من الطبيعي أن تعمد إدارة أوباما إلي طرح مبدأ حل الدولتين خلال زيارة نتنياهو إلي البيت الأبيض في 18 مايو الحالي لا لشيء إلا لجس النبض وكرد للعتب ليس إلا، ولا شك أن نتنياهو الذي سبق له أن رفض حل الدولتين سيؤكد لأوباما رفضه للطرح وسيجدد ما سبق وقدمه كأحد شروط الإذعان المفروضة علي السلطة الفلسطينية ألا وهو الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل. وهو الأمر الذي سبق وأن رفضه عباس في السابع والعشرين من إبريل الماضي أثناء خطابه في مدينة رام الله. يمينية نتنياهو هل تتبدد؟ قد يراهن البعض علي أن نتنياهو لابد أن يستجيب لطرح السلام وأنه لا يمكن أن يظل متشبثا بيمينيته المتطرفة وانه لا يمكن أن يكون أكثر تطرفا من إسحاق شامير، أو من مناحم بيجن الذي وقع معاهدة السلام مع مصر، وأنه لابد أن يكون لديه الاستعداد المسبق لمواجهة حقيقية مع مجمل المشاكل المثارة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي وأن يكون لديه بالتبعية تفهم عميق للحاجة إلي مواجهة الموضوع السياسي حيث من الصعوبة بمكان بل من المستحيل أن يبقي الوضع في حالة شلل بلا حراك. ولهذا يتعين علي نتنياهو أن يحسم أمره حتي لا يفاجأ بحل آخر يفرض عليه ويجد نفسه مجبرا علي التعاطي معه مثل الطرح القائل بدولة واحدة لشعبين. وهو أمر تخشاه إسرائيل نظرا لما يشكله من خطر حقيقي بالنسبة لها. ..ويبقي الملف النووي الإيراني حاضراً مباحثات نتنياهو مع أوباما ستتركز في الأغلب علي الملف النووي الإيراني والخطر الذي يمثله وإمكانية وقفه خاصة مع تعذر حسمه من خلال شن هجمات عسكرية علي المنشآت النووية الإيرانية علي نحو ما حدث مع العراق عندما قصفت إسرائيل مفاعله النووي سنة ،81 بالقياس مع الفارق. وهو ما أكده إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي مؤخرا عندما تحدث عن أن مفاعل العراق النووي كان هدفا واحدا ومن ثم كان من السهل قصفه.. أما بالنسبة لإيران فالوضع مختلف كلية فإيران لديها منشآت نووية وتتعامل بصورة ذكية ومنهجية وبالتالي سيكون الوضع أكثر تعقيدا ولا يمكن لإسرائيل أن تغامر بالقيام بعملية عسكرية. تغيير في اللهجة لا في السياسة علي الرغم مما أورده تقرير أمريكي مؤخرا من أن إدارة أوباما بصدد تليين شروطها تجاه حماس وانها طلبت من الكونجرس إجراء تعديل علي القانون يسمح باستمرار تمرير مساعدات مالية إلي السلطة الفلسطينية حتي لو كانت حماس جزءا من حكومة وحدة وطنية شريطة أن تعترف الحكومة بإسرائيل وتنبذ العنف وتعترف بالاتفاقيات الموقعة إلا أن أمريكا حرصت علي تبديد مخاوف الكيان الصهيوني عندما أكدت لإسرائيل بأن الحديث لا يدور حول تغيير في السياسة وإنما تغيير في اللهجة المستخدمة تجاه حكومة الوحدة الفلسطينية. وعليه فلا يتوقع أن تطرح إدارة أوباما سياسة جديدة تختلف كلية عن سياسة إدارة بوش، فما يحدث الآن من تغيير لا يتعدي أسلوب المخاطبة واستخدام لغة لينة متسامحة. ولكن ليس هناك تغيير جوهري بشكل يدعو إلي التفاؤل الكامل بإدارة أوباما. علام استثناء سوريا من المفاوضات؟! ولعل ما يؤكد وجوب الحذر في التفاؤل الملامح التي عكسها التحرك الأمريكي تجاه سوريا وهو تحرك مازال يشوبه نوع من التردد وعدم اليقين. ولهذا يحق لسوريا أن تشعر بالاستياء لعدم دعوة رئيسها بشار الأسد للقاء أوباما علي غرار الدعوة التي وجهت لعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، وللرئيس المصري الرئيس حسني مبارك وللرئيس الفلسطيني عباس ولرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن جورج ميتشل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط لم يقم بزيارة سوريا في جولاته الثلاثة للمنطقة رغم أن السلام العادل والشامل لا ولن يتحقق دون تسوية علي المسار السوري وعليه يصبح من المتعذر استثناء سوريا من مفاوضات السلام.