ما كاد يتم الاتفاق علي انعقاد مؤتمر فتح العام السادس، بعد غياب لأكثر من عشرين عاما فصلت بين المؤتمر الخامس والدعوة لانعقاد السادس حتي دبت الخلافات بين أعضاء الحركة بفعل منع حركة حماس لقيادات فتح في غزة من السفر إلي الضفة الغربية لحضور المؤتمر. أبناء فتح في قطاع غزة أبلغوا أبو مازن بأنهم لم يكونوا سببا في الأزمة الحالية وأن اللجنة المركزية لحركة فتح تتحمل كامل المسئولية عن كل الأزمات التي تعصف بالحركة بما فيها سيطرة حركة حماس علي غزة وتداعيات ذلك وصولا إلي الأزمة الحالية لذا جاء قرار أمناء سر أقاليم فتح واللجنة القيادية بالحركة في غزة بعدم المشاركة احتجاجا علي قيام قيادة الحركة بزيادة عدد أعضاء المؤتمر إلي2400 وقرار حكومة حماس بعدم السماح لهم بمغادرة القطاع فقد أرادت قيادة الحركة في غزة دفع الثمن المطلوب من السلطة والحركة علي حد سواء وهو الافراج عن معتقلي حماس في الضفة عملا بمقولة أن الحركات تدفع من جيبها الثمن دائما فلماذا لا يفرجون عن معتقلي حماس؟ هذا الأمر دفع بقيادة الحركة في غزة إلي تعميق الشعور بأن هناك تهميشا متعمدا للقطاع ونية لاقصائه، خاصة بعد إعلان الرئيس عباس وثورتي فتح أنه لا مؤتمر بدون غزة ثم الانتظار حتي اليومين الأخيرين أوقولهم إنهم فوجئوا بموقف حماس المتوقع والذي أثار شكوكا كبيرة وريبة وغضبا واستياء بين أعضاء فتح في غزة في حضور أعضاء فتح في غزة ليكمل النصاب السياسي وليس العددي، وبعد عشرين عاما من انعقاد المؤتمر الخامس وبعد كل هذه المعاناة وهذا الترهل وهذا التسيب الذي قاد إلي سيطرة حماس علي القطاع ودفع ثمنه أعضاء فتح في غزة ينعقد المؤتمر بدونهم والذي يفترض أنه سيناقش ويحاسب ويأتي بقيادة جديدة. غير أن الرئيس محمود عباس لم يخف رغبته في انعقاد المؤتمر في موعده خاصة بعد انضمام أبو ماهر غنيم القيادي العائد لعباس وحضوره اجتماعا للمركزية في الداخل بدون حضور فاروق القدومي الذي يناصب عباس العداء ومن دون محمد جهاد المسئول العسكري في فتح والذي يعارض بالاساس عقد المؤتمر في ظل الاحتلال والغياب هؤلاء أصبح أبو مازن اللاعب الاساسي في فتح وبانتخاب لجنة مركزية جديدة يضمن عباس خروج القدومي من قيادة فتح وهذا سيمهد لعزله من مناصبه الأخري بما فيها عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئاسة الدائرة السياسية. ويبقي الحراك الذي تشهده الحركة وسط انعقاد المؤتمر والصراع علي قيادتها ففي حين يري البعض أن فتح لن تغير من نهجها وسياستها الحزبية ومن بينها الحق في المقاومة لتحرير الأرض كي تحافظ علي قاعدتها الشعبية توقع آخرون أن يتم تغيير البرنامج الحالي لأنه وضع في أوج الانتفاضة الأولي عام 1989. ورغم الاتفاق علي أن تتمسك الحركة ببرنامج المقاومة لتحقيق التحرر كضمانة رئيسية للابقاء علي مكانتها، يذهب البعض إلي التغيير الحقيقي قد لا يتحقق في المؤتمر الحالي مما يتطلب ابقاء الأمور علي حالها وهناك اجتهادات وآراء داخل الحركة حول هذا الأمر غير أن الرأي العام السائد يميل إلي الابقاء علي برنامجها الوطني العام في ضوء التعثر الواضح في مجمل الشأن الفلسطيني سواء داخليا أو خارجيا. الجميع يعول علي التغيير داخل حركة فتح بعد انعقاد المؤتمر السادس بسبب مجمل التغيرات الكبيرة التي حدثت في العشرين عاما الماضية والتي فصلت المؤتمر الخامس عن السادس بالاضافة إلي التطورات والانقلابات السياسية الضخمة التي حدثت بما في ذلك الوضع الفلسطيني وبالتالي لابد أن يراعي برنامج فتح في هذا المؤتمر هذه التغيرات خاصة وأن البرنامج السابق وضع في ذروة الانتفاضة الأولي عام 1989 وحدثت بعدها مجموعة تطورات خاصة اتفاقية أوسلو ومؤتمر مدريد كما أن فتح في ضوء هذه التغيرات لم تعد وحدها تتصدر قمة النظام السياسي الفلسطيني بعد الانقسام بين الضفة وغزة قبل عامين ويفرض هذا الظرف نفسه علي برنامج الحركة وتوجهاتها السياسية وغير السياسية مستقبلا وفي كل الاحوال فإن عدم مشاركة أبناء حركة فتح من غزة في المؤتمر وعلي الرغم من كل الاعتبارات السابقة يعتبر ضربة سياسية ووطنية لتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية لا يمكن أن يتقبلها قياديو الحركة في غزة بأي شكل من الاشكال ليس فقط من أجل تأمين أعداد للتصويت أو كوتة انتخابية بل لكونها جزءا رئيسا من العمل التنظيمي والسياسي وعدم حضورهم لابد أن يثير القلق لكل فلسطيني وفتحاوي مخلص!!