من يشاهد الآن أحوال العالم العربي لابد وأن يتساءل عن هذه اللعنة التي حلت بشعوب هذه الأمة.. وإذا نظرنا إلي جيراننا اكتشفنا حجم الكارثة.. إن إيران هي التي تهدد إسرائيل وتقيم ترسانة عسكرية أوشكت أن تكون نووية.. وإيران هي التي تتحدث الآن باسم الشعب الفلسطيني رغم أن الشعب الإيراني بقي عشرات السنين لا يعرف شيئا عن فلسطين وشعبها وتركيا هي التي تدافع الآن عن غزة وترفض إقامة مناوراتها العسكرية مع إسرائيل رغم أن العلاقة بين تركيا وإسرائيل علاقات قديمة ولها جذور.. أمام هذا نجد سوريا قد خلعت نفسها من محيطها العربي لتصبح أقرب إلي إيران وتركيا في القضايا والمواقف وقبلهما المصالح.. ولبنان حائر مازال يبحث عن حكومته.. واليمن يعيش حربا أهلية لا أحد يعرف مداها.. والسودان يواجه مؤامرت التقسيم وهي آتية ولا شك فيها.. ومصر تعيش أزمة تاريخية مع دول حوض النيل ولا أحد يعرف إلي أين تصل هذه الأزمة.. وليبيا خلعت نفسها وأصبحت أقرب للأفارقة منها للعرب ودول الخليج تعيش حالة خاصة.. أما العراق فهو ينتظر مستقبلا غامضا وهل سيبقي عربيا كما كان أم أن اخطار التقسيم تنتظره ما بين الاكراد والسنة والشيعة ودولة كل مواطن.. أمام هذا كله يقف الشعب الفلسطيني حائرا بين فتح وحماس، بين غزة ورام الله، وبين مشعل وأبومازن.. أشقاء الأمس وصلوا بالقضية إلي اسوأ مراحلها.. هذا هو حال العالم العربي الآن وسط هذه الانقسامات الحادة التي تهدد مستقبل هذه المنطقة من العالم.. إن الغريب في الأمر هو غياب الشعوب في كل شيء ابتداء بالشارع العربي وانتهاء بمسئولية القرار.. لقد استسلمت الشعوب العربية لهذه المرحلة الانهزامية البغيضة.. حروب أهلية في بعض الدول.. وصراعات سياسية في البعض الآخر.. واستسلام بغيض في مقدارت الشعوب ومستقبلها.. وبكل هذا كله فقدان الرؤي حول المشاكل والأزمات والتهديدات التي توشك أن تدمر كل شيء.. أمام هذا كله ووسط هذه الانقسامات والصراعات تقف إسرائيل وخلفها أمريكا لتفرضي علي الجميع صورة مستقبل كئيب ينتظر شعوب هذه المنطقة.