حظيت قضية الأسلحة النووية هذا العام بتسليط الضوء عليها، فلقد طُرحت للنقاش مع انعقاد الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بل وعشية عقدها وفي بادرة غير مسبوقة صوتت الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 18 سبتمبر من العام الحالي لصالح مشروع قرار تقدمت به دول عربية يحث إسرائيل علي الانضمام إلي معاهدة منع الانتشار النووي وإتاحة كل منشآتها النووية للتفتيش الدوري، ورغم أن القرار حصل علي تأييد أغلبية ضئيلة وهي 49 دولة - حيث عارضته 45 دولة وامتنعت 16 دولة عن التصويت - إلا أنه اعتبر انتصارا للدول العربية. ** يجب ألا تظل إسرائيل استثناءً فهذه هي المرة الأولي منذ سنة 1991 التي ينجح فيها العرب في إقناع أغلبية أعضاء الوكالة بقبول هذا القرار الذي أعرب عن القلق بشأن القدرات النووية الإسرائيلية ودعا المدير العام المنصرف للوكالة الذرية "محمد البرادعي" إلي العمل علي هذا الموضوع، والأمل أن تراجع الدول الغربية سياستها التي تبنتها علي مدي العقود الأخيرة وأن تفتح فصلا جديدا يرسي العدل تجاه هذه القضية بحيث لا تظل إسرائيل هي الدولة الاستثناء التي تنفرد بامتلاك ترسانة أسلحة نووية في المنطقة. ** ملف إسرائيل الأسود ولا شك أن القرار المذكور شكل ضربة غير مباشرة لاستراتيجية الغموض النووي التي تبنتها إسرائيل وعمدت بواسطتها دوما إلي إضفاء طابع السرية علي برنامجها النووي، غير أن هذا الغموض تبدد سنة 1986 عندما كشف الخبير الإسرائيلي "فاعنونو" لصحيفة "الصانداي تايمز" البريطانية عن تنفيذ إسرائيل لبرنامج عسكري نووي يضم نحو 200 رأس نووي، ورغم ذلك حرصت إسرائيل علي تجريد دول المنطقة من أية قدرات نووية حتي لو كانت للأغراض السلمية، فبادرت بقصف مفاعل العراق سنة ،1981 وقصفت موقعا في "دير الزور" بسوريا في سبتمبر سنة 2007 تحت دعوي أنه مفاعل نووي، ثم راحت تحرض ضد الملف النووي الإيراني هذا فضلا عن أنها كانت متورطة في اغتيال عدد من علماء العرب البارزين في المجال النووي. ** قرار الوكالة إنجاز للعرب قرار الوكالة بدعوة إسرائيل إلي الانضمام لمعاهدة الحظر النووي رغم عدم الزاميته إلا أنه يعد إنجازا كبيرا للعرب، وعليه يتعين علي العالمين العربي والإسلامي توظيف هذه الدعوة ومتابعتها بالعمل من أجل حشد المزيد من التأييد الدولي لها بما يؤدي إلي محاصرة إسرائيل وإجبارها علي الانضمام إلي معاهدة الحظر النووي، وإجبار أمريكا والغرب علي عدم تبني المعايير المزدوجة التي تدفعهم إلي غض الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية وتسليط الأضواء علي ما قد تمتلكه أي دولة في المنطقة من تقنية نووية حتي لو كانت في المجال السلمي. ** قمة مجلس الأمن برئاسة أمريكية في تحرك وصفه المراقبون بأنه الأول من نوعه قدمت أمريكا مسودة قرار إلي مجلس الأمن لتتم مناقشته في الاجتماع الذي عقد في 24 سبتمبر من العام الحالي وكانت أول قمة في تاريخ مجلس الأمن الدولي برئاسة الرئيس الأمريكي لبحث التحديات النووية التي يواجهها العالم، وهي القمة التي تناولت منع انتشار الأسلحة النووية ونزعها بصورة عامة تطبيقا للحظر العالمي علي الجميع، فلقد دعت مسودة القرار جميع الدول إلي التفاوض بشأن تخفيض الترسانات النووية والعمل علي صياغة معاهدة عامة وشاملة لنزع الأسلحة تحت إشراف دولي صارم، كما دعت الدول إلي الامتناع عن القيام بأي تجارب نووية والانضمام إلي المعاهدة الدولية لحظر هذه التجارب، الجدير بالذكر أن 189 دولة وقعت علي معاهدة حظر الانتشار باستثناء إسرائيل التي تعتبر قوة نووية، وكذلك الهند وباكستان اللتان لم تنضما إلي معاهدة الحظر وكوريا الشمالية التي انسحبت من المعاهدة سنة 2003.