحية التوربينية يوجد مصنعها ومقرها الرئيس في ساندبوينت بولاية إيداهو وأن شولير تولي قيادتها كرئيس تنفيذي في نوفمبر عام 2004 وسرعان ما بدأت الشركة تنتج طائرتها من طراز كودياك ذات العشرة مقاعد والمجهزة للعمل في الظروف البيئية الصعبة حسب شهادة هيئة الطيران المدني الأمريكية وتمكن شولير من تسويقها بنجاح مقابل سعر يناهز 1.45 مليون دولار للطائرة الواحدة ومكنته إيرادات البيع من التوسع حتي أصبح عدد العاملين في كويست الآن 300 عامل ينتجون ثلاث طائرات كودياك كل شهر ويسعي شولير إلي مضاعفة إيرادات كويست في العام الجديد لتصبح 60 مليون دولار وهو أمر ممكن لأن الشركة لديها طلبيات يناهز عددها حاليا 120 طائرة. وتقول الأرقام إن كويست انفقت 80 مليون دولار لتصميم وصناعة وترخيص الطائرة الجديدة كودياك وأنها مولت هذه التكاليف من دون اللجوء إلي رأس المال المخاطر أو القروض ذات سعر الفائدة المرتفع. ولكن المؤسف بطبيعة الحال أن السوق العالمي للطائرات المدنية والبالغ حجمه 150 مليار دولار سنويا يهوي بسرعة. فقد بلغت هذه السوق ذروة سامقة في سبتمبر 2008 من حيث حجم الإنتاج وسرعة التسليم ثم بدأت تتراجع بحدة لا مثيل لها في تاريخ صناعة الطائرات المدنية وفي الفصول الثلاثة الأولي من عام 2009 بلغ عدد الطائرات الجديدة التي سلمت للمشترين 1587 طائرة علي مستوي العالم كله بنسبة تراجع 47% عن نفس الفترة من عام 2008. ويذكر تقرير صادر عن الاتحاد العام لصناع الطائرات المدنية أن قيمة الطلبيات السارية في الربع الثالث من عام 2009 لم يتجاوز 48 مليار دولار علي مستوي العالم مقابل 82 مليار دولار حتي الربع الثالث من 2008 ويقول بريان فولي وهو محلل لصناعة الطائرات المدنية ولديه شركته الخاصة العاملة في هذه الصناعة إن حجم الطلبيات الملغاة سيفوق حجم الطلبيات الجديدة خلال عام 2010 وذلك لأول مرة في تاريخ صناعة الطائرات المدنية. وتعتبر شركة سيسينا ايركرافت كومباني وشركة هوكر بيتشكرافت وهو من صناع الطائرات الصغيرة والخفيفة والمتوسطة من أكثر الشركات تضرراً حتي الآن فشركة سيسينا وهي الشركة الأكبر في فئتها خفضت عدد العاملين فيما والبالغ 16 ألف شخص إلي نصف ما كانوا عليه وذلك لانخفاض حجم الطلبيات علي طائراتها هو الآخر إلي النصف ليصبح 275 طائرة فقط في عام 2009. ويقول جاك بيلتون الرئيس التنفيذي لشركة سيسينا إن السوق سيظل يهبط حتي منتصف العام الحالي وأن الخروج من هذه الحفرة لن يحدث قبل عام 2011 عندما تتحسن أرباح الشركات ولا شك أن حملة الكونجرس الأمريكي ضد الطائرات المدنية التي تملكها الشركات وهي الحملة التي رحب بها قادة شركات صناعة السيارات في ديترويت قد قتلت آلاف الوظائف في صناعة الطائرات المدنية التي كان عدد العاملين فيها قبل الأزمة المالية يناهز في أمريكا وحدها 1.2 مليون شخص من ذوي الأجور العالمية. وتقول مجلة "تايم" أن كويست سيمكنها تخطي هذه العاصفة فهي شركة نبتت فكرتها من ملاحظات ديفيد فيويتمان ومصمم الطائرات توم هاميلتون عام 1998 وفويتمان هو طيار سابق عمل في مهام الإخلاء والإنقاذ التي كانت تقوم بها بعض المنظمات في إفريقيا في ثمانينيات القرن الماضي وأعلن عن الحاجة إلي طائرة جديدة ذات محركات من نوع مختلف يمكنها العمل في الأدغال والأحراش الإفريقية أو غير الأفريقية لأن صيانة محركات الطائرات التقليدية مثل الطائرة بيفر أصبحت عالية التكاليف ولذلك فقد تشارك فويتمان مع هاميلتون في تأسيس شركة كويست وقد قامتا بجمع المال من المنظمات المعنية بعمليات الإنقاذ الجوي وشاركت في هذه العملية 15 منظمة هي التي مولت إنتاج الطائرة كودياك وصنع المحركات المروحية التوربينية ويقول هاميلتون إن الربح لم يكن علي رأس أولوياتهم وإنما كان الهدف هو خدمة الناس ومساعدة من يتعرضون للمآزق التي تتطلب إخلاءهم جويا وخاصة في أدغال وأحراش إفريقيا. لقد كان المطلوب هو صنع طائرة يمكنها العمل صعودا وهبوطا علي ممرات قصيرة وقذرة ولا شك أن الطائرة كودياك تفي بهذا الغرض فهي طائرة صغيرة لا يتجاوز طولها 15 مترا يمكنها الهبوط والإقلاع علي ممر طوله في حدود 210 أمتار وترتفع بسرعة 510 أمتار في الدقيقة ويمكن تجهيز الطائرة كودياك لتستخدم في مهام أخري غير الإخلاء والإنقاذ مثل مراقبة الحدود أو إسقاط مهمات الإغاثة أو حمل المظليين ولذلك فمن بين زبائنها وزارة الداخلية الأمريكية وكذلك الجيش البريطاني.